رئيس التحرير
عصام كامل

عامل نظافة يعترض طريق نقيب التشكيليين.. "أشرف": تعبت من الشكوى وظننته وزير الثقافة.. نتعرض للسب بالألفاظ النابية ونعامل كالعبيد.. وأوقفت عن العمل بسبب زيارة بوتين


"يا باشا إنتوا ليه بتيجوا على الغلابة، وبتحاولوا تقطعوا رزقنا"، كلمات شقت قلوب الحاضرين بافتتاح معرض "لوحة لكل بيت" مساء الأمس، بقصر الفنون في دار الأوبرا المصرية، والتي وجهها أحد عمال النظافة البسطاء إلى نقيب التشكيليين حمدي أبو المعاطي، وأحمد عبدالغني رئيس قطاع الفنون التشكيلية.


إلا أن هذا الشق الذي أحدثته كلمات العامل لم تطل قلوب أفراد الأمن الذين قاموا بإبعاد العامل عن طريق النقيب ورئيس القطاع، وطلب أبوالمعاطي من العامل الانتظار لحين افتتاح المعرض، ومن ثم الاستماع إلى مشكلته، وظل العامل مطأطأ الرأس، جالسًا في إحدى الزوايا المقابلة لقصر الفنون منتظرًا انتهاء مراسم الافتتاح، والتي انتهت دون الاستماع لشىء مما يعاني منه.

عامل النظافة
يبدو عامل النظافة وكأنه يحمل بين ضلوعه هموم العالم كلها، والتي تجمعت في ملامح وجهه لتشق طريقها بين جلده لترسم تجاعيد تظهر مدى تعاسة الأيام التي عاشها وقاسى من مرارتها، فهو ذو عيون سوداء ضيقة، ينظر بهما إلى الفضاء الشاسع وكأنه يبحث عن نفسه التي هامت بين دروب الحياة، ويرسم جسده الضعيف لوحة عميقة للإنسان المعذب في بلادنا.

وفي حديث أجرته "فيتو" مع العامل للتعرف على أسبابه التي دفعته لاعتراض طريق نقيب التشكيليين، تبين أنه أشرف محمد سالم عبدالله، يقطن في عزبة الهجانة، عامل نظافة بقطاع الفنون التشكيلية.

وقال عم أشرف، بعيون يكسوها الدمع:" إنه لا يريد من الدنيا سوى العيش بأمان وهدوء وأن يكسب رزقه بالحلال"، وأشار إلى أنه يعمل في العديد من قطاعات وزارة الثقافة الموجودة بدار الأوبرا المصرية، واعتاد منذ صغره على قول الحق دون الخوف من أحد، وهو مالا يعجب الكثيرين - على حد وصفه.

الوقف عن العمل
ويعترف أشرف أن صراحته كانت السبب الأساسي في إيقافه عن العمل كعامل نظافة بمركز الإبداع الفني قبيل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مقر دار الأوبرا، وأخلى الأمن دار الأوبرا من جميع العاملين فيها، وهو ما أثار غضب "عم أشرف" وتسبب اعتراضه في إيقافه عن عمله.

ويضيف "عم أشرف" أنه لم يكن يعرف أن الشخص الذي اعترض طريقه كان نقيب التشكيليين، وظن أنه الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة، ليشتكي له مدى الظلم والقهر الذي يتعرض له العاملون البسطاء بالنقابة وبجميع القطاعات في الوزارة.

تنهد "عم أشرف" من فرط وجعه وأكد أن عمال النظافة هم أكثر الأشخاص المهانين، فلا يهتم أحد لمشاعرهم ومدى تأثرهم بالمعاملة السيئة التي يعاملون بها من رؤسائهم، إضافة إلى سيل الألفاظ النابية التي يتعرض لها المرء بسبب وبدون سبب طيلة اليوم، قائلًا: "بيعاملونا زي العبيد، الكل بيشتم سواء موظف كبير أو صغير، لأن الموظف الصغير بيشوف رئيسه بيعمل إيه، وبييجي يطلعه علينا إحنا الغلابة".

وعند سؤاله هل تتوقع أن يحل النقيب مشكلتك إن استمع لها! قال إنه لم يسمع إليه أولا ليسمع إليه ثانيًا، إضافة إلى أنه يعلم في قرارة نفسه أن ما فعله أمام وسائل الإعلام مع النقيب، سيتسبب في فصله عن العمل فورًا.

وأنهى "عم أشرف" حديثه بدمعة لم تستطع الصبر في عينه أكثر، مشيرًا إلى أن فعله جاء تلقائيًا من فرط العذاب الذي يشعر به، قائلاً: " إشتكيت له لأني تعبت من الشكوى إلي الله"، واستغفر أشرف الله متابعا " البلد كفرتني " .
الجريدة الرسمية