رئيس التحرير
عصام كامل

تصريحات ساذجة لوزير الزراعة


تصريحات وزير الزراعة الدكتور عادل البلتاجي بشأن إلغاء الدعم لمحصول القطن بداية من العام المقبل، ومناشدة المواطنين عدم زراعته إلا إذا تأكدوا من تسويقه، تدل على أنه ضد مصر وليس ضد الفلاح المصري وحده، لعدة أسباب أهمها أن بديل محصول القطن هو "الأرز"، وهو محصول مائي يحتاج إلى ضعف قدرات مصر المائية والتي تعاني أزمة خاصة بعد سد النهضة الإثيوبي.. والسبب الثاني أن الوزير يقر بوفاة الدولة وغياب دورها في حماية الاقتصاد القومي، ولا يدرك أن تخلي الدولة عن دورها في حمايته يكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد القومي المصري.


وللعلم فإن دعم الدولة الذي يشير إليه الوزير لفدان القطن هذا العام هو رقم هزلي لا يتجاوز 1400 جنيه للفدان، بينما كان سعر القطن قد تراجع من 1400 جنيه العام الماضي إلى 800 جنيه هذا العام، وهذا الدعم يوجه للفدان والذي تصل إنتاجيته إلى 10 قناطير قطن، وبالتالي نصيب كل قنطار 140 جنيهًا، أي أنه تراجع عن سعر العام الماضي بنحو 500 جنيه، ولم يتم تسويق القطن علمًا بأن التسويق هو التزام على الدولة وليس المواطن وبنص الدستور الذي يجهله الوزير.

وتصريحات الوزير تفتح باب جهنم على الحكومة لأن انتقال تسويق المحاصيل الزراعية من مسئولية الحكومة إلى المواطن سوف تمكن المزارعين من تصدير الأرز رغم أنف الحكومة وعدم الخضوع لابتزازها له مثلما يحدث الآن، لأن الحكومة لا تسمح بتصدير الأرز إلا عندما تقرر، وبعد أن تكون قد حصلت عليه بسعر التراب من المزارعين.. السبب هنا هو أن الأسعار العالمية للأرز تصل إلى أضعاف السعر المحلي الذي تفرضه الدولة، وبالتالي هي تريد امتصاص دماء المزارع البسيط وتستخدم بكل بجاحة سلطتها في استعباد الفلاح على طريقتها، وهو ما يفتح المجال للعديد من التساؤلات.

وهي: لماذا تشغل الحكومة ووزراؤها أنفسهم عندما يتراجع الفلاح عن زراعة القمح وتحوله إلى مستهلك بدلا من منتج لتصرخ وتقول هناك تراجع في إنتاجية المحصول الرئيسي.. وعندما ينتج تتركه دون شرائه، وتقوم باستيراد شحنات القمح المخلوط بالأعشاب والحشرات وربما بالرمال من الخارج ؟ لكن السبب كما نعرف جميعًا أن الحكومة غالبًا ما يعمل أعضاؤها كسماسرة يحصلون على عمولات من صفقات استيراد تلك السلع حتى ولو كان ثمنها تدمير الاقتصاد والقضاء على الفلاح المصري.

إن الحكومة هي المسئولة عن تدمير قطاع الزراعة في مصر بتحول المزارعين إلى إنتاج محاصيل ثانوية وتافهة مثل بطيخ اللب، والحكومة هي المسئولة عن تبوير الفلاح لأرضه وتحويلها إلى غابات من الأسمنت لأن حياته سوف ترتبط بالفقر والسخرة إذا ظل يعمل وفق تعليمات الحكومة وغباء المسئولين بها.

من حق الفلاح أن يتمرد وأن يغضب وأن يثور على من يصرون على تحويله إلى مجرد أجير يعمل وفقًا لآلية وخطط نماذج من مسئولين على شاكلة وزير الزراعة الذي لم يغادر المكاتب طوال حياته الوظيفية، وزير زراعة هو من صناعة يوسف والي الذي قضى على الزراعة والمزارع المصري وفقًا لمؤامرة دنيئة.

تصريحات وزير الزراعة تتسم بالسذاجة وتدل على ما وصلنا إليه من مستوى في اختيار المسئولين الذين يديرون أمور الدولة وقطاعاتها، كنت أتمنى من وزير الزراعة وهو أكثر من يجهل الأمور المتعلقة بالزراعة والمزارع الاهتمام بما أورده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وضع القطن المصري، والذي يعد من أهم الأقطان في العالم من حيث الجودة.

كان أحرى بالرئيس السيسي أن يخضع الوزير لآلية المحاسبة؛ لأن تصريحاته تزامنت مع لقاء الرئيس مع الفلاحين، وهو ما يضع خلفها عشرات من علامات الاستفهام.
الجريدة الرسمية