رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. الحبل الشوكي والـ«20 دقيقة الذهبية» حصيلة جراح مصري في 23 سنة غربة

فيتو



إعجابه الشديد بالطبيب المعالج له منذ الصغر في أكثر الأماكن حساسية وخطورة بالجسم وهى جراحة العظام والعمود الفقري، وكذلك إصابته لأكثر من 4 مرات خلال ممارسته هوايته المفضلة لركوب الخيل في الصغر، كانت بمثابة الحافز له أن يصبح مثله منذ نعومة أظافره، لذلك قرر الالتحاق بكلية الطب جامعة عين شمس، وكان الأول على دفعته في التخرج، ليحصل محمد إبراهيم رشيد، على بكالوريوس الطب والجراحة، جامعة عين شمس في ديسمبر 1980م.

رحلة علم
بعد أن تخرج في طب جراحة العظام قرر أن يتخصص في أصعب التخصصات الدقيقة وأخطرها وهو تخصص"العمود الفقري"؛ لأن هذا التخصص كان العاملون به قلة في ذلك الوقت، مما جعله يحصل على أكثر من براءة اختراع منها "الفقرة الصناعية البديلة"، واختراع وسيلة لحماية أمان الحبل الشوكي.

دور الأب
لعبت الأسرة دورًا مهمًا في حياة محمد رشيد، فكان الأب دائم التحفيز لابنه بأن يكون له تأثير في مجاله، محفزًا ومشجعًا له باستمرار على ابتكار كل ما هو جديد في تخصصه، فيقول الدكتور محمد رشيد لـ«فيتو»: «والدي كان يقول في أي مجال جديد هدخل فيه إذا لم تضف له جديد يبقي مش مجالك»، فكانت تلك الكلمات بمثابة شرارة الانطلاق للابتكار التي جعلته يحرص على معرفة جميع المعوقات المتواجدة بالمجال، الذي سيتخصص به ليستطيع إضافة كل ما هو جديد في مجاله، فكان أول ابتكار له قام بتسجيله عام 1982 م بمساعدة الدكتور ممدوح حفني، الذي كان دائم التشجيع له وأولهم وتنمية موهبته على التفكير.





الداعمون له
فالمعلم هو صاحب رسالة مقدسة، ومربي للأجيال، لذلك لم تكن الأسرة وحدها هى من شكلت شخصية «رشيد» وتنميتها على روح الابتكار، فبعد الدكتور ممدوح حفني جاء الدكتور محمد الغوابي والذي كان دائمًا يقول له " أنا شايف إنك موهوب ولازم تسافر بالخارج لتجد لنا الجديد في مجالك" وكذلك الدكتور فاروق برج، بروفيسور يورج بوهلر، والذي كان لهم دور في مساعدته علي السفر للخارج للحصول على الدكتوراه من النمسا للتخصص في علاج الكسور وخلع الفقرات العنقية، وكذلك الدكتور أحمد السبكي، الدكتور أحمد الظاهر، وأسامة شطا.

"أنت جاي تتعلم مش عشان تبتكر"
«أنت جاي تتعلم مش عشان تبتكر» جملة أصبحت ترن في أذنيه منذ أن سمعها لتكون الدافع الأقوى والحافز له في الغربة للابتكار، والتحدي للإثبات أن أبناء العالم الثالث يبتكرون ويتعلمون، وقام بابتكار أول فقرة صناعية لدعم العمود الفقري على مستوى العالم، مما أدى إلى عرض الحكومة النمساوية الجنسية عليه هو وأسرته، مما جعله يشعر بالفخر كمصري عند حصوله على الجنسية.




واستغرقت الفقرة الصناعية البديلة عدة أسابيع حتى تم إنتاج النموذج الأول، مما جعله يطالب بتسجيل براءة الاختراع بمكتب براءات الابتكار النمساوي، وذلك تمهيدًا للبحث عن طريق المكتب العلمي المتخصص لدى الإدارة، للتأكد من عدم وجود براءة ابتكار مثيلة مسجلة على مستوى العالم، مما جعله يقوم بتجربتها عمليًا على جسم بكلية الطب الشرعي بالنمسا، وحصوله بعد 6 أشهر على براءة الابتكار.

فقرة رشيد «ابتكار أعاد الرياضيين للحياة»
وفقرة «رشيد» الصناعية عبارة عن تصنيع مسبق لمجموعة من الفقرات تناسب كل مقاسات الفقرات الطبيعية للإنسان من مادة التيتانيوم، وهو معدن تم استخدمه لأول مرة في سفن الفضاء ومخلق خامل لا يتفاعل مع جسم الإنسان وهو أخف من معدن الذهب وأقوى بعشر مرات من الصلب الذي لا يصدأ stainless steel ومزايا الفقرة الصناعية البديلة عديدة وتتفوق على العملية التقليدية، والتي يتم فيها استخدم رقعة عظيمة من العظام القشرية cortical bone مثل عظام الحوض أو الشظية، مع استخدام شريحة تثبيت أمام الفقرات منعًا لتزحزح الرقعة العظيمة.





وتشمل فقرة رشيد شرائح ثابتة بالجزأين العلوي والسفلي من الفقري ما يغني عن استخدام شرائح إضافية، كما أنها انزلاقية الجزأين المكونين للفقرة، ما يمكن من إطالتها أو تقصيرها حسب حجم الفقرة التي سيتم استبدالها، وتشكل الفقرة على صورة "قفص" أو Cage ما يشكل حماية مؤكدة للأعصاب والحبل الشوكي.




طوق النجاة
ويُعد ذلك الابتكار طوق النجاة الذي أعاد الرياضيين للحياة، فقد تم إجراء العديد من العمليات لعدد من الرياضيين المشهورين مثل الكابتن أدهم رمضان كابتن مصر في الجو دو، والكابتن باسل الغرباوي، والكابتن حاتم عبد الآخر، والكابتن أحمد الجمصي، والذين حصلوا على العديد من البطولات على مستوى العالم بعد إجراء العملية.




الحبل الشوكي والـ20 دقيقة الذهبية
بينما تقوم فكرة اختراع وسيلة أمان لحماية الحبل الشوكي، على "تصميم وسيلة آمنة لاستخدام الضغط السلبي Negative (Vacuum) Pressure، في حماية الحبل الشوكي والأعصاب من الإصابة نتيجة كسور - أو خلع - الفقرات العنقية، الناشئة عن الإصابات المختلفة للرقبة في حوادث الطرق أو إصابات الرياضة والملاعب، أو خلال العمليات العسكرية؛ وذلك عن طريق استخدام غطاء "خوذة" للرأس، يتم تثبيتها برأس المصاب باستخدام الضغط السلبي "الشفط"؛ ثم يتم "شد" الخوذة بوسائل متعددة، لكي ينتقل الشد إلى فقرات الرقبة المصابة؛ وبالتالي يتم "تثبيت" الفقرات في وضع يمنع تحركها، ما يسهل عملية نقل المصاب من موقع الحادث إلى المركز الطبي المتخصص، حتى يتم إجراء الفحوص الطبية والتشخيصية الضرورية؛ وذلك للوصول إلى التشخيص الدقيق للحالة، وتحديد خطة العلاج المناسبة، وتتم هذه العملية خلال 20 دقيقة والتي نسميها بـ20 دقيقة الذهبية.

250 ألف دولار
ويُعد الغرض من الابتكار هو حماية الحبل الشوكي والأعصاب من اﻹصابة المحتملة نتيجة كسور أو خلع الفقرات العنقية، نتيجة ما يطلق عليه"، عدم ثبات الفقرات" وذلك عن طريق استخدام" جهاز الشد" في "شد" الفقرات العنقية وبالتالي "تثبيتها" ومنع الضرر أو التلف الذي قد ينشأ نتيجة ضغط الفقرات المصابة على الحبل الشوكي واﻷعصاب، وذلك بطريقة آمنة تتجنب سلبيات الطرق التقليدية المستخدمة حاليًا في جميع أنحاء العالم، وهى عبارة عن استخدام "مسامير معدنية" خاصة يتم تثبيتها في عظام الطبقة الخارجية لجمجمة "رأس" المصاب، وربطها ببعض بطوق معدني ليتم "شد" الرأس باستخدام "حبل للشد" مع أوزان معدنية تتناسب مع الدرجة المطلوبة لتثبيت فقرات الرقبة حسب رقم الفقرة "أو الفقرات" المصابة؛ ما يؤدي بدوره إلى منع تحرك الفقرات بصورة تهدد الحبل الشوكي والأعصاب، مما قد ينشأ عنه ضرر جزئي أو كامل، تتدرج خطورته من الإصابة بالشلل الجزئي أو الرباعي إلى إمكانية حدوث "وفاة المصاب"، في حالة إصابة الفقرات العنقية الأولى والثانية، وذلك لقربها من مركز التنفس بجذر المخ.

وتكلفة التمويل الخاصة بالاختراع وصلت إلى 250 ألف دولار، أي المصاب الواحد سوف يتم معالجته بـ بقيمة 500 دولار، وسيتم علاج 1000 مريض بالمجان للمستشفيات والمراكز الطبية.


1800 ساعة
1800 ساعة عمليات وبرامج ومحاضرات، هى حصيلة محمد رشيد خلال مسيرته العلمية، قام "رشيد" بتسجيل منهج العمود الفقري بالكامل على حسابه الشخصي، والذي سيقوم بتحميله مجانا لطلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، مطالبًا وزارة التعليم العالي بالتواصل معه لاستفادة أكبر عدد من الطلاب من هذا المنهج، والذي سيوفر على الدولة ما يقرب من 14 مليار جنيه سنويًا تُدفع في الدروس الخصوصية على مستوى التعليم العالي.

وتمنى "رشيد" أن تتبنى الدولة أفكار المصريين المبتكرين، ورعاية صغار الباحثين لأنهم أمل مصر، مؤكدًا أن المصري يستطيع إثبات الكفاءة أينما ذهب.


الجريدة الرسمية