الصبر والانتظار مسليات العمال في نهار رمضان «تقرير مصور»
حرارة الشمس لا تحتمل، تبلغ ذروتها بعد الظهر، لحين تحل النسمات الأولى من نسائم "العصرية"، وجوههم تتراكم عليها حبات العرق، الذي يسري من جبينهم لجميع أنحاء الوجه، ظروفهم مختلفة، وكذلك بيئتهم وفئاتهم العمرية والمجتمعية، لكن ما جمعهم هو الشعار الذي رفعوه وجعلوه المدد والعون لهم طوال الثلاثين يوما الرمضانيين، وهو قول الله تعالى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا}.
"الصبر وعون ربنا اللي بيمشونا كدة"، بهذه الكلمات يتحدث محمد، أحد عمال النظافة المتجولين في شوارع الجيزة، يجر بيد جوال القمامة ومكنسته، وباليد الأخرى يزيل عن جبينه وعينيه الضيقتين العرق، الذي يتسارع على وجهه بغزارة، والممتزج بالغبار، مما يضفي على وجهه بعض الشحوب والانطفاء.
«بافطر في حدود الساعة 9 بالليل، أكون روحت بلدنا، علشان مبحبش موائد الرحمن»، يبدأ يومه الشاق بعد الظهر، ويستمر حتى الثامنة مساءً، فيكسر محمد صيامه بشربة ماء في أحد المساجد، حتى ينتهي من عمله، ويذهب إلى بيته.
المشهد ثابت لا يتغير، أيد تحمل أكياسا تحوي أطعمة وحلوى، تتناسب مع أجواء الشهر الفضيل، والأخرى تزيل العرق.
ووجوه تحمل هي الأخرى علامات التعب والإرهاق والرغبة المُلحة في الذهاب إلى المنزل، والنوم "تحت المروحة"، هكذا تتشابه وجوه الموظفين المصريين في أيام رمضان، وإن اختلفت الملامح، فالمظهر العام واحد، وما تخفيه تعبيرات الوجه واحدة.
من مصطفى صانع الخبز في مخبز سليمان جوهر، لأخوين يبيعان البطيخ بذات الشارع، الطفولة تتحدى حرارة الشمس، وشدة الجوع والعطش، فبيئتهم التي أجبرتهم على التحلي بصفات رجال كبار، جعلتهم أيضًا يتحملون الصيام لفترات طويلة.
مصطفى الذي يبلغ من العمر 16 عامًا، أول عهد له مع الصيام تناسب مع بداية عمله في المخبز؛ ليزيده الأمر تجلدًا وصبرًا على هواء المخبز المحمل بالحرارة غير المحتملة، والتي تبعث على النفور والرغبة الشديدة في الانصراف في أقرب وقت!
لسائقي الميكروباصات القسط الكافي من حرارة الشمس، تمتصها أجسادهم بشكل يومي، حتى ألفوا الأمر، لكن في رمضان يختلف الوضع عن باقي أيام السنة، فمنهم من يمررون الوقت بشتى الحيل الفكاهية، وآخرون سريعي الغضب والانفعال، تعكس عيونهم رغبة في خوض معركة "يتسلون بها في فترة الصيام!"
