رئيس التحرير
عصام كامل

برلمان «أولاد...» في تركيا!


كان شيء جميل أن تستمر الدولة في تخصيص قناة (صوت الشعب) لتغطية جلسات مجلس النواب الجديد، والناتج عن ثورة يونيو، وإن كُنت أتفق مع الآراء المُنادية بضرورة إلغاء عملية البث المُباشر لجلسات المجلس؛ حتى يلتفت كُل عضو لشغله أو لتشريعه أو حتى لنومه وتصفيقه، بدون اهتمام إضافي ومُتطرِّف بعمل الشو علشان يلفت نظر الكاميرات والتليفزيونات والأهل والجيران والصحاب وأولاد الدايرة، فبعضهم يصرُخ، والآخر يضحك، والأقلية بتمشي على الحبل وبتعمل فقرة الساحر!


لكن سواء عاد البث أم لا، ففي كُل الأحوال هذا التشكيل البرلماني أو غيره هو أرحم كثيرًا من "برلمان..." الذي سبق أن عاصرناه في عهد الإخوان البائد، الذين صاروا عهدًا قديمًا، لكنهم أبوا ذلك وتمسَّكوا بغايتهم الدائمة وهي محاولات إجبارنا على الضحك، فراحوا عاملين برلمان لعبة في تُركيا برئاسة (جمال حشمت)، وتقريبًا تم اختيار هذا الشخص لرئاسة ذلك البرلمان؛ بسبب تناسُب اسمه (حشمت) مع الموروثات التُركية (خرسيس، نرسيس، حشمت، يوك) والكلام بتاع المُسلسلات إللي إحنا عارفينه ده!

وقد ضَمَّت جلسة البرلمان الإخواني المُقام على أرض أسيادهم في إسطنبول، عددًا من الوجوه المُقرفة التي كانت سببًا في كراهيتنا للعيش والعيشة والحُرية والعدالة الاجتماعية، لردح نحمد الله أنه كان قصيرًا من الزمن، قبل أن تنزاح الغُمة، ونستعيد مصر للمصريين لا للخونة والعُملاء وبتوع طُز في مصر وإللي في مصر، والراضين بأن يحكُم بلدنا إندونيسي أو هندوسي أو (أردوغان)!

ولو بحثت عمَّا يُمكن لمجلس أولاد... هذا تشريعه، لاسيما أن التشريع هو المهمة الأساسية لأي برلمان مع عملية الرقابة على كُل دبَّة نملة في البلد، فقد تحتار كثيرًا وأنت تبحث عن المجنون إللي بيقوم يرفع الأذان في الجلسة، أو المعتوه إللي حابب يروح الحمام، أو الهجَّاص إللي مستني الجلسة تخلص علشان يروح يعمل عملية مناخيره ويبقى شبه (چانيت جاكسون)، واللا إللي مقضيها تليفونات ورسايل علشان يزبُط ميعاده الغرامي تحت كوبري بنها يا نور عيني شَعر دقن حبيبي طَرَف عيني، طيب هيشرَّعوا أيه؟

متهيأ لي وبعد ما انكشفت كُل الأوراق، وصار التحريض على العُنف والخيانة، واستخدام سياسة الأرض المحروقة بعد شلوط 30 يونيو، فمن المُمكن لمجلس "أولاد..." هذا إصدار تشريع يسمح بأن يحكُم مصر ماليزي أو سنغالي، عملًا بوصية مرشدهم السابق (مهدي عاكف)، وإمعانًا في الوفاء للوصية فمُمكن يعملوا لنا حملة "الطُز للجميع"!

وقد يصدُر عن مجلس أولاد.. تشريع آخر بحتمية ترشيح الأستاذ (جمال مبارك) ابن الرئيس (مبارك)، والد كُل المصريين رئيسًا للجمهورية، والأوصاف هنا ليست من تأليفي، لكنها نفس الأوصاف التي استخدمها المُرشد الإخواني (محمد بديع) وهو يتودد ويتملَّق "يحليط بالبلدي أو يمسَح جوخ أو يـ.... واللا بلاش دي أكيد أنت فهمت" للسُلطة القائمة آنذاك، كما اعتادت الجماعة المُنحرفة على مدى تاريخها المكوَّن من خليط دائم لا يخرُج عن تقبيل الأقدام وتفجير الأجسام!

واعترف لي أحد الأصدقاء من الفنانين الصاعدين المُشاركين في عروض "مسرح مصر" الفكاهية الشهيرة، أن حالة من الكساد تتهدد مشروعهم المسرحي الكوميدي حال استمرت جلسات مجلس ولاد... هذا، خاصة أنه قد أصدر قرارًا أو قانونًا يُلزم النظام السياسي الحالي والقائم بعد ثورة يونيو التي يعدّونها انقلابا فاقدا للشرعية، بعرض الاتفاقيات التي أبرمها - نظام يونيو - على الشعب للاستفتاء عليها، ما يعني أن النظام الحالي بالفعل نظام حُكم سياسي حقيقي اعترف به مجلس نواب "أولاد..."، هذا في مُخالفة صريحة لمُعتقداته الخرفانية الأثيرة، ما يثبت بالتبعية والضرورة أن (جمال حشمت) و(عمرو دراج) و(وليد شرابي) مُتآمرون!

وكُنت قد بحثت عن دور (أحمد منصور) الشهير بـ"أبو حواجب"، وما إذا كان قد أصبح عضوا مثل بني جلدته، أم رفض لقب عضو، وفي إطار ذلك اكتشفت أنهم كمان عملوا جريدة رسمية للمجلس بتاعهم حتى يتم تصريف قراراتهم وتشريعاتهم عبرها، رفقًا بمجاري الدولة المضيفة لهم، واقتنعت بأن (منصور) أفضل مَن يقوم بهذه المُهمة الخطيرة، خاصة أن (مُعتز مطر) و(محمد ناصر) مشغولان بكُل ما يملكان من طاقة وقدرة على الإقناع العملي وضرب المثل بالذات في إثبات أن الإنسان أصله قرد!
الجريدة الرسمية