رئيس التحرير
عصام كامل

سيب إيدي..وشيل الشطافة


الصراع الحالي الدائر في الربوع المصرية صراع فاجر، وهو ناتج عن سوء إدارة الأزمات في مصر لحد التورط في افتعال أزمات وهمية تثير الرأي العام وتبعده عن مشاكله الحقيقية. وعلى سبيل الكارثة، فهناك من سرب خبر الشطافة وتغريم من يستخدمها في بيته.. بالإضافة إلى المصرية الأضحية التي عرت عورتنا جميعا في"سيب أيدي" وشغلت الرأى العام في ضبطها وفضح ملفها الأسود، وكأنها إضافة جديدة لاستكمال سلسلة استغفال الشعب بأحاديث الصناديق السوداء.


فالإعلامي الذي تحدث.. وصاحب القناة الذي ذاع.. والمُشاهد الذي تفرج وتحدث.. والصحفي الذي نقل الأخبار. وثرثرة العفن لبرامج التوك الشو حولها، واستمناء الهبل لمواقع التواصل الاجتماعي. واعتبار كل هذا من القضايا المصيرية لمصر. والسبب في هذا هو انتكاسة التربية والتعليم وسوء الخلق والأخلاق فينا.

من الأولى والأجدى أن يُشغل رجال النظام الحالي الشعب بموضوعات حقيقية. كنت أتمنى أن أجد أخبارا ونقاشا حول أزمات القمح والسكر، والمشاكل التي تعترض الدولة اقتصاديا... أين مشاكل الفلاح والزراعة، والعامل والمصانع؟ أين قضايا الإنتاج من حديثنا الإعلامي والشعبي؟ 
بدلا من حديث الجن وبرامج استفراغ البسمة السمجة والاستهزاء بعادات المصريين السيئة، تحدثوا عن مشروعات السيسي العملاقة، فأين هي من الإعلام؟ وهل فعلها أم هي أوهام؟ هل تمتلكون الجرأة والحيادية في أن تعطوا للرجل حقه الحقيقي وتقييمه بعد عام من توليه أزمة مصر وشعبها.؟!

الشعب ليس قاصرا أو متخلفا كي يتم التعامل معه بهذا الاستخفاف.. ثمة عقل إبليسي ما زال يعمل في الدولة وأركانها، بمفهوم تسييس قوم عصور الانحطاط والتخلف.. اكشفوا للشعب مشاكله الحقيقية، عروا بلاءه ومرضه في سوء نظامه الغذائي.. صحته.. دخله وادخاره.. علاقاته الاجتماعية من زواج وطلاق وعلاقات شاذة. عروا استغلال السلطة الدينية المجتمعية.. افضحوا الممارسات العرفية الجائرة من توزيع المواريث ومن ختان الإناث ونقاب عقولهن وأشكالهن.

نحن نحتاج لصدمة حقيقية، لا لادعاء الصدمات المصطنعة، فما تقدمت الأمم وارتقت الشعوب بالاهتمام والبحث والفضح وترويج الأخبار من عينة الشطافة، والراقصة، وشفيق يطالب بحقه في الرئاسة، وانقلابات يقودها رجال الأعمال والإعلام ضد السيسي، كل هذا تفلسفه سيب إيدي وشيل الشطافة.!

وما بين سيب إيدي وشيل الشطافة.. تقع أزمة الأمم المتخلفة القائمة على سياسة التعنت واستعباط شعوبهم من قبل رجال الدولة، وقراراتهم. والتفنن في ابتكار وسائل استغفال شعب.
 والمصيبة أن خدم رجال الدولة لا حيلة لهم إلا السمع والطاعة في تصدير "الهيصة". شعب مسكين لا حول له ولا قوة. هكذا شعبنا ودولتنا في متتالية مراحل المرض الذي لا يريد أن يرحل عنا.

فماذا حدث لنا؟ هل نحن المصريون؟ هل نحن أحفاد هؤلاء العظام الذين تغنوا بالجمال ونقشوه ونحتوه على الأوراق والصخور والجدران؟ أين نخوة صاحب السلطة؟ والسلطة هنا لا تعي بالضرورة رأس النظام، وإن تحمل المسئولية الأكبر.!

فبأي حق لهذه السلطة أن تلهي الناس في البلاد بالوهم وتشغلهم عن عظائم الأمور؟ فهل رجال الدولة أصبحوا تماثيل الفضيلة والأخلاق في يوم وليلة هكذا؟ وهل أفادت مصر أحاديث الجن ومساخر خدم رجال الدولة في الصحف والفضائيات والوظائف العامة، وخصيانهم في وسائل الاتصال الاجتماعي في إشعال الرأى العام وإبعاده عن القضايا المهمة والخطيرة لمصير هذه البلدة؟

وقديما اخترعوا أحاديث "سمعة مصر"، والآن يخترعون تمثال الفضيلة المصرية. على أشلاء أغنية بفيديو هابط اخترعه العفن الذي تغلغل في أذواقنا ورقينا الحضاري، ونضجنا التنويري والسياسي، فماذا يفيد الشعب بأحاديث الضحالة في دعوات انقلابية ضد الرئيس؟ وهل هذا هو مستوى الفن والغناء والرقص؟ وهل أضحت "سيب إيدي"مصرية بحق؟ فأين جمال المصرية الفرعونية الرشيقة منها؟ وهل انحصر النيل وافتقر لتجريم الشطافة.
يا دولة تفتخر بالريادة والزعامة والفطنة والجمال، وبدين النظافة من الإيمان. استفيقي قبل فوات الأوان.!
الجريدة الرسمية