فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

دين الشعائر.. ودين المعاملات!

هل طبقنا الدين كما أنزله الله أم أننا اكتفينا بالقشور والشكليات؟ نصلي ونصوم ونحج ونرفع الشعارات، لكن شوارعنا تغص بالكذب والغش والظلم وقطع الأرحام.. أي دين هذا الذي لا يردع صاحبه عن الفساد، ولا يزجره عن أذية الناس، ولا يحجز لسانه عن الغيبة والنميمة؟ هل تدبرنا قول النبي الكريم "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له".


احتفلنا منذ أيام بذكرى مولد النبي محمد ﷺ، نشدنا المدائح فيه ووزعنا الحلوى، لكن هل اقتدينا بسيرته حقًا؟ هل جسّدنا رحمته وصدقه وأمانته؟ لو عاد بيننا اليوم، هل سيرضيه ما نفعله باسم الدين وما يمتلئ به واقعنا من عنف في الشوارع، وغش في الأسواق، وفساد في المؤسسات، وتباغض بين الأقارب؟


لقد أراد الله من العبادات أن تُهذب النفس وتُصلح المجتمع، لا أن تكون مجرد حركات تُؤدى وأصوات تتردد.. فما جدوى أن يقف المرء على سجادة الصلاة آلاف المرات وهو لا يتورع عن ظلم أو خيانة؟ وما قيمة أن يحج المرء عشرات المرات وهو لا يعرف العدل ولا الرحمة؟
 

إن الدين ليس في صورة للكعبة تعلقها، ولا في مصحف تضعه في سيارتك، ولا في مسبحة بيدك؛ الدين في صدقك، في رحمتك، في برك بوالديك، في تربيتك لأولادك، في حفظك لسانك وغضك بصرك.. هذا هو النهج الذي علّمنا إياه النبي ﷺ، وهذا هو الامتحان الحقيقي لانتمائنا إليه.. أما الاكتفاء بالقشور فهو خديعة كبرى، لا تضر إلا صاحبها. 


لا تتوهم أن الدين هو أن تصلي وتصوم وتقرأ القرآن وتحج وتنطق الشهادة وانتهى الأمر.. لا! هذه عبادات شعائرية وهى فرائض ستحاسب عليها لكنك لن تقطف ثمارها ولن تحقق أهدافها إلا إذا صحت عبادتك التعاملية، ولن تصح عبادتك الشعائرية إذا ظلمت وقصّرت وآذيت وكذبت وشتمت. انتماؤك الشكلي إلى الدين هو بينك وبين الله.. 

ما يحتاجه الناس منك هو رحمتك، وصدقك واستقامتك وحسن معاملتك مع الآخرين وحفظ لسانك عن أعراض الناس والابتعاد عن الكذب والغدر والخيانة، تربيتك لأولادك بالقدوة الصالحة لا بكلام أجوف لا ظل له في الواقع، برك بوالديك، حفظك للسانك، وغض بصرك عن المحارم.. 

تُرى: هل لو طبقنا هذا الفهم الصحيح للدين.. هل كانت أحوالنا بمثل ما نراه اليوم من ضجيج وصخب وعنف وإدمان وتواكل وسلبية؟!