بالفيديو والصور.. «فيتو» داخل مشروع ترميم 102 ألف أسطوانة موسيقى بدار الكتب.. مقتنيات نادرة عمرها 150 عاما.. «تامر»: نهدف لإحياء التراث السمعي ونسير بجدول زمني.. «الضبع»:
جلّ مايمكنك تخيله عما تحويه دار الكتب والوثائق المصرية من مقتنيات، هو المخطوطات العتيقة والأطالس العالمية، وربما تتسع مخيلتك بعض الشئ لمقتنيات كبار الشخصيات المصرية في جميع الحقول سياسية كانت أو أدبية أو علمية، ولكن هل خطر في ذهنك الموسيقى؟ لا أعتقد !
لا لوم عليك! فحتى كاتبة هذه السطور لم تكن تعرف قبل أشهر بسيطة أن دار الكتب لديها مخزن كامل يحتوى على تراث موسيقى ضخم، يضاهي أكبر مكتبات العالم الموسيقية، وربما يزيد عنها في ندرة عدد كبير من الأسطوانات الموجودة داخله، قبعت تلك الأسطوانات لسنوات عدة في غرفة لا يصلها ضوء الشمس، ولا يزورها امرؤ قط، وحده النسيان كان يخيم حولها ويضمها إلى كنفه.
نفض الغبار
وعلى امتداد السنوات الماضية، تبدلت الشخوص التي تولت إدارة دار الكتب، منهم من تذكر ذلك التراث وحاول نفض الغبار من على كاهله، إلا أن الأقدار كانت دائما تسير ضد خروج ذلك التراث إلى النور، كان آخرها محاولة لرقمنة بعض الأسطوانات بواسطة باحث موسيقي شاب، إلا أنه لسبب خفي توقف المشروع ولم يكتمل، وبقى ذلك السيناريو يتكرر حتى أشهر قليلة مضت، حيث قرر الدكتور محمود الضبع رئيس دار الكتب والوثائق إحياء التراث الموسيقي للدار.
رقمنة التراث الموسيقي
في جولة امتدت لنحو ساعتين، تجولت "محررة فيتو" بين أروقة دار الكتب، بمصاحبة الدكتور تامر حنفي داود المشرف على المشروع، لنرى ما يعمل عليه المشروع من رقمنة وحفظ الأسطوانات وشتى التراثيات الموسيقية الموجودة بالدار، بمساعدة بعض الشباب المتطوعين بشكل مجاني للعمل على المشروع وإنجازه، وعلى الرغم من عدم دراسة أولئك الشباب لأسس وقواعد الترميم العلمية، إلا أن شغفهم وحبهم للموسيقى كان كفيلا باستيعاب جميع التدريبات التي عكف الدكتور تامر على تدريسها إليهم بشكل عملي وموجز، وشملت الجولة مرورنا على الأسطوانات العتيقة التي يعود عمرها إلى قرن ونصف قرن من الزمان، إضافة إلى قاعة الموسيقى الجاري تجهيزها لإتاحة التراث بها فور انتهاء المشروع.
كنوز سمعية نادرة
وخلال الجولة تحدث تامر عن المشروع قائلا: "توجد باقة من الكنوز السمعية النادرة، وتتنوع هذه الكنوز التراثية ما بين العالمي والعربي والمصري، ويصل حجم الرصيد الموسيقى بالدار إجماليا إلى 102303 أسطوانة، أي مايزيد عن 102 ألف أسطوانة، إضافة إلى 43 ألف شريط كاسيت، وينقسم التراث تفصيليا على النحو التالي:
درر موسيقية
وأضاف تامر: "حرصنا على العمل بكد في تطبيق مشروع يهدف إلى إحياء هذا التراث الموسيقي الذي يحتوي على درر موسيقية نادرة، يكاد يخلو تواجدها في الأرشيفات والمكتبات العالمية، وقد بدأنا المشروع بإعداد خطة عمل نظرية قائمة على دراسة علمية جديدة لواقع حفظ هذه المجموعات الصوتية بهدف الوقوف على مواطن الضعف والمشكلات للبدء في تلاشيها حفاظا على هذا التراث وإتاحته بطرق متنوعة لجمهور المستفيدين على المستويات العربية والعالمية".
دراسة علمية
وأكد تامر: "بمجرد الانتهاء من الدراسة العلمية، حرص القائمون على أمور الدار ممثلين في رئيس مجلس الإدارة الدكتور محمود الضبع والذي أتاح كافة التسهيلات المادية والبشرية في سبيل المضي في تنفيذ المشروع، على تشكيل فريق عمل من أبناء الدار المحبين والذين تم تدريبهم داخل الدار على إجراء المعالجات وعمليات الصيانة اللازمة والهادفة إلى تجهيز الأسطوانات، حيث عمليات الرقمنة (التحويل الرقمي)، والذي تم إجراؤها في معمل خاص ومنفرد لرقمنة المجموعات الموسيقية مزود بالتجهيزات المادية اللازمة لإتمام عملية الرقمنة، وقد تم إنجاز كم كبير تم معالجته ورقمنته، والعمل يتم بخطي زمنية منتظمة ووفقا لجدول زمني مقنن".
الهدف من المشروع
وتابع تامر: "الهدف من المشروع لا يتمثل فقط في توفير صيغ رقمية للمحتويات الصوتية المحملة على وسائط التسجيل التقليدية، وإنما يهدف المشروع إلى توفير قاعات مناسبة لتخزين هذه المجموعات الموسيقية، بالإضافة إلى قاعة استماع مجهزة بكافة التجهيزات اللازمة للمستفيدين، إلى التعامل المباشر مع هذا التراث.
مقر جديد للمجموعات الموسيقية
وأضاف: تم تجهيز مقر جديد للمجموعات الموسيقية يشتمل على (قاعة للكتب والنوت الموسيقية – قاعة استماع – مخزن)، وهذا المقر روعي في تجهيزه الالتزام بتوفير التدابير والإجراءات اللازمة في تخزين المجموعات في وسط محكم يعمل على حماية المجموعات من التعرض لعوامل التلف المتنوعة، وقريبا ستتم إتاحة الصيغ الرقمية لجمهور المستفيدين من دار الكتب، بأشكال إتاحة متنوعة تتناسب مع طبيعة هذا المحتوى وبشكل مرضي لمختلف فئات المستفيدين".
مفهوم العمل التراكمي
أما الدكتور محمود الضبع - رئيس الدار- فقال خلال حديثه مع "فيتو": "يأتي المشروع نتيجة لما تبنيته من فكرة استكمال كل المشاريع التي بدأها جميع رؤساء الإدارة السابقين للدار، حيث نفتقد في مصر لمفهوم العمل التراكمي، وهو ما أردت تغييره خلال فترة إدارتي للدار، لذا استعرضت جميع الملفات المفتوحة من الرؤساء السابقين، وكان من بينها مشروع رقمنة التراث الموسيقي، ويبدو أنه مر على عدد من رؤساء الدار وكان به كلفة إجمالية ضخمة مقارنة لما نقوم به الآن، وكان هناك مباحثات مع عدة جهات للمشاركة مع الدار في إنجاز المشروع".
لوحات فنية من المخطوطات
وأضاف: "رغبة أبناء الدار في خروج المشروع إلى النور، جعلتهم يبحثون عن أسعار الأجهزة في السوق المصرية، وتوصلوا إلى إمكانية شراء الأجهزة المطلوبة لإنجاز المشروع بأسعار زهيدة جدًا قياسًا بالميزانية التي كانت مرصودة لتلك الأجهزة وللمشروع إجمالا"، مؤكدًا أن المشروع الموسيقى ليس الوحيد لدى الدار لإحياء التراثيات، وإنما تعمل الدار حاليا على إنجاز عدة مشروعات ومنها إنتاج لوحات فنية من المخطوطات، واستكمال نواقص الدوريات والكتب والمجلات بطرق عدة، إضافة إلى بعض المشروعات التي سيتم الإعلان عنها قريبًا.
موقع الدار الإلكتروني
أما عن كيفية إتاحة ما سيخرج به المشروع للجمهور، فقال الضبع: "نحن ندرس أكثر من شكل حتى الآن، ولكن ما نفكر به هو إتاحة جزء من نتاج المشروع مجانا على موقع الدار الإلكتروني الجديد الذي يتم تصميمه الآن كإهداء للجماهير، لكن البقية - هناك مبدأ يحكم العالم الآن مفاده أن الصناعات الثقافية عليها أن تحقق ربحًا في الآن ذاته- فالدار تتوجه في إطار توجه الدولة إلى البحث في مصادر بديلة، لذا سيكون هذا المشروع أحد مصادر الدار، ولكن كيف؟ وهذا ما يتم تدارسه الآن مع الجهات القانونية والمختصة للخروج بشكل وتصور نهائي لإتاحة التراث الموسيقي النادر".
