رئيس التحرير
عصام كامل

محرقة الوزارة !!


التعديل الوزاري أصبح مثل الولادة القيصرية بسبب صعوبة خروجه للنور، أسباب عديدة للتعثر تحدثت عنها وسائل الإعلام لعل أهمها هو كثرة الاعتذارات عن تولي المنصب، وهذا الكلام يحتاج إلى وقفة وتحليل فهو جد خطير، لأننا دولة من النادر أن يعتذر فيها أحد عن قبول منصب أو يستقيل منه لأنه ما زال تشريفًا وليس تكليفًا..


يمنح المنصب لصاحبه وأسرته مميزات اجتماعية كبيرة خاصة إذا كان منصبا وزاريا، فحجة الاعتذارات ليست مقنعة حتى لو كانت صحيحة، فكان يجب عدم إفشائها لأنها تسيء للنظام، ومثلما قال كاتبنا الكبير محمد أمين في مقاله بالمصري اليوم، كيف يصل الحال إلى درجة الاعتذار عن العمل مع الرئيس السيسي بعد أن كان الجميع يتشوق لمجرد التقاط صورة تذكارية معه!؟

وهنا يرى الأستاذ أمين أنها حجة للإبقاء على أشخاص معينين بسبب رفض المرشحين تولي المنصب أو مجاملة البعض حتى لو كانوا عديمي الخبرة والكفاءة..

سوف نفترض أن هناك بالفعل اعتذارات عن تولي المنصب الوزاري، هذا يدفعنا للبحث في أسباب الرفض ونتائجه، أما عن الأسباب فالوزارة أصبحت محرقة للبعض وهناك انطباع لدى الكثيرين بعد يناير 2011 بأن النظام إذا أراد حرق شخص ما أو التخلص منه يتم استوزاره لمدة 6 أشهر أو سنة على الأكثر ثم الإطاحة به، ولذلك نسمع عن كثرة الاعتذارات، وهو أمر طبيعي، فمن يرضى على نفسه هذه الإهانة ليتم تعيينه 6 أشهر ثم الإطاحة به بشكل مهين، خاصة إذا كان متميزا في عمله؟!

أما القول إن سبب الإبقاء على الوزير الفلاني هو اعتذار المرشحين عن المنصب، فهذا هو قمة الإهانة، لأن استمراره ليس بسبب كفاءته ولكن لرفض الآخرين تولي منصبه، وكل ذلك يؤدي بنا إلى تعيين أنصاف الكفاءات وأرباب المعاشات الذين أصبح المنصب الوزاري بالنسبة لهم مجرد وظيفة بدلا من الجلوس في البيت، أو على المقاهي، وهذا تأثيره خطير جدًا فى الدولة؟!

إذن ما هو الحل؟ وهل ستستمر الأمور هكذا؟

لابد أن يكون هناك حلول، لأن الاستمرار بهذا الشكل يكلفنا الكثير من الوقت والأموال، ونحن لا نملك رفاهية الوقت، فالوزير الذي يتولى منصبه ستة أشهر أو سنة لن يستطيع عمل شيء سوى هدم إنجازات ما سبقه، وتغيير أثاث وموظفي مكتبه ومستشاريه ثم الرحيل، وتزداد الأمور إخفاقا، للأسف الشديد لن يتحمله سوى رئيس الجمهورية لأن المواطن لا يعرف حتى أسماء الوزراء ولا رئيس الوزراء، والفترة كلها محسوبة سلبا وإيجابا للرئيس..

ولذلك كما قلنا مرارا وتكرارا، مصر تحتاج إلى رؤية شاملة تنفذها حكومة كفاءات (مدنية كانت أو عسكرية).. وقتها لن تكون هناك اعتذارات بل الكل سوف يسارع للمشاركة في النهوض بالبلد ويشعر بالفعل أنه وزير مسئول ولديه صلاحيات وليس مجرد موظف كبير أو سكرتارية.. واللهم احفظ مصر. 
الجريدة الرسمية