رئيس التحرير
عصام كامل

«شخصية هستيرية».. محاولة لفهم تحولات أحمد الفيشاوي

فيتو

«أحمد الفيشاوي صاحب قلب أبيض، لكن أنا دائما أقول إن المجتمعات إما تخلي المذنب يتمادى في ذنبه أو تجعله يتخلى عنه، والمجتمع لم يرحم أحمد يوما، تعاملوا معه بلا رحمة، فارتد عنهم وصار كما ترونه الآن».


هذه هي كلمات الداعية الإسلامي أحمد الشقيري عن أحمد الفيشاوي؛ هو يعرفه أكثر من الجميع، اقترب منه في فترات مبكرة من حياته، قدما برنامجا دينيا ثم افترقا؛ استمر الأول في طريقه، بينما انطلق الثاني في طريق آخر، يظهر كل فترة بشخصية جديدة، بـ«نيولوك جديد»، بجدل مثير، يتخبط ويشتبك، يقاوم ويستسلم، يؤمن ثم لا يؤمن، ينكر ثم يعترف، يخطئ ثم يعتذر، تنحصر الأضواء عليه ثم تعود مجددا، وحتى الآن لا يعرف «الفيشاوي» كما قال في لقاء التليفزيوني «كيف ستكون نهايته؟.. ومتى يستقر؟».

الداعية أحمد الشقيري يحاول أن يفسر فيقول في لقاء عبر قناة روتانا خليجية: «بعد حادثة أحمد الفيشاوي مع زوجته هند الحناوي، جاءني، فحضنني وجلس يبكي بشدة، قال لي إنه يشعر بوحدة شديدة، لا أحد معه، لا أحد يقف بجانبه في أزمته، لم يرحمه إنسان، تفاعل المجتمع معه كان خاطئا، كان يكلم بعض الدعاة والشيوخ ولا أحد يرد عليه، لم يجد من يضمه ويحتويه، إلا الوسط الفني الذي فتح ذراعيه له، وقال له: تفضل».

ربما أزمة أحمد الفيشاوي تبدأ من هنا، تحولاته من النقيض إلى النقيض بين كل فترة وأخرى، يقف وراءها شيء عميق، هذا الشيء داخل أحمد وحده، أشار إليه «الشقيري» من بعيد.

يعترف «الفيشاوي» في لقاء له، أنه عاش طفولته في أحد بارات الفنادق الشهيرة، وسط الأجانب يلعب البلياردو ويشرب الخمر، كان عمره 13 عاما، لم يعش عمره كأي طفل، أمه نفسها، الفنانة سمية الألفي في لقاء لها على قناة الحياة، قالت إن انفصالها عن فاروق الفيشاوي، لم يكن في صالح ابنهما الوحيد، لأنه عاش وحده تائها، متمردا، يعتنق أفكارا غريبة ثم يتركها ويتحول لشخص آخر، ينضم لتيارات دينية ثم يحترف التمثيل، يترك التمثيل ثم يغني ويذهب للإخراج، ويعود مجددا للتمثيل، يحب فتاة ثم يدخل في علاقات أخرى، فهو يعشق النساء مثل أبيه، هكذا قالت سمية.

كانت سمية وفاروق في عالم آخر، كل منهما له حياته الخاصة، خاصة في فترة من الفترات عندما أصيبت بمرض نادر، وحين أدمن الأب المخدرات والعلاقات النسائية، بينما الابن لا استقرار ولا احتواء ولا أحد يعلم ماذا يفعل أو ماذا لا يفعل.

سمية الألفي قالت في برنامج «100 سؤال»، إن ابنها كان على وشك الدخول في مرحلة إدمان المخدرات، لكنه لحق نفسه بنفسه، هو نفسه اعترف في لقاء له على قناة «دويتش فيله» الألمانية: «أنا أدمنت كل شيء، ضربت كل حاجة ما عدا الهيروين وحاليا أشرب الخمر فقط».

لكن السؤال هنا، ما الذي يدفع الإنسان أن يتقلب بين كل هذه التحولات والاتجاهات بهذه السرعة؟ علم النفس يجيب على هذا السؤال، والإجابة هي أن أحمد الفيشاوي شخص مصاب بالهستيريا.

والهستيريا ليست الجنون كما يفهمها عامة الناس، ولكنها الهروب من صراعات داخلية، قلق، توتر، ألم نفسي، عبر اعتناق الإنسان لشخصيات أخرى لا تمثله.

لقد صده الدعاة عندما أراد أن يعود، قفلوا باب التوبة في وجهه، وهذه هي مشكلتنا، نقول إن ديننا دين الرحمة والتوبة مفتوحة، لكننا لا نفعل ذلك على أرض الواقع، ولا نؤمن بمبدأ العودة، وهذا يحتمل أنه سبب لأحمد الفيشاوي ألما نفسيا، أو لنقل اهتزازا في عقيدته وفي كل ما يؤمن، فارتد تماما إلى شخص آخر، لا يخلو داخله من صراعات بين ما آمن به في طفولته وبين هويته الحقيقية وانبهاره بالغرب وحياته التي فرضت نفسها عليه الآن.

الشخصية الهستيرية، بحسب ما تذكره لنا الدراسات النفسية، هي شخصية محبة للاستعراض ولفت الانتباه دائما، وتهتم بمظهرها الجسدي، فضلا عن المبالغة في طريقة التحدث ولفت الأنظار بحركات مسرحية، وهو ما يتميز به أحمد الفيشاوي؛ إذ في كل ظهور له يتعمد المبالغة «والهيبرة» وإثارة الجدل والقيام بتصرفات غريبة عنه، ما يجعل الناس يتهمونه بأنه مخمور لكنها في الحقيقة أعراض الشخصية الهستيرية.

يقول أيضا علم النفس عن الشخصية الهستيرية، إن الإنسان يصاب بهذه الحالة المرضية بسبب ضغوط كثيرة في حياته، ومن أعراضها هي حركة بعض العضلات في جسده، أو رجفة في عضلات الوجه لا يستطيع السيطرة عليها، وهو ما يمكن أن نلاحظه في أحمد الفيشاوي في لقاءاته الأخيرة؛ إذ نرى أثناء تحدثه رجفة في عضلات وجهه وهو يتكلم وكأنها صارت «لازمة» معه.

أحمد الفيشاوي بحسب ما يذكره المقربون، شخص حساس جدا، وكما قال «الشقيري» إنه صاحب قلب أبيض، أحمد نفسه يقول عن نفسه إنه بحكم موهبته وعمله كممثل يتأثر وينفعل سريعا وعندما يسمع أن فلانا مات، يتوتر ويحزن، وهي نفس سمات الشخصية الهستيرية.
الجريدة الرسمية