رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ محمود الكلحي.. تذوق القرآن فأطعم جمهوره

الشيخ محمود حسنين
الشيخ محمود حسنين صالح
18 حجم الخط

فضيلة الشيخ محمود حسنين صالح من مواليد قرية الكلح مركز إدفو محافظة أسوان، عام 1921 ،حفظ القرآن في سن مبكرة على يد الشيخ الأمين محمد الأمير العمرانى وتلقى علوم الفقه والنحو والتفسير حتى سن الثالثة عشرة ٬ وفي عام 1934 استكمل تعليمه بالأزهر الشريف على يد واحد من جهابذة تعليم، القراءات وهو فضيلة الشيخ محمد سعودي إبراهيم والذي منحه الإجازة وقد كان من زملائه في تلك السن المبكرة، فضيلة الشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ محمود عبد الحكم، وكانا متقاربى السن ومعهما الشيخ محمد سليم المنشاوي الذي أصبح له في قابل الأيام مركز مرموق في تعليم القراءات وتتلمذ على يده مشاهير القراء أمثال الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ أحمد الرزيقي.

كانت بداية الشيخ الكلحى الحقيقية مع الشهرة عام 1939 بمدينة إسنا في أحد الاحتفالات والتي شارك معه فيها الشيخ محمد صديق المنشاوى والشيخ محمود عبد الحكم ٬ ثم بدأ الشيخ ينطلق ليسمع مصر والعالم الإسلامي صوته الذي جاء من أعماق الصعيد فلقد قرأ في الإذاعة السعودية وفي الحرم النبوي أكثر من مرة، وكانت ترتبط بتأدية فريضة الحج التي أداها تسع مرات وكانت الإذاعة السعودية تذيع تسجيلاته أربع مرات شهريآ فيما بين عامين 1953-1995 ٬ وفيما بين عامي 1969-1971 انتخب عضوا لمجلس الأمة عن دائرة إدفو.

وفي حفل افتتاح السد العالي وجهت للشيخ الدعوة للقراءة وكان لأول مرة يستمع فيها الرئيس أنور السادات للشيخ النائب محمود حسنين الكلحي فعرض عليه الاعتماد والتسجيل فورا بالإذاعة إلا أن الشيخ رفض البقاء بالقاهرة وفضل القراءة بين أهله وعشيرته في صعيد مصر وفي عام 1971 سجل فضيلة الشيخ لبرنامج نور على نور مع الإعلامي أحمد فراج حلقة أذيعت أكثر من مرة في العديد من المناسبات الدينية٬ وفي صباح يوم السبت الخامس من يناير لعام 2002 مضى الشيخ إلى رحاب ربه، مضى من كان يقرأ القرآن وكأن في حنجرته عودا على حد تعبير إمام المسجد الأموي بسوريا ٬ مضى من تذوق حلاوة القرآن الكريم فأطعمنا حلاوته كما قال الدكتور فؤاد شاكر٬ مضى من كان يفسر القرآن بطريقة تلاوته أو كما قال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله الذي زار الشيخ الكلحي لأكثر من مرة خلال تسجيله خواطره الإيمانية بمسجد الطابية بأسوان، مضى من عاش عمرا يناهز الثمانين عاما شارك فيه أهله وعشيرته وأحبابه أفراحهم وأتراحهم وشدائدهم.

ودع الصعيد نجما كان في سمائه بدموع كثيفة وقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره محتسبينه عند ربهم كما قال فيه الشيخ موسى الأنصاري رحمه الله: "كتب الفناء على جميع عباده باق تعالى مفردا بمراده ودعا محبوه لقدس جواره فله استجابوا رغبة لرفاده الشيخ نودي فاستجاب مسارعا أوليس كان الشيخ من عباده.

ومما سرد عنه من حكايات وذكريات أن الشيخ عندما كان يأتى كل عام لإحياء ليلة الإسراء والمعراج بساحة السادة الإشراف الادارسة بالزينية قبلى ومناسبات أخرى ويصلى المغرب والعشاء بمسجد الإمام أحمد بن ادريس كانوا يقدمونه ليصلى إماما فكان دائما يرفض وكم كان الجميع يتمنى أن يؤمهم في الصلاة لكنه كان يأبى مقدما عليه إمام المسجد.

وأما عن الذكريات فقد ذكر أحد أهالي قرية " الزينية" عن الشيخ أن الآباء والأجداد كانوا يحسبون ويترقبون قدوم الشيخ كل عام لإحياء ليلة الإسراء والمعراج ومنهم من كان يجهز جهاز التسجيل بمدة قبلها ومع التوافد الشديد والزحام كان أهالي الزينية معظمهم وقوفا وخارج الحفل يستمعون للشيخ من الخارج ومنهم من كان يعتلى سطح بيته من بعيد كى يستمع للشيخ الجليل وأتساءل ما سر ذلك الحب الشديد والارتباط بالشيخ رغم أن معظمهم كانوا أميين وبسطاء إلا أن الصدق والحب يشعان من حنجرة الكلحي. 
الجريدة الرسمية