رئيس التحرير
عصام كامل

موسم اعتزال الهِشِّك بِشِّك!


والله كُنت أفكِّر في هذا الأمر، قبل أن اقرأ عن قيام الزميل الناقد الفني (طارق الشناوي) بذكره على الهواء لأحد البرامج، إذ أكد أن ظاهرة اعتزال عدد من فنانات الرقص الشرقي مؤخرًا بعد وفاة زميلتهم(غزل) الله يرحمها ويبشبش الطوبة اللي تحت راسها، غصب عن أي نطع عديم الأخلاق أو الرحمة، هي ظاهرة قد يكون لها علاقة بمحاولة استغلال الموقف، وتحقيق شهرة إضافية عن طريق تسليط الأضواء عليهن!


يعنى باختصار- والكلام هنا بتاع العبد لله ليحصُل كل واحد على حقه- إن الرقاصة من دول تتسلَّط عليها أضواء إضافية، وتجرى وراها البرامج، ويلهث الصحافيون، وتنطلق صفحات فيس بوك مطالبة إياها بألا تحرمنا من طلِّتها البهية، ولا تتركنا نعاني في صحراء قاحلة لا نساء فيها ولا ماء، وكيف تصير الحياة ناشفة حاشفة بعد اعتزال مَن تمنحن الحياة فرحًا إضافيًا وليونة ضرورية؟ وطبعًا الرقاصة من دول ستكون رقيقة القلب والمشاعر، وتتهزّ بقى-فكريًا مش جسديًا هذه المرَّة- وتتراجع عن الاعتزال، وتلاقيها تاني يوم مكسَّرة الدُنيا هزّ ورَج وجَرى ع السلالم والترابيزات في فرح أو حفل، بينما الزغاريد والأغانى ومبروك عليكي عريسِك الخفَّة، وما تزوقيني يا ماما أوام يا ماما، وآه يا واد يا ولعة خَدها ونزل الترعة، تصدح معها لترقص بزيادة بينما انزاحت الغمَّة، واتنست المرحومة تمامًا!

بالمُناسبة.. كُنت حزينًا على (غزل) وما آل إليه شبابها، خاصةً وأنها توفيت جرَّاء إهمال طبي مُعتاد في بلدنا، هُما دكاترة مصر فاضيين للطب والعلاج؟ كفاية علينا الاعتصامات والتهديدات والزعل والامتناع عن العمل والإضراب، والمطالبة برفع الراتب كُل يوم عن اليوم اللي قبله، وطبعًا ملايكة الرحمة من الممرضات وحُراس السلامة من الممرضين لما بيشوفوا الأطباء بيعملوا كده، لازم يقلدوهم هُما كمان، وندخُل في دوشة بدل العدوى، وبدل الانتقال، وبدل الشَك بالحُقنة أو بدل بعض الشك إثم، وعلى رأى المثل إذا كان الطبيب رب المستشفى بالدُف ضاربٌ فشيمة مَن في حُجرة العمليات الرقص، وخصوصًا "وهُما متأثرين بالحالة اللي بين إيديهم طبعًا"، الله يرحمها ويجازيهم بما يستحقوا!

في كُل الأحوال منقدرش نعيش من غير رقص وبهجة وهِشِّك بِشِّك، وإن كان ذلك لا يقتصر فقط على الراقصات- اللي فوق راسنا- وإنما يمتد لإعلاميين وسياسيين ونجوم مُجتمع، يا سلام لو دول بجد اللي يعتزلوا، ستكون الدُنيا بلا شك أفضل، خصوصًا بعد ما نتخلَّص من مواقفهم المايعة، والمُتاجرة، واللي بتلِم النُقطة، وشووووبش، ورَقص الرجالة- أجارَك الله قبيح ومُقزز- لكنه في السياسة أكثر مسخرة من رقص الستات، خصوصًا المُنشق البلاستيك اسمه إيه المشهور بالرقص على السلالم، اللي هو ساعات يعادي الجماعة بتاعته ويخاصمها، وساعات يبقوا زي السمن ع البدنجان الأسود، اللي هو كان مُعترف إن 30 يونيو ثورة لكن 3 يوليو انقلاب، أكيد إنت عرفته يا راجل، الله "يفتح" عليك!

هذه النوعية من الأشخاص لو اعتزلت، وأخدت معاها نماذج مُقززة -زيَّها- من المجاري التي انفجرت في وجوهنا بعد ثورة يناير الله يسامح مَن ركبوها وسرقوها ونهبوها، سيكون حالنا كمُجتمع أفضل، خصوصًا وأن مُعظمهم بالفعل يُجبَر على الانسحاب من الساحة جارًا بين فخذيه أذيال الخيبة مُنذ فترة، زيُّه زي أي رقاصة كبرت وكرمشت وأصبحت تجني سخرية من الجمهور أكثر مما تجني إعجابًا أو لهاثًا على هزَّة أو تمييلة، تحب تسمع أسماء؟ راجع إنت بس الأشكال اللي كانت بتطلع على كُل القنوات من أول دريم والمحور وسي بي سي والحياة، لحاااد دلع ونواعم وإنت تعرف، حاكم مفيش فرق بينهم!

يا سلام لو تتحقق هذه الأمنية، ويعتزل ساسة الهشِّك بشِّك، ومعهم إعلاميو الهشِّك بشِّك، ونشطاء الهشِّك بشِّك، خصوصًا اللي بيلاعبوا صوابعهم بقلة أدب، البلد وقتها هاتبقى أنضف كتير، واحد يقول لي لكن الراقصات لن يعتزلن كما أشرت بعاليه، أقول له طبعًا، لكن مين قال إن الرقاصة اللي بتهز في الفرح أو الكباريه فيه منها ضرر؟ يا عزيزي الرقاصة اللي بتهز في الكباريه أو الشادر، أحسن وأشرف من الرقاصة اللي بتهز في الاستوديو أو الميدان أو قاعات المحاكم.. ومع الاعتذار لرواية أستاذنا الراحل (إحسان عبد القدوس)، فإن الراقصة الراقصة أكيد أحسن وأشرف من الراقصة السياسي، أو السياسي الراقصة، زي ما تقول قول!
الجريدة الرسمية