رئيس التحرير
عصام كامل

يوم من عمري


( ١ )

محاولة معرفة " الصح والغلط " لن تجني عليك سوى مزيد من المتاعب.. مثلا لا تحاول مناقشة إخواني في أخطاء الجماعة ومبعوثها المعزول محمد مرسي في قصر الاتحادية..لأن " فاقد الشيء بالطبع لا يعطيه" أو - على طريقة الرئيس السيسي - " مش مش عاوز أديك.. أنا مش قادر أديك ".

ومثلا أيضًا - لا تتعجب فمصر بلد المعجزات- لا تحاول الدخول في حديث عقلاني بعض الشيء مع "السيساوية" لأن النتيجة معروفة " إنت عيل طابور خامس وإخواني وعميل".. اتهامات " دليفري".. يعني من إيد صاحب المحل لـ"بقك".

بعيدا عن السياسة.. حاول - مجرد محاولة- أن تسأل السادة الموقر جمعهم عن سر تحولهم، ليس لأشرار لا سمح الله، لكن في مواقفهم المتغيرة بالنسبة لقضية واحدة.. خد عندك..الموقف من انقطاع التيار.. الموقف من الأحكام ضد الصحفيين - حتى وإن اختلفت مع توجهاتهم، وكذلك الموقف من سيناريو " دعم مصر".. حاول - وشرف التجربة يكفيك- أن تتابع عملية التغيير تلك.. وأنصحك " بلاش شتيمة لأنها بتلف وترجع لصاحبها".

( 2 )

"تليفونك يا باشا متراقب.. وأنا معايا تسجيلات بكل مكالماتك الليلية إياها"
"متراقب.. أنت عبيط يا ابني؟"
"من غير ما تشتم وتقل أدبك"
"طيب يا عم المخبر... وإيه المطلوب ؟! " 
"منك أنت.. ولا حاجة.. أنا عاوز السنيورة" 
"السنيورة في الكوتشينة" 
"لو حاتستخف دمك.. حاتدخل معاها.. أنا بس قلت أعرفك.. لأنها كمان شوية وحاتكلمك" 
"يا رااااااااجل.. طيب أنا منتظرها.. وشكر يا عم الحاج".
دقائق قليلة مرت... 
"فلانة الفلانية.. مع حضرتك.. أأمر يا فندم"
"يا أستاذة أنا "فلان الفلاني".. عندي استفسار "
"اتفضل " 
"هو ممكن أي شخص يقدر يأخذ تسجيلات لمكالماتي" 
"لا يا فندم"
"ولو كان ليه موظف في الشركة" 
"لا يا فندم"
"بس أنا في واحد كلمني..وقال لي كذا كذا كذا.." 
"يا فندم غير قانوني.. ومش ممكن يحصل"
وبنفاد صبر... "أي خدمة تاني يا أستاذ"؟ 
"ما كنت فندم من شوية..حالا بقيت أستاذ؟!.. عموما يا ستي شكرا " 
إلى هذا الحد انتهت المكالمة بين "الزبون" وفتاة "خدمة العملاء"
.....
"طيب انا لو اقتنعت إني متراقب.. إيه الغلط اللي بعمله.. وعلي فكرة أنا مافيش عندي سنيورة... أأاخ.. الحيوان ".
..... 
ولأن الإنترنت واحد من أصدقائي الأوفياء، وهم قلة، وجدت فيه ضالتي - ويا ليتني ما استعنت به- فما هي إلا دقائق قليلة واكتشفت أمورا عدة، أولا إنه يمكن أن يحصل أحد على تسجيلات لمكالماتي، و"سلم لي ع القانون"، ثانيا، إن التطورات التي تشهدها " تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة" تتيح لأي بني آدم أن يسجل مكالماتي معه، دون أن يستأذنني، ثالثا إن "العشاق..وتحديدا الذين يفضلون الليل وآخره" هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بـ"وباء التسجيل والتهديد". 

والنتيجة بعد المحادثة مع فتاة "خدمة العملاء"، وعملية البحث "البسيطة جدا" على الإنترنت تأكدت من صحة مقولة الراحل "حسن البارودي" للراحل - برضه - شكري سرحان "الدفاتر بتاعتنا.. والسجلات بتاعتنا.. وطلق يا أبو العلا". 

( 3 )

"ممكن تراجع مع البنت الحروف والكلمات والأرقام..يا محمود؟"... برزانة الواثق بالنتيجة نظرت لي "المدام"، وقالت الجملة السابقة، وكأي زوج "سبور".. و"عاوز يحافظ على نفسه" وافقت بـ"نظرة برضه" على طلب "الهانم".. وبدأت رحلة البحث عن "الهانم الصغيرة" لتبدأ "حصة المراجعة"، وحقيقة وجدتها فرصة لأثبت لنفسي وللعائلة الصغيرة، أنه لا توجد أزمة في أن يتحدث "الصعيدي" "إنجليزي"، وكأنه مولود في إحدى ضواحي "لندن". 

مرت مرحلة مراجعة "الحروف الأبجدية" بسلام، دون خسائر تذكر، والأحرف مرت هي الأخرى، وحمدت الله لأني "المدام" اكتفت من الأرقام بـ"العشرة الأوائل"، وهنا ذهبت "السكرة" وجاءت "الفكرة"، وسددت لي ابنتي صاحبة الأعوام الثلاثة، الضربة القاضية في أول ثانية من الجولة الثالثة، "الهانم الصغيرة" أشارت لـ" رسمة الدائرة" وقالت، وبراءة الأطفال في عينيها "بابا محمود.. ده إيه؟".. وببراءة مضاعفة أجبت "دايرة..يا روح بابا".. وبـ" خبث أنثوي" أجابت البنت "المفعوصة" " لا يا بابا دي سيركل.. cercle "..

لا إراديا.. سددت نظرة غاضبة لـ"أم البنت" وقلت "ثورة دي ولا انقلاب؟".. واتخذت قرارا لا رجعة فيه، بأن يكون دوري في "حياة بنتي" أن أقوم بتحفيظها أغاني الأطفال، و"كفى الله الصعايدة.. شر إنجليزي العيال". 

( 4 )

سنصير شعبًا حين نحترم الصواب، وحين نحترم الغَلَطْ !... محمود درويش "آثر الفراشة"

الجريدة الرسمية