رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ثقافة غائبة!


للحياة سنن لا تتبدل، والبقاء إلى ما لا نهاية ليس من طبائع البشر بل هي للإله الخالق وحده لا ينازعه فيها إنس ولا جان، ولا بدَّ من الاعتراف لا أقول بالفشل بل بأن التغيير من ضرورات الحياة، ومن السنن الكونية الحتمية.. وتلك للأسف ثقافة تكاد تكون غائبة في مجتمعاتنا؛ فدورة النجاح وتداوله بين الناس أمر حتمي؛ فالأب المؤسس لأي إمبراطورية اقتصادية أو حتى سياسية ناجحة مهما علا شأنها وذاع صيته لا بدَّ أن يسلم الراية يومًا لمن خلفه.. والأفضل له أن يسلمها طائعًا مختارًا لا مرغمًا مضطرًا بعوامل الزمن.. والنهايات الجميلة هي وحدها ما يخلد في ذاكرة الخلود والنجاح.


آفة مجتمعاتنا غياب ثقافة الاعتراف بالفشل، وامتلاك القدرة على تحديد اللحظة المناسبة زمنيًا للتوقف واعتزال المناصب والمراكز العليا في الرياضة والفن وغيرهما، والانتقال لموقع آخر يمكن العطاء فيه بصورة أفضل وطاقة وحيوية متجددة.. أما التأبيد في المواقع بل وتوريثها للأبناء فإنه يجلب الضعف والوهن للمجتمع، ويزرع الأحقاد والضغائن بين أفراده، ويقضي على تداول المناصب وتكافؤ الفرص، ويحرم المجتمع من مواهب حقيقية جرى حرمانها من حقها في الترقي وحرمان المجتمع من قدراتهم الفذة على الإبداع والتطوير..

وهو ما يجب أن نعترف بأنه كان سائدًا في عهود سابقة سمح دستورها بذلك، ونحمد الله أن دستورنا الحالي لا يسمح بمثل هذا في المناصب قاطبة من أعلاها ممثلًا في منصب الرئيس الذي جعل الدستور مدة رئاسته أربع سنوات، تُجدد لمرة واحدة، أي 8 سنوات بحد أقصى.. وقس على ذلك سائر المناصب سواء في الهيئات الكبيرة أو الجامعات أو القضاء أو الصحافة أو الوزارات والمحليات أو غيرها.

التغيير سنة الحياة وضرورتها.. والتأبيد تعطيل لهذه السنة التي أراد الله بها مداولة الأيام بين الناس، وضخ دماء جديدة في شرايين الحياة، وفتح الطريق أمام بناء كوادر جديدة من الصفوف الثاني والثالث والرابع إلى ما شاء الله، حتى لا نفاجأ يومًا بكثرة المعتذرين عن عدم قبول المناصب السياسية، رغم كثرة ما تزخر به مصر من كفاءات مطمورة لا تحتاج إلى جهد يذكر لمعرفة مكانها، بقدر ما تحتاج إلى عدالة في تصعيدها، وجدية في تدريبها وتوظيف ملكاتها وصولا بالمجتمع نحو الغاية المنشودة.
Advertisements
الجريدة الرسمية