رئيس التحرير
عصام كامل

نموت نموت ويحيا الوطن


الوطن ليس مجرد قطعة من تراب، وليس مجرد شعار يرفعه بعض هؤلاء المتكسبين منه، وليس هو ذاك المكان والحيز الذي يعيش فيه الإنسان، وليس هو تلك الأحلام الهاربة والفرص الضائعة في حياة الكثيرين.. الوطن هو ذاك الجزء من المشاعر التي يكنها كل منا لهذه الأرض الطيبة التي نعيش عليها..


هو جزء من ذكريات الطفولة، وأحلام الشباب، هو هذا العالم الأول الذي استقبلنا بكل ما فيه من خير وصدق وعدل، هو ذاك العالم الطفولي والحلم الوردي الذي نحياه جميعا في مثل هذه السن، هو ذاك القلب الكبير الذي يحتمل الجميع، هو ذاك الوعاء الذي احتمل مراهقات أيام الصبا والتجاذبات الفكرية في مرحلة الشباب، هو ذاك الجزء الذي يعطي ولا يزال يعطي، ويكافئ أبناءه مهما اختلفت مشاربهم وتنوعت أساليبهم، فهو الحاضنة للجميع.

الوطن قد يقسو على بعض أبنائه- رغم محبته له ومحبتهم له- لكنه يفعل ذلك كما يقسو الأب على أبنائه من أجل مصلحتهم، وقد يبدد بعض أحلامهم، لكنه أبدا لا ينساهم، بل يظل هو الحارس الأمين على مستقبلهم الراعي لشئونهم، فهو كالأم الرءوم التي تسهر على راحة أبنائها، وهو القلب الحنون الذي يتسع للجميع، وهو ذاك الشعور الذي ينتاب الشخص الذي يبتعد عنه قليلا للعمل أو الدراسة، هو ذاك الألم الذي يشعر به من فقد أباه، أو غيب أمه الموت.

الوطن هو الأب والأخت والأم والجد والجدة، الوطن هو الزوج والزوجة، هو الأمن والسكن، هو الطمأنينة والحنان، هو تلك الأيدي التي تمتد إليك لتنقذك وقت الغرق، وترفعك حين السقوط، هو ذاك الحلم والأمل الذي يكبر معك.

الوطن هو أبناؤك الذين تخاف عليهم، وتسهر على راحتهم، هو ذاك الجزء غير المرئي الذي لا تراه، ولكن تشعر به، الوطن هو تلك النعمة التي أنعم الله به عليك فرحت تقيدها بالشكر، وتعرف حقها بالعمل، ومن أجل ذلك كله نموت نموت ويحيا الوطن.
الجريدة الرسمية