رئيس التحرير
عصام كامل

«ست بـ 100 رجل».. أول سائقة ميكروباص في قنا (فيديو وصور)

فيتو

لم تترك المرأة بالصعيد العادات حائلا نحو تفوقها في مختلف المجالات، وفي قنا تقف المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل شريكة له، بل وأحيانا تدخل معه منافسة قوية.. وهكذا بدأت سناء البالغة من العمر 50 عاما تحمل مسئوليتها نحو خمسة أبناء، فلم تعد تكتف بالعمل مهندسة زراعية في مديرية الزراعة بل قررت اللجوء لعمل إضافي لها كسائق ميكروباص.


شاء القدر أن تقوم "سناء" بدور الأب والأم في آن واحد فبعدما رحل عنها زوجها عام 2007 قررت تحمل مسئوليتها نحو حياة كريمة لأبنائها وهم محمد وأحمد وثلاث بنات هن مها ومني وهبة، وتحملت زواج بنتين وابن منهم وانتهى زواج إحدى بنتيها بالطلاق، لتقرر تحمل مسئولية أحفادها أيضا.

تقول "سناء": «عملت بمهن عديدة لدرجة أنني كنت أحمل الخضر والفاكهة على كتفي لأوفر ربع جنيه في الشادر وأحمل شيكارة البطاطس لتوفير 50 قرشًا هي أجرة الشيال، وأنا أيضا موظفة بمديرية الزراعة»، مشيرة إلى أن مؤهلها كان دبلوم زراعة وأكملت تعليمها إلى أن تخرجت في معهد التعاون الزراعي.

أصيب زوج سناء بإعياء شديد وهو ما دفعها إلى البيع والشراء لتوفير علاج تكلف أموالا باهظة على مدار 11 عامًا إلى أن توفاه الله، وظلت تفكر في العمل كسائق سيارة بيجو وبعدها فكرت في شراء سيارة ميكروباص لتوفير دخل لأسرتها.

وأضافت: عقب وفاة زوجي الذي دربني على قيادة السيارات دون أن يدري ما يحمله القدر لي اشتريت السيارة بالتقسيط وسلمتها لسائق لكن لم تسر الأمور على ما يرام، فقررت العمل على السيارة بنفسي.. وفي البداية واجهت صعوبات أمام رفض السائقين عملي ولكن بصبري بدأوا مساعدتي وتغيروا في المعاملة".

واستكملت سناء: كنت في البداية أعمل على خط الجامعة وكان الطالبات أكثر سعادة بذلك وجميعهن كان يطلب رقم هاتفي لشعورهن معي بالأمان، ثم عملت على خط قوص – قنا وفي نهاية الأمر خط قنا- إسنا برحلتين 260 كيلو مترا ذهابا وإيابا.. ولكن أكل العيش يحتاج للصبر والكفاح وربنا يدينا الصحة وكل أمنيتي الآن حج بيت الله الحرام».

رحلة "الميكروباص"
"فيتو" استقلت السيارة مع "سناء منذ الساعة الثامنة صباحا وهي تنظف السيارة حتى وصلت إلى موقف قنا ظللنا نحو ساعة ننتظر تحميل السيارة وفجأة وجد الركاب أن قائد السيارة "سناء"، الجميع استغرب الأمر في البداية ولكن ما أن بدأت السير في الطريق الصحراوي وبدأ الجميع في الاستغراق في النوم وتركوا الأمر لله إلى أن دخلوا على أول كمين.

الرخص
ضابط المرور "الرخصة فين يا حاجة".. تخرج سناء رخصتها وتجد الضابط فجأة يقول لها "أول مرة أصادف ده في حياتي.. ولكن ربنا يعينك يا حاجة على اللي إنتي فيه"، وتنطلق "سناء في الطريق مرة أخرى إلى أن وصلنا نقطة مرور فاصلة بين قنا والأقصر، ويوقفها كمين آخر، الجميع يردد لها دعاء واحد: "ربنا معاكي".

وبعد الوصول إلى مشارف إسنا ينزل أحد الركاب ولا يريد سوي دفع أجرة له فقط دون ابنته، فتنزل "سناء" وتقول له "أنت راكب من الأول على أساس أنت وبنتك" فيتدخل المارة وأمناء شرطة بمرور إسنا لإنهاء المشكلة ويقفون إلى جوارها والجميع "اركبي ياحاجة عربيتك.. ربنا معاكي.. وكلنا إخوتك..متخافيش من أي حاجة "إلى أن وصلنا إلى موقف إسنا.

تحية احترام
الجميع هناك عندما تدخل إلى الموقف يعطيها دوره إلى أن امتلأت السيارة.. إلا أن أهل الأقصر لم يستغربوا "سناء" والجميع وقف لها تحية تقدير واحترام إلى أن غادرنا إسنا متوجهين إلى قنا، وأثناء العودة تجد الجميع يشجعها من قائدي السيارات المقابلة لها وزملائها يقفون معها أثناء "تحميل الميكروباص" وربط الأمتعة إلى أن عدنا للموقف مرة أخرى لتنزل الركاب والجميع يقول لها "الله ينور عليكي يا حاجة ".

تذهب إلى السوق لتشتري بعض الخضراوات والفاكهة لتنتهي رحلة اليوم مع "سناء غريب"، وهي تقول "ادعوا لي ربنا يكرمني وأقدر أتحمل وأكمل.
الجريدة الرسمية