حسام زكي: أمريكا تمارس سياسة تصفية القضية الفلسطينية
قال حسام زكى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إن القضية الفلسطينية تمرُ بواحدٍ من تلك المُنعطفات الصعبة والتاريخية. وعلينا جميعًا، عربًا وفلسطينيين، شعوبًا وقياداتٍ، نخبًا ومثقفين، أن نكون على قدر هذه المسئولية التي تفرضها علينا اللحظة، وأن تأتي استجابتنا في مستوى التحدي الذي يواجهنا.
وقال خلال كلمته أمام المؤتمر 11 لمؤسسة ياسر عرفات نيابة عن أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية إن الموقف صار واضحًا تمامًا. ثمة محاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من محتواها الوطني والإنساني. نحن لا نتحدث عن حدث معزول أو تطور عارض، وإنما عن سياسة ممنهجة اتبعها للأسف الطرف الذي يُفترض فيه الاضطلاع بدور الوساطة النزيهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف: إن القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم الإعلان منذ أيام عن اعتزام الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى المدينة المحتلة في مايو القادم، تزامنًا مع الذكرى السبعين للنكبة.. يعكس انحيازًا كاملًا للطرف الإسرائيلي، وغياب أي قراءة منصفة لطبيعة وتاريخ النزاع القائم في المنطقة منذ عقود.
ورمز على أن هذا القرار يُمثل الحلقة الأخطر في سلسلة متواصلة من الإجراءات والقرارات تصب كلها في اتجاه فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، وإجبارهم على التنازل عن الثوابت الجوهرية للمشروع الوطني الفلسطيني، وفي القلب منه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة. والهدف واضحٌ، ولم يخفه أركان الإدارة الأمريكية ذاتها الذين تحدثوا عن إزاحة قضايا القدس واللاجئين من طاولة التفاوض. علامَ يكون التفاوض إذًا؟ وأي معنى يبقى لقضايا الحل النهائي إن لم يكن من بينها ملفا القدس واللاجئين؟
وشدد على إن الموقف الفلسطيني حيال هذه السياسة الأمريكية غير الرشيدة هو أبعد ما يكون عن المزايدة أو التطرف. حيث أعرب الرئيس أبومازن عن استعداده للتفاوض، على أساس المرجعيات المعروفة للعملية السلمية كما تجسدها القرارات الدولية وكما رسم مسارها اتفاق أوسلو. أما الحلول الجزئية والمؤقتة فهي مرفوضة جملة وتفصيلًا.. شكلًا ومضمونًا. وأما محاولات التمهيد لتفريغ القضية من محتواها عبر إجراءات مثل نقل السفارة الأمريكية للقدس أو تقليص دعم الأونروا – توطئة للقضاء عليها- فلن يكون من شأنها سوى عزل الطرف الذي يحاول تمريرها وفرضها على الشعب الفلسطيني، ومن ثمَّ تعطيل المسار السلمي وتجميده.
وشدد على أن إن الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط هو مسئولية عالمية، وليست هناك قضية أكثر التصاقًا بأمن المنطقة وتأثيرًا فيه من القضية الفلسطينية. وعليه، فإن من حقنا، بل من واجبنا، التفكير في بدائل لتحريك مسار سياسي يُفضي إلى إنهاء الاحتلال المستمر منذ سبعين عامًا، وينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. لا نريد استباق الأحداث، ولكننا نضم صوتنا إلى صوت الرئيس أبومازن في مطالبة المجتمع الدولي بالتفكير في آلية دولية متعددة الأطراف، تضم كافة القوى الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة، تنبثق عن مؤتمر دولي يُعقد منتصف العام الجاري، ويلتزم الأسس المرجعية لعملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، ويضع إطارًا زمنيًا محددًا لمفاوضات الحل النهائي.
وأضاف: لم نكن في أي وقت أحوج من استذكار وتدبر إرث الرئيس الشهيد ياسر عرفات مما نحن الآن، ذلك أن اللحظة الحالية هي لحظة صمود واستمساك بالثوابت الوطنية ودفاع عن جوهر القضية التي من أجلها عاش ومات عرفات. وما من شكٍ في أن كل جهدٍ تقوم به مؤسسة عرفات من أجل الحفاظ على سيرة القائد المؤسس ونشر الوعي بها بين الأجيال الجديدة.. هو جهد تشتد إليه الحاجة اليوم. فالشعب الفلسطيني، ومن ورائه الشعوب العربية جميعًا، تحتاج إلى ما ينعش ذاكرتها ويكرس وعيها بذاتها ويحفزها على الدفاع عن مُقدساتها وثوابتها الوطنية والإنسانية. كل التحية والتقدير لما تبذله هذه المؤسسة من صيانة للتاريخ انتصارًا للحاضر والمستقبل بإذن الله.
