فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ العدوي.. دم البرغوث!

بمنطق خالف تُعرف، يهوى الشيخ مصطفى العدوي مخالفة المعتاد، والسير عكس الاتجاه، وكسر الإشارات العامة. فما أن يلمح إجماعا على أمر يهم الناس، حتى يصر على مخالفته، ضاربا عرض الحائط بالقوانين، والأعراف المجتمعية.

وأحدث فتاويه المثيرة للجدل؛ الهجوم على المتحف المصري الكبير، ودعوته للتبرؤ من فرعون وتشبيهه التماثيل والآثار الفرعونية بالأصنام!


وقبل سنوات، وقع منه تصرف يؤكد ما أقول، حكاه الكاتب الكبير أحمد الخطيب، رئيس تحرير صحيفة الوطن، والمتخصص في الشئون الدينية. يقول الخطيب: في زمن كورونا، حين اجتاح الوباء البلاد، وأغلقت الدولة جميع المؤسسات: المساجد، والمدارس، والكنائس، والأندية. وكان القرار واضحًا، صارمًا، لا لبس فيه: لا صلاة جماعة، لا خطبة، لا منبر.
وهنا خرج الشيخ العدوي بفتواه الشهيرة والمثيرة: "لا يجوز إغلاق المساجد، وعلى المسلمين أن يدخلوها بالقوة! 

وكأننا أمام إعلان حرب، لا مجرد فتوي شاذة! وكانت المفاجأة أن ظهر الشيخ في فيديو مصوّر، يخطب الجمعة من على منبر وسط مُصلين، وبثّ الخطبة كاملة على صفحته في فيسبوك، بصوتٍ جهوري مُحرضا ضد قرار إغلاق المساجد، كأن شيئًا لم يكن.


الناس تساءلت: أين صلى الرجل؟ والمساجد مغلقة؟ هل اخترق الحظر؟ هل فُتح له مسجد سري؟  
الصحفيون جنّ جنونهم، وكنت أحدهم، أبحث عن إجابة، أطرق أبواب وزارة الأوقاف، وكل مسؤول يجيبني بنفس العبارة: الموضوع قيد التحقيق، نحن نبحث عن المسجد، ومن سمح له بذلك؟


حتى الوزير نفسه، الدكتور مختار جمعة آنذاك، كان يضرب كفًا بكف، ويقول: لقد أغلقنا كل المساجد، فأين خطب الرجل؟ في السماء؟!.
 

وبعد ساعات من البحث والتحري، جاءت الإجابة من الوزير نفسه، حين قال لي: "لقد صلى في مسجد داخل بيته! لكن البيت، كما اتضح، ليس بيتًا عاديًا، بل أقرب إلى كمبوند مستقل ذي سيادة.  
فالشيخ العدوي يملك بيتًا فسيحًا، فيه مسجد خاص، ومخبز عيش، و4 زوجات، و36 ولدًا، أي ما يكفي لإقامة صلاة جمعة كاملة بأهل بيته. 


يومها قال لي الوزير وهو يعض الأنامل من الغيظ: الرجل صلّى وخطب في المسجد داخل بيته، مش معقول نروح نقيض عليه في بيته.. أو نرسل له لجنة تفتيش!

ما يحدث من العدوي لا يعدو أن يكون تنطعا، لا أكثر.. وهو في ذلك يشبه الرجل الذي أراد الشهرة، فحاول تلويث ماء زمزم بفعل قذر! أو الإعرابي الذي استفتى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، في دم البرغوث، هل هو نجس أم طاهر، بعدها اكتشف الصحابي الجليل أن الرجل من أهل العراق.. 

وكان بينهما هذا السيناريو، الذي رواه "أبو نعيم" في "حلية الأولياء": "كنتُ جالسًا عندَ ابنِ عمرَ وجاءَه رجلٌ يسألُه عن دمِ البراغيثِ، فقال ابنُ عمرَ: انظُروا إلى هذا يسألُني عن دمِ البراغيثِ، وقد قتلوا ابنَ بنتِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، وقد سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: هما ريحانتايَ منَ الدُّنيا".
أتمنى أن يعيد الشيخ العدوي النظر في فتاويه.. فهل يفعل؟! أشك.