الشيخ الشعراوي يكتب: الصوم تكريم لنزول القرآن
في جريدة «الأهرام»، وفي رمضان عام 1978، كتب الشيخ الشعراوي عدة مقالات تحدث في أحدها عن خصوصية نزول القرآن في هذا الشهر الكريم فقال:
كرم الله شهر رمضان بأن جعله زمنًا لنزول كتابه المعجز الذي وضع منهج حركة الحياة للأرض كلها بسائر أجناسها، وإذا كان هذا الزمن قد كُرم هذا التكريم فوجب أن نستقبل هذا الشهر استقبالًا يناسب هذا التكريم، الله جعل صيام رمضان ركنًا من أركان الإسلام التي بُني عليها الإسلام، وهي شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، ويجب هنا أن نفهم أن الأركان ليست هي الإسلام، وإنما هي الأسس التي بُني عليها الإسلام.
إذن الإسلام ليس مقصورًا على هذه الأركان وإنما هي الأسس التي تُبنى عليها مطلوبات الإسلام لتنظيم حركة الحياة.
وإذا نظرنا إلى هذا الشهر الكريم وجدنا له خصوصية نزول القرآن وخصوصية كونه الركن الوحيد الذي لم يتعبد به البشر لبشر أبدًا، وترتب على هذا قول الله تعالى في الحديث القدسى «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
إن المناسبات الدينية وأهمها شهر رمضان جعلت لنعيشها في كل زمان، لأن الله يريد أن يشيع صفاؤه في كل زمن، وهذا المعنى نجده في الصوم بأن المسلم ينطبع بمنهج الله فيقبل على أشياء وينتهي عن أشياء كما أمره الله، فتصبح هذه الأوامر والنواهي عادة عنده تدرب عليها في صيامه فلا يفكر في شرب الخمر أو الكذب أو الزنا أو الرشوة، وقد أصبحت هذه عادات عنده بلا مشقة ولا تكلف، وقد أراد الله بذلك أن يديم على الإنسان لذة التكليف فيعمل المؤمن الطاعات.
