صدر حديثًا "عزيزى صديق المرحوم" للكاتب أندريه كوركوف
يفتح لنا المترجم التونسى وليد سليمان نافذة أدبية على الأدب الأوكرانى المعاصر من خلال رواية "عزيزى صديق المرحوم" التى صدرت فى طبعة جديدة عن منشورات "وليدوف"، وهذا العمل للروائى العالمى "أندريه كوركوف" الكاتب الأكثر مبيعًا فى أوربا الشرقية والذى تُرجمت رواياته إلى أكثر من 35 لغة.
منذ الصفحات الأولى نتذكر مناخات كافكا، نتذكر بطل روايته "المحكمة" وهو تائه فى أروقة المحكمة مُحاكما عن قضية لا يعرف تهمته فيها.. إلا أن بطل "كوركوف" هذه المرة تائه فى أروقة يأسه وضياعه وهو يعرف جيدًا تهمته: البطالة واللاجدوى، لا معنى لحياته، لا عمل لديه، علاقته بزوجته وصلت إلى حضيض اللامبالاة ولا أصدقاء لديه، حتى أنه لا عشيقة لديه وأيامه تتشابه فى رتابة خانقة وقاتلة. فجأة يلتمع الحل كبارقة بديهية، بما أنه عاجز عن الانتحار فإن الحل المثالى يتمثل فى الموت قتلًا! هكذا سأدخل التاريخ فكر، ستكتب عنى الصحف وتتناقل وسائل الإعلام خبر اغتيالى وسيبحثون فى ملابسات الجريمة ويبحثون عن قاتلى... هكذا فكر "توليا" بحماسة الغريق الباحث عن قشة أمل وهمية..
البطل الذى اختار دور الضحية يبحث عن شخص ليقتله، يؤجر قاتلًا عن طريق أحد أصدقائه النادرين ويتبادل المكالمات مع قاتله دون أن يلتقيا ودون أن يعرف القاتل من سيقتل بالضبط إلا من خلال صورة يضعها توليا فى صندوق بريده حسب الاتفاق.
يُحددان المكان والزمان لتنفيذ عملية القتل وينتظر بطلنا اليوم الموعود بلهفة إلى درجة لا يهتم فيها بكل ما يحدث من حوله، فلا يهتم برحيل زوجته العلنى مع عشيقها وأخذها لأثاث البيت وبدلاً عن ذلك يهتم بأيامه وساعاته وقهوته الأخيرة.. يكون فى الموعد تماما، فى ركنه المعتاد فى المقهى متلمظا آخر فنجان قهوة له.. إلا أن القاتل يخلف موعده ويخرج هو من المقهى متحررا ومستعيدا رغبته فى الحياة خاصة بعد أن يلتقى ليلتها بفتاة الليل "لينا" الجميلة والمدهشة التى تدخل البهجة إلى حياته وتصبح مواعيد لقاءاتهما المتفرقة والمتباعدة حينا والمتقاربة حينا آخر هى الخيط الذى يجعله يتعلق بالحياة من جديد.. وينسيى هكذا حكاية موته المبرمج إلا أن القاتل لا ينساه وهنا تبدأ العقدة، حيث يحاول "توليا" الهرب من قاتله إلا أنه يعرف من خلال الوسيط الذى رتب المسألة بأن القاتل سيتم المهمة على أتم وجه.
