رئيس التحرير
عصام كامل

إعفاء الكبار من الالتزام بالقوانين!


«القانون حمار لمن يركب» - حسبما قال وليم شيكسبير - فإذا قال لك أحد إن «الناس أمام القانون سواء»، فلا تتوان أن تقول له: «أنت واهمٌ»، فإن ضرب لك مثلًا بالإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وموقفه من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حينما جلس إلى جوار خصمه اليهودي؛ ليفصل بينهما، فقل له: ولماذا نستدعي أساطير الأولين الآن.. فإن أصر على موقفه، فلا تستحِ أن تصفعه بكلتا يديك؛ عله يفيق!


أبسط قواعد العدالة أن يتساوى الناس جميعًا في الحقوق، والواجبات، والخدمات، و«التقاضي»، لا فرق بين أمير وخفير، بين شريف ووضيع، بين غني وفقير.. لكن هل هذا يحدث عندما يتعلق الأمر بأحد المسئولين الكبار في هذا الزمان؟

إذا كنت «فقيرًا»، وذهبت إلى أحد البنوك؛ للحصول على أي «قرض» لحل مشكلة صادفتك، وقدمت «ضمانات حقيقية»، فلن تحصل على ما تريد إلا إذا كان لك «ظهر».. بينما رجل الأعمال «التقيل» يحصل على «الملايين»، و«المليارات»، بضمانات «وهمية»!

وأنت إذا «تعثرت» في «السداد»؛ فلن «يطبطب» عليك أحد، والسجن سيكون مصيرك العاجل.. بينما إذا تعثر «الكبار» أمهلوهم، فإن زاد تعثرهم، جدولوا مديونياتهم، وقلما نجد رجل أعمال دخل السجن في قرضٍ «نَصَبَ» فيه على البنك!

وإذا كنت «بلا ظهر» وحدثت لك مشكلة مع أحد الكبار، ودخلتما قسم شرطة، فهل يُعاملكما الأمناء والضباط بنفس المعاملة؟

وإذا كنت «مُعدمًا»، وشاء قدرك أن تصاب بمرض عضال، وتحتاج إلى السفر إلى الخارج؛ للعلاج على نفقة الدولة، وفي نفس الوقت أصيب «وزير» أو مسئول كبير بهذا المرض، فهل تسافر أنت أولًا أم المسئول الكبير؟

وإذا فتح الله عليك وكنت من أصحاب السيارات، ولكنك «بلا ظهر»، وركنت سيارتك صفا ثانيا أو ثالثا خلف سيارة أحد «ضباط» الجيش والشرطة، أو أحد «القضاة»، وتمت «كلبشة» سيارتكما، فهل تتخيل أن يوقع أمين الشرطة غرامة عليكم جميعًا، أم عليك فقط؟

وإذا كنت صحفيًا مبتدئًا، أو مغمورًا، وتعرضت للاحتجاز أو الحبس، فلن تقوم الدنيا من أجل سيادتك؛ لأن الدنيا تنقلب رأسًا على عقب لـزملائك «الكبار» أو من أجل زملائك «ولاد الحلال»، وأرجوك أن تعفيني من ذكر أمثلة لهؤلاء!

وإذا كنت «بلا ظهر»، وارتكبت جريمة كبيرة، كالقتل أو الخيانة الوطنية، فهل تتوقع أن تتم معاملتك كالرئيس الأسبق حسني مبارك، أو كالرئيس المعزول محمد مرسي، وتأتي إلى المحكمة في طائرة، وتعود إلى محبسك في طائرة؟

وفي السجون أيضًا «الناس مقامات»، وإياك أن تصدق أن لوائح السجون تطبق «بحذافيرها» على جميع المتهمين، الذين يقضون مدة العقوبة، أو محبوسين احتياطيًا.. فالسجون قطعة من الدنيا «فيها عبيد مناكيد، وفيها السيد»!

الأمر كذلك في بيوت الله تعالى.. فلو كنت من «علية القوم»، واضطرتك الظروف لأن تصلي في أحد الجوامع، فاطمئن، فمكانك محجوز في الصف الأول، خلف الإمام مباشرة، حتى لو جئت متأخرًا.. أما الفقراء «الجرابيع» فلا يتصدرون الصفوف الأمامية إلا عندما يصلون بمفردهم في المساجد!

فالناس يا سيدي سواءٌ فقط في «الموت»، وفي الوقوف بين يدي الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَنْ أتى الله بقلب سليم.. لذا فما المانع أن نعدل المادة الدستورية التي تتحدث عن «المساواة»، ونستبدلها بمادة أخرى تقول: «يطبق القانون بحذافيره على الفقراء.. أما الأغنياء فلا تثريب عليهم»!
الجريدة الرسمية