رئيس التحرير
عصام كامل

سأقود موتوسيكلا


في شهوري الأولى بفرنسا لاحظت انتشار الموتوسيكلات كوسيلة مواصلات، خاصة أن الجو في الجنوب الفرنسي مشمس أغلب فصول السنة، ما يقلل فرص الحوادث بسبب الأمطار، إلى جانب الازحادم الشديد في ساعات الصباح الأولى، ما جعل الموتوسيكلات وسيلة مواصلات سهلة وسريعة خاصة بالنسبة للمرأة العاملة، وأصبح مشهد أم وخلفها ابنها الصغير على موتوسيكل مشهدا مألوفا؛ حيث تودع الأم ابنها بمدرسته وتذهب لعملها.


وحين انتقلت إلى مدينة بوسولي التابعة لدولة فرنسا والملاصقة لإمارة موناكو، كان عليَّ أن أصعد وأهبط 300 سلمة يوميا؛ لأن الأتوبيس يأتي كل ساعة أو أكثر فكنت أهبط بأولادي صباحا للمدرسة ويعيدهم زوجي بالسيارة في المساء، وأصعد على أقدامي كل هذه السلالم الجبارة، فقررت أن أتقدم للحصول على رخصة قيادة السيارات التي كانت تحتاج إلى شهور للإعداد لامتحان الكود، وهو كتاب يحتوي على قواعد القيادة والإشارات فكل خط في الأرض له معنى وكل لوحة لها توجيه، وعليَّ أن أجيب عن أربعين سؤالا لا تتخطى أخطائي فيهم عن خمسة، وبعدها اجتياز امتحان القيادة بلا أخطاء في وجود مراقب يحدد جدارة القائد الشاب بالرخصة، وبما أن طريق رخصة قيادة السيارات بدا طويلا، فقررت البدء فيه متوازيا مع طريق تعلم قيادة موتوسيكل صغير.

في أول حصة مع معلم القيادة، كنت متفائلة كل التفاؤل ولا أعلم حقيقة حتى هذه اللحظة، ما هي أسباب هذا التفاؤل، كنت أتخيلني أقود موتوسيكلي السعيد بمنتهى البساطة وأزجزج به بين السيارات وأتخطاها بمهارة كما يفعل المحترفون، كم هي سهلة نجاحاتنا في الخيال، فحين وصلنا إلى الباركينج أنا وريتشارد شرح لي سريعا كيفية تشغيله وجاء دوري لأجرب ومرت الساعة في محاولات فاشلة فأعطاني نصيحة بأن أعود نفسي على تشغليه بأي عمود في أوقات فراغي حتى لا أديره بشكل مفاجئ فيقفز بي بشدة فأسقط، وفعلا أمضيت ثلاثة أيام أعود نفسي على الحركة التي شرحها لي.

في الحصة الثانية نجحت في إدارته، وفرحت وصفقت كطفلة، ولكن لم أتقدم به خطوة، حاولت ثم حاولت بلا فائدة فأنا أتحرك به في خيالي ولكن في واقعي أخاف منه، رغم أنني دفعت مبلغا وقدره لأقوده في الشارع ولكنني أمضيت الساعة أتحسس الفرامل، حاول ريتشارد دفعي بكل الطرق الممكنة لأخطو خطوة واحدة للأمام وبدا يائسا محبطا وهو يدور حولى وأنا متجمدة في مكاني فوق الموتوسيكل بلا حراك.

بعد أربعة حصص تكررت فيهم حالة تجمدي، قالها بشكل غير صريح؛ خوفا من أن أنقل كلامه لصاحبة مدرسة القيادة فتخسر زبونة حمقاء، حاولي أن تخرجي مع صديقة لديها موتوسيكل لتساعدك؛ لأنك ستخسري أموالا كثيرة، فهمت أنه لا يريدني أن أعود.. ومن الأفضل لي ولمحفظتي المسكينة أن ألغي الفكرة.
الجريدة الرسمية