رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل استمرار وضع اليد يمنح حق تملك الأرض؟


وضع اليد على أراضي أملاك الدولة يصاحبه التزام من الدولة مالكة تلك الأراضي بتحصيل مقابل الانتفاع من واضعي اليد عن المدة التي أقاموا فيها بهذه الصفة، منتفعين بتلك الأراضي حتى يكونوا مستأجرين للأراضي طوال مدة حيازتهم، بدلًا من اعتبارهم من مغتصبي أراضي الدولة طوال تلك المدة، لكونهم استفادوا من حيازتهم لأرض غير مملوكة لهم طوال مدة وضع اليد عليها، مما يتعين معه سداد مقابل عن هذا الانتفاع باعتباره حقًا من الحقوق المالية للدولة.


والقول بغير ذلك يؤدي إلى إهدار حق مالي للدولة، وإثراء واضع اليد دون سبب على حساب الدولة، وهو الأمر غير الجائز قانونًا، لأن استطالة مدة وضع اليد لا تكفي بذاتها لإنتاج حق ذاتي لواضع اليد يعفيه من سداد مقابل الانتفاع كحق مالي أصيل للدولة، ومن ثم لا خطأ على الدولة إن هي قررت وأصرت على تحصيل هذا المقابل حرصًا على الحقوق المالية للدولة.

ونعلم جميعًا أن بيع الأراضي المملوكة للدولة للبناء عليها كإحدى أدوات الدولة في التنمية العمرانية غاية تسعى إليها، لإعداد نمو عمراني متنامي وتنمية اجتماعية أفضل يتوافق فيها الأفراد والجهات الخاصة مع مقتضيات انتمائهم إلى وطنهم، وليتمكنوا في كنفها من المساهمة في النهضة العمرانية للبلاد.

فحق الجهة الإدارية على تلك الأراضي هو حق ملكية بكل روابطه ومقتضياته على نحو لا يسوغ طمس هذا الحق أو انتزاعه منها، ومن ثم إجبارها على المضي قدمًا في إجراءات تمليك لجهة ما وسلب إرادتها وثنيها لمصلحة صاحب الشأن، ودفعها دفعًا للتصرف له في الأرض المنشودة عنوة عنها في وقت انصبت فيه إرادتها وعقدت عزائمها على خلاف ذلك، وفقًا لسياسات تنموية بالتوافق مع موجبات قانونية صحيحة، فليس من الصالح العام في شيء إلزامها بسلوك سبيل يتنافى مع الخطط التي رصدتها لمستقبل الأرض التي تملكها ويتعارض مع مقتضياتها، إنما ينبغي دومًا المحافظة على سلطان الدولة على الأرض التي تهيمن عليها، وإتاحة المجال لها لتقرير مصائر الأراضي التي في جعبتها بالتوافق مع الأحكام والضوابط المرسومة لها في هذا الشأن، وبما يتماشى ومقتضيات المصلحة العامة.

ويتفرع عن ذلك أن وضع يد الأفراد والجهات على الأراضي لا يولد لهم حقًا مباشرًا على الأرض وضع يدهم حتى وإن استطال أمد وضع يدهم سنيين عددًا، وقاموا بسداد مقابل انتفاع عن وضع يدهم، إذ لا ينشأ عن هذا المقابل أي حق على الأرض بحسبانه محض مقابل مادي يؤدي من قبل واضعي اليد نظير استغلالهم للأرض، وبالتالي يبقى مركزهم في نطاق وضع اليد ولا يتجاوزه إلى إنتاج حق بتملك الأرض وإلزام الجهة الإدارية بذلك.

وكل ما يبدر من الدولة من إجراءات أو معاينات تقوم بها بمناسبة تقديم طلب التملك من واضعي اليد على الأرض أو حتى من غيرهم لا ينشأ لهم حقوق أيضًا في التملك، بل تبقى هذه المسألة في طور الإجراءات التحضيرية والترتيبات التمهيدية التي لا تكون بديلًا عن قرار صريح من السلطة المختصة بالجهة الإدارية مكتملًا أركانه وموجباته بالموافقة على التملك.. وللحـديـث بـقـيـة.
Advertisements
الجريدة الرسمية