رئيس التحرير
عصام كامل

الأطباء والمرضى ضحايا نقص المستلزمات وتوقف الخدمات بالمستشفيات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
18 حجم الخط

تسبب القبض على الدكتور محمود ناصر طبيب العظام بمستشفي الزقازيق الجامعي، وحبسه بعد تقدم أحد المرضى بشكوى ضده في الرقابة الإدارية بتهمة التربح بعد أن طلب منه شراء بعض المستلزمات الطبية الناقصة بالمستشفى من الخارج ما تسبب في أزمة كبري بالوسط الطبي حاليا.


وفتحت تلك الأزمة باب الجدل حول معاناة المريض المصري الذي لا يزال يئن في الحصول على الخدمة الطبية بجميع المستشفيات سواء التابعة لوزارة التعليم العالي من خلال المستشفيات الجامعية البالغ عددها ما يقرب من 81 مستشفى أو من خلال 700 مستشفى تابعة لوزارة الصحة مثلما اعتاد طوال سنوات ماضية.

منذ عام مضى بعد تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار تأثرت جميع الخدمات الطبية وارتفعت جميع أسعار المستلزمات الطبية خاصة وأنها غير خاضعة للتسعير الجبري ما أدى إلى تأثر الشركات التي تستورد تلك المستلزمات لأن غالبيتها يتم استيراده من خارج مصر من دول أوروبا وأمريكا بالدولار.

وبعد ارتفاع الأسعار والتكلفة على الشركات وهي مرتبطة بعقود توريد وفقا لمناقصات مع المستشفيات سواء التابعة لوزارة الصحة أو الجامعية اصبح الأمر يسبب خسارة على الشركات في حالة توريد المستلزمات بنفس سعر العقود مما يحملها خسائر فادحة الأمر الذي أدى إلى توقف الشركات عن التوريد منعا للخسارة، وترتب على ذلك تعطل المستشفيات، وطول قوائم انتظار العمليات الجراحية التي تحتاج إلى مستلزمات في كل التخصصات الطبية منها على سبيل المثال الدعامات للقلب أو القساطر أو الصمامات أو منظمات ضربات القلب أو الشرائح والمسامير في تخصص جراحة العظام وغيرهم.


وأصبحت المستشفيات في حيرة من أمرها بين أن تؤجل الجراحات لعدم وجود مستلزمات وسط أنين المرضى فمنهم من ينتظر ومنهم يتوفي غير قادر على الانتظار.

وأصبح وضع الأطباء بين شقي الرحي خاصة مع نقص الأدوية والمستلزمات فالطبيب النوبتجي في المستشفى بقسم الطوارئ والاستقبال يأتي إليه المرضي من كل مكان بحالات متنوعة تحتاج لعلاجها أدوية وهي غير متوفرة في المستشفي الأمر الذي يضطر الطبيب أن يكتب تلك الادوية في ورقة لأهل المريض يشترونها من الصيدليات لكي يسعف مريضهم.

الأمر لا يختلف في الجراحات فمثلا جراحة تركيب منظم كهربائي للقلب أو تركيب مسمار وتلك المستلزمات غير موجودة يلجأ الطبيب أما لـتأجيل الجراحة لحين توفير المستلزم أو في حالة خطورة الحالة يطلب الطبيب من أهل المريض شراء المستلزم من الشركة المستوردة له لسرعة إجراء الجراحة.


وفي تلك الحالة تعتبر الرقابة الأدارية ما يفعله الطبيب تربح وفساد وأمر غير قانوني أن يجعل المريض يشتري المستلزم من الخارج ويتعرض الطبيب للمسائلة القانونية.

وفي تلك الحالة نظرا لأن ذلك الوضع هو السائد في كل المستشفيات بجميع أنحاء الجمهورية وأي طبيب أصبح معرض للحبس والمسائلة القانونية، اتخذ مديري المستشفيات ورؤساء الاقسام بالمستشفيات خاصة الجامعية قرار بمنع توفير أي مستلزم أو دواء من خارج المستشفي والعمل به والاكتفاء بما يتوفر داخل المستشفى، الأمر الذي هدد بتوقف كل الجراحات لعدم وجود مستلزمات ويضع المرضي في صدام مع الأطباء والمستشفيات والاعتداء عليهم وكلا منهم ضحية لسوء وتدهور وضع المنظومة الطبية.

وبالنسبة لقرارات العلاج على نفقة الدولة التي توفرها الدولة للفقراء ممن ليس لهم القدرة على العلاج على نفقتهم الخاصة لها أكواد علاجية محددة بقيمة مالية ثابته منذ سنوات فعلى سبيل المثال تجري عملية الدعامة بــ10 آلاف جنيه منذ سنوات ومع تعويم الجنيه وزيادة تكلفة الخدمة اصبحت قيمة القرار لا تغطي الخدمة فلا تورد الشركات المستلزم للمستشفي وتؤجل العمليات فتطلب المستشفي من المريض أن يدفع فارق التكلفة الفعلية والقرار فيصبح 4 أو 5 آلاف جنيها حسب كل مستشفى إلا أنه مؤخرا قامت المجالس الطبية المتخصصة بتعديل تلك الاكواد لزيادة المبالغ المخصصة لها لمنع دفع المرضي أموال.

المريض في النهاية هو الخاسر في تلك المعركة وليس أمامه إلا ممارسة حقه الدستوري والقانوني فالعلاج حق مكفول لكل مواطن وأن يحرر محضر في قسم الشرطة التابع له المستشفى ويرفع قضية لكي يحصل على العلاج ربما بعد الحكم فيها يكون قد مات المريض دون الحصول على العلاج.
الجريدة الرسمية