رئيس التحرير
عصام كامل

لعبة الحياة والموت.. مقامرة الهجرة إلى أوربا عبر ليبيا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
18 حجم الخط

قصص اللاجئين القادمين لأوربا عن طريق ليبيا يشيب لها الشعر، بعضهم ينجح، وكثيرون يفشلون في اجتياز البحر المتوسط أو الخروج من زنازين الجماعات المسلحة في ليبيا.

أحمد لاجئ سوري نجح في النهاية في الوصول لألمانيا ويروي قصته.

إنها لعبة حظ، أو لعبة حياة أو موت، "إما أن تنجح في الهرب أو أن تخسر كل أموالك"، يقول أحمد، الذي لم ينجح في الوصول إلى أوربا في محاولته الأولى: "إنه لا يجد الكلمات المناسبة للتعبير عن التجربة، التي خاضها حين رأى الموت بعينيه، لكن اللاجئ السوري الشاب نجح في الفرار من ليبيا في محاولته الثانية ويعيش اليوم في ألمانيا".

في عام 2013 فرّ أحمد من الحرب الأهلية في سوريا إلى ليبيا، واستغرق الأمر سنة كاملة حتى نجح في الوصول إلى سواحل أوربا ومنها إلى ألمانيا، انطلق من مدينة زوارة الساحلية الليبية ونجح في محاولته الثانية، وهذا لا شيء مقارنةً باللاجئين الآخرين، الذين يحاولون الفرار من ليبيا عدة مرات.

يقول أحمد: "في المرة الأولى انتظرنا 25 يومًا لعبور البحر المتوسط. وكان المهربون يبررون التأخير في كل يوم بسبب جديد، كان الطعام الذي أعطوه لنا يكفي بالكاد للبقاء على الحياة، أما الماء فكان شحيحًا، وأما المراحيض...".

وذات يوم، وفي منتصف الليل، طلب المهربون من اللاجئين الصعود إلى القارب، وبدأ اللاجئون يعاونون بعضهم البعض، وحمل أحمد طفلة في الرابعة من عمرها على كتفه، للانتقال من قارب صغير إلى قارب أكبر، وكان عدد اللاجئين نحو 150 شخصًا وجميعهم من سوريا.

أما على القارب الكبير، فوصل العدد إلى نحو 450 شخصًا، جاءت بهم قوارب المهربين الصغيرة من عدة موانئ، ويحكي أحمد: "قال لنا المهرب إن القارب جيد وعدد اللاجئين قليل، وإن كل شيء مُؤمَّن لا تخافوا، فكل شيء منظم ومخطط له بطريقة جيدة". ويتابع اللاجئ السوري: "لكن حين وصلنا القارب الكبير اكتشفنا أن كل تطميناته كانت محض أكاذيب".

ويقول أحمد: "إن بعض اللاجئين أرادوا العودة إلى الشاطئ؛ لأنهم خافوا، لكنهم مُنِعُوا من العودة وأجبرهم المهربون على الصعود إلى القارب الكبير وإلا سيكون مصيرهم الموت".

وعن ذلك تقول سارة خان، من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة: "تقوم شبكات تهريب كبيرة بزج الناس في القوارب والسفن، حتى ولو غيروا رأيهم وعدلوا عن الهجرة، يُجْبَر الناس على الصعود إلى المراكب ولا يوجد شبكات لإعادتهم إلى اليابسة".

كثيرون يغنمون من تجارة التهريب في ليبيا، يطلب المهرب بين 600 إلى 1000 دولار على الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا، وهي أرخص طريق للوصول إلى أوربا، أما في دول أخرى، فيدفع اللاجئون مبالغ أكبر.

ويعتمد المبلغ الذي يدفعه اللاجئ على بلده الأصلية، فالسوريون يدفعون أكثر من الأفارقة، ويطلب المهربون المبلغ قبل الشروع في الرحلة، وطبعًا بدون ضمانات بالوصول إلى أوربا، وعن ذلك يقول أحمد: "هذه فرصتك، إما أن تنجح أو لا، الأمر كله يعتمد على الحظ".

الحظ لم يحالف أحمد في المحاولة الأولى، فقد تم إيقاف القارب وإعادته إلى ليبيا، وظل أحمد وباقي اللاجئين محجوزين لمدة خمسة أيام من قِبَل ميليشيات مسلحة، لم يُعَاملوا معاملة سيئة ولم يُعذَّبوا، لكن كان على أحمد أن يعد بأن لا يحاول الهجرة مرة ثانية، وأطلقوا سراحه.

وبعد إطلاق سراحه اتصل بمهرب جديد ودفع ألف دولار أخرى، وجلس ينتظر مع مئات المهاجرين الآخرين رحلة عبور المتوسط، ومن حسن حظه أن خفر السواحل الإيطاليين عثروا على القارب هذه المرة، ولدى سؤاله إن كان سينصح زوجته بسلوك هذا الطريق للوصول إلى ألمانيا، قال أحمد: "لقد تحملت مشقة هذا المسار كي أساعدها بالوصول إلى ألمانيا بشكل شرعي وبدون تهريب".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية