عبد الرزاق الداهش رئيس الهيئة العامة للصحافة والمؤسسة الوطنية للإعلام في ليبيا لـ “فيتو”: القارئ العربي يقرأ نصف صفحة في السنة.. الكتاب المسموع قادم بقوة.. و“الكسل الذهني” يهدد مستقبل القراءة
كلما زاد معدل القراءة انخفضت معدلات الجريمة وارتفعت الإنتاجية
في ليبيا، حيث تتقاطع السياسة بالصحافة وتتداخل المصالح مع حرية التعبير، يعيش الإعلام حالة من الارتباك والتحدي المستمر. حرية الرأي والإعلام هنا ليست مجرد شعار، بل معركة يومية تواجه الانقسامات السياسية والصراعات المسلحة، بينما يحاول الصحفي الليبي أن يوازن بين نقل الحقيقة وحماية نفسه من الرقابة الذاتية أو القيود الأمنية.
في هذا الحوار، يسلط عبد الرزاق الداهش، رئيس الهيئة العامة للصحافة في ليبيا والمؤسسة الوطنية للإعلام، الضوء على واقع الإعلام الليبي في ظل الانقسامات السياسية، صعود “صحافة المواطن”، تراجع الصحافة الورقية، وأهمية بناء إعلام مهني مسؤول، مؤكدًا أن الصحافة يجب أن تكون عنصر استقرار وسلام، لا ساحة للصراعات أو أداة لتوظيف السياسة على حساب المهنية..وإلى نص الحوار
كيف ترى دور المعارض في توزيع الكتب وتأثيرها على سوق القراءة في العالم العربي؟
أكثر من 51% من مبيعات الكتب تتم عبر المعرض ويوزع الكتاب مباشرة على القارئ وفقا لبيان لإتحاد موزعي العرب، لكن للأسف، مستوى القراءة عند العرب متدن جدًا مقارنة بالعالم، فشعوب الدول الإسكندنافية مثل الهولنديين والسويديين يقرأون أكثر من 10 كتب في السنة، وفي أمريكا تصل نسبة القراءة إلى 17 كتابًا. أما القارئ العربي فإنه يقرأ نص ورقة فقط في السنة، وهذا الضعف في القراءة مرتبط بقضايا أعمق مثل ارتفاع معدلات الجريمة وتدني الإنتاجية، بمعنى كلما زاد معدل القراءة، قل معدل الجريمة وارتفعت نسبة الإنتاج وجاء التفكير والسلوك الحضاري في أعلى مستوياته.
كيف ترى واقع القراءة اليوم في العالم العربي مع انتشار الكتب المسموعة؟
هناك توجه عربي نحو الاستسهال، فالقارئ أصبح يبحث عن المحتوى السريع.
ومع انتشار الكتاب المسموع، أعتقد أنه سيكون له مستقبل واسع، رغم أن صناعته ما زالت في بدايتها بالعالم العربي.
المشكلة أن هناك كسلًا ذهنيًا، ونخبة فقط هن من يهتم بالكتاب الورقي. أجيالنا لديهم ارتباط عاطفي بالكتاب الورقي من الصعب أن يقرأ كتاب بي دي إف. ولابد هنا أن أشير لدور المعلم فهو من يوظف الفضول المعرفي، ويزرع حب القراءة في نفوس التلاميذ.
القارئ عندنا سلبي، وغالبًا ما يقرأ في مجالات محدودة مثل الحوادث أو الطبخ وكرة القدم أو بعض الكتب الدينية، ولهذا فافضل الكتاب لديهم أجاتا كريستي ومنال العالم، ومن هذا الطراز.
ما أكثر الكتب إقبالًا في المعارض مؤخرًا؟
كما قلت لك لدينا مشكلة في جودة القراءة، حيث يفضل القارئ قراءة ما يتعلق فما القيمة المضافة التي تقدمها كتب الطبخ وكيف تكون مليونيرا في أسبوع مؤلفها عجز على سداد إيجار الشقة التي يسكنها.
ولكن هناك تحسن طفيف في اختيار الكتب، خصوصًا الروايات والكتب الثقافية والأدبية، وهناك وعي قانوني متزايد بين طلبة وأساتذة القانون، وهو أمر إيجابي يسعى لتعزيز دولة القانون والمواطنة.
كيف تصف المشهد الإعلامي في ليبيا في ظل الأوضاع السياسية والأمنية؟
حرية الصحافة في العالم العربي عامة في حالة تعثر، حيث ترتبط بحرية النفاذ إلى المعلومة لتأمين حق المواطن في الوصول للحقيقة. مع الأسف لا توجد حرية كاملة في الحصول على المعلومة، ولا تزال هناك ثقافة التكتم في العالم العربي، والثالث عموما.
واليوم نحن أمام نهاية السلطة الرابعة يعني نهاية الإعلام التقليدي، فالصحافة المطبوعة، التلفزيون، والراديو على أن يكون لها حضور في المستقبل بسبب انتشار منصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي نحن ندخل العصر الرقمي بعد عصر الطباعة وعصر الصورة.
نعم صار الكل صحفيًا، بفضل الإنترنت، وأمام "صحافة المواطن"، حيث ينشر الجميع الأخبار عبر مواقع التواصل. الصحافة الورقية والإذاعة والتلفزيون تواجه تحديًا كبيرًا أمام الرقمنة.
وبلغت نسبة التوزيع في لييبا 2000 نسخة على مستوى الصحافة الورقية في الإعلام العمومي أو “صحافة الدولة ”، ولا توجد صحافة ورقية خاصة لأن ليس لها قراء ومكلفة اقتصاديا.
ما هو مستقبلكم لرؤية صحافة المواطن؟
صحافة المواطن في الوقت الراهن تعاني من العشوائية وحتى الغوغائية بدون التزام بقواعد السلوك الأخلاقي والمهني. مع ذلك، هذه الفوضى قد تتبلور فيما بعد في شكل إعلام جديد، أما التشريعات الضابطة عادة تأتي متأخرة والمشكلة أن المشرع دائما يتجه إلى التضييق بدل التنظيم. المهم الوضع حاليًا يعتمد على الضمير الأخلاقي والالتزام الذاتي.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الصحفي؟
بالطبع الذكاء الاصطناعي يقدم معلومات ضخمة، نحن أمام 2 مليون ونصف ترليون بيت معلومات تتدفق يوميا ولكن هذا الانفجار المعلوماتي وفتوحات الذكاء الاصطناعي لا يغني عن العقل البشري.
استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الصحافة امر مهم ويمكن استثماره في الحصول على المعلومات في الديسك واللغوي، لكن الصحفي يظل الأساس في التكوين والتمييز.
ما أبرز التحديات التي تواجه الصحفي الليبي؟
أهم التحديات صعوبة النفاذ للمعلومة، لغياب القانون الذي يتيح للصحفي الحصول على المعلومات بدون أي معرقل أمني أو ثقافي. هناك تحد مهم وهو ضعف الرأسمال البشري ولهذا نحن بحاجة لمعاهد صحافة تحويلية، تتولى التكوين والتدريب والتأطير، وإنتاج كوادر صحفية أكثر حرفية. هذه المعاهد ليست حشو معلومات إنما تدريبا عمليا، يخرج الطالب من قاعة التدريب ليدخل مباشرة لقاعة الأخبار.
هناك الرقابة الذاتية الضاغطة على الصحفي بسبب غياب الحماية القانونية، وحتى أسباب نفسية وثقافية.
ما دوركم في الهيئة العامة للصحافة والمؤسسة الوطنية للإعلام في مواجهة هذه التحديات؟
قمنا بإعادة هيكلة وإصلاح تنظيم العمل الإعلامي بما يتناسب مع متطلبات العصر. نعمل على رصد المحتوى الإعلامي لمواجهة خطاب الكراهية بكل مشتقاته وكذلك التضليل الإعلامي، ولدينا مدونة سلوك تحكم العمل الإعلامي، ونعمل على مواجهة خطاب الضغينة وشيطنة الآخر والتمييز ضد المرأة، والتحريض والتجييش نريد إعلام السلام والبحث عن الحقيقة والخدمة. الإعلام يجب أن يكون عنصر للاستقرار وليس التوتر، أداة تهدئة لا تجييش.
هل الوضع السياسي في ليبيا يؤثر على الإعلام الخاص؟
بالتأكيد، فالأوضاع السياسية خلقت انقسامات انعكست على الإعلام.
المشكلة في ليبيا هي أننا لم نستطع أدارت خلافاتنا فاتجه كل طرف إلى إقصاء الآخرين بمنطق أنا ولا أحد. ولهذا أخذ كل طرف في استغلال وسائل الإعلام وتكوين الأذرع الإعلامية.
الإعلامي لا يتعسر ولا يصطف هذا ما تقوله مدون السلوك. هيئة رصد المحتوى ستكون لها لجنة تقييم مستقلة برئاسة عضو من الهيئة القضائية ترصد كل الإخلالات بما في ذلك من وسائل إعلام موجهة للمتلقي الليبي. يمكن أن ترفع قضايا حسب الولاية القضائية لأي مؤسسة إعلامية ويمكن تحويل القضية إلى لجنة العقوبات بمجلس الأمن إذا تطلب الأمر. خلال عام واحد، رصدنا آلاف الإخلالات المهنية هدفنا أن يكون لدينا إعلام مهني وملتزم (الصدق قبل السبق، وفبل ذلك امتحان الأذى).
هل هناك فارق في القيود بين الصحف الخاصة والعامة؟
لا، لا فرق بعد تعميم رفع القيود من حكومة الوحدة الوطنية على جميع الصحفيين.
ليس من المهم الوسيلة الإعلامية من يمولها، ولكن المهم هو محتوى الخطاب ومدى توافقه مع مدونة السلوك المهني، وهناك لجان تقييم مستقلة ومحاسبة على الانتهاكات يرأسها عضو من القضاء تحدد مدى الانتهاكات الأخلاقية والمهنية، وبالتالي نتدرج في العقوبات، اللوم، لتحذير، إنذار، في الأخير نلجأ إلى رفع قضية ضد الوسيلة، لوقف الانتهاكات؟
هل هناك حبس للصحفيين؟
لا توجد سياسة عامة لحبس الصحفيين، لكن هناك حالات احتجاز حدثت ولا نريد أن تبقى.
والحقيقة دائما ما يقوم النائب العام بالإفراج نحن نرفض حبس الصحفيين في قضايا قضايا النشر والبث
ومشروع الدستور الليبي، ضمن مسألتين، الأولى حرية النفاذ إلى المعلومة، أي تكون حرية تداول المعلومات محمية بالدستور. والأمر الثاني هو عدم حبس الصحفيين في قضايا النشر.
ولكن هذا لا يعني الإفلات من العقاب اقصد لا يمكن الاعتداء على سمعة الناس أو التشهير بهم وانتهاك خصوصيتهم وبدون حساب، هناك ثنائية يجب أن يدركها الصحفي “ الحرية والمسئولية” المسؤولية لا تعني القيود والحرية ليس الانفلات.
لماذا لا توجد نقابة موحدة للصحفيين حتى الآن؟
لا تزال هناك جهود لتأسيس نقابة موحدة، حاليًا النقابات المحلية والجهات القضائية هي التي تدافع عن حقوق الصحفيين.
وكيف تنظم الحقوق المادية والصحية للصحفيين؟
في القطاع الخاص توجد عقود بين الصحفي والمؤسسة التي يعمل بها، وفي القطاع العمومي تحكمها قوانين العمل، والمحاكم هي الفيصل في النزاعات.
ماذا عن الوضع القانوني للصحافة في ليبيا؟
يوجد قانون المطبوعات من 1959 مع تعديلات 1972، وهو قديم، وبه مميزات أهمها الحماية من الرقابة قبل النشر، كما أنه يوجد نيابة خاصة للصحافة تتعلق بقضايا النشر ، كما أنه لا يتم تحريك الدعوى الجنائية ضد أي صحفي إلا بإذن وزير الإعلام أو من يحل محله، وهي نوع من الحصانة للصحفي، ولكن القانون يحتاج إلى تحديث، وهناك مساعي أن يكون هناك قانون إعلام جديد يشمل النشر الإلكتروني، رغم أن هناك توجهات أخرى بعدم وجود قانون للإعلام، فالدول الأوروبية مثلا لا تعتمد قوانين إعلام خاصة لأنها قد تفرض تضييقًا، حيث يرى البرلمانيون أن التشريعات تميل إلى التضييق على الصحفيين.
والأن لا أفضل قانون للصحافة، ولكن مستقبلا نحتاج إلى قانون ينظم الصحافة وليس للتضييق على الصحفيين.
كيف يمكن للإعلام دور في المصالحة الوطنية في ليبيا؟
الخلاف في ليبيا سياسي وليس مجتمعي. إذا مارس الإعلام دوره كصحافة سلام ينقل الحقائق دون تأجيج الصراعات، سيكون له دور مهم في المصالحة، لكن حتى الآن هو غير قادر على ممارسة دوره الحقيقي بسبب الصراعات وغياب الاستعداد للتنازل من الأطراف.
كيف ترى علاقة السياسة بالصحافة؟
كلاهما يؤثر في الآخر. نأمل أن يكون التأثير من الصحافة على السياسة إيجابيًا، فالإعلام يجب أن يقدم خطاب سلام وتنوير، وليس أن تتوظف الصحافة لخدمة السياسة بشكل يضر بها أو يسيء إلى مهمتها.
كيف ترى مستقبل الصحافة الليبية في ظل التحول الرقمي؟
المستقبل سيكون للإعلام الرقمي. الصحف الورقية ستبقى لكنها لن تكون الوسيلة الأساسية. الجيل الجديد يقرأ من الهاتف ويتابع الأخبار عبر التطبيقات ومواقع التواصل. الصحفي الآن يجب أن يكون متعدد المهارات: يكتب، يصور، ويحرر وينشر. بدأنا فعليًا بالتحول إلى الرقمنة من خلال تطوير مواقع إلكترونية للصحف وتدريب الصحفيين على أدوات النشر الإلكتروني.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
