جمهورية «القائم بالأعمال».. القائمة تضم وزراء ورؤساء جامعات وقيادات اقتصادية ورقابية وتمتد إلى دواوين الحكومة والمديريات.. وخبراء: حوكمة غير رشيدة
فى مصر.. وفى مصر فقط يتحول الاستثناء إلى قاعدة، والحل الطارئ إلى منهج مستمر، بدا ذلك واضحا مع انتشار ظاهرة “القائم بالأعمال”.. الظاهرة تحولت تدريجيًا إلى سمة مميزة لعدد من المؤسسات، ولم يعد هذا الوضع مقتصرًا على الوزارات أو المناصب الصغيرة، بل امتد ليطال مؤسسات حساسة ومهمة ومناصب كبيرة.
فبين ليلة وضحاها، يصبح محافظ البنك المركزى “قائمًا بالأعمال”، ووزيرة البيئة تتولى مهامها بصفة مؤقتة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية يدير شؤون الهيئة بالإنابة. وعدد كبير من رؤساء الجامعات يديرونها بنفس المنطق، فضلا عن عديد من المناصب داخل الدواوين الحكومية، حتى تشعر أن معظم المناصب المهمة والمؤثرة أصبحت تنطوى تحت هذه اللافتة المثيرة للجدل والتساؤلات؛ فهى لم تعد مجرد حالات فردية أو ترتيبات مؤقتة، بل غدت نمطًا متكررًا فى عدد من مؤسسات الدولة الهامة.
كثير من أهل الاختصاص والدراية يضعون ألف علامة تعجب ومثلها من علامات الاستفهام عن تفاقم هذه الظاهرة التى يصفونها بالسلبية والتى تعكس غياب الاستقرار المؤسسي، وتآكل مبدأ التعيين الرسمي، الذى يضمن استمرارية العمل، ويمنح المنصب ثقله وثباته.
القائم بالأعمال، كما تحدث عدد ممن استطلعت “فيتو” آراءهم، أجمعوا على أنه مهما تعاظمت كفاءته، يبقى فى حالة من الترقب والحذر والخوف والريبة، غير قادر على حسم القرارات المصيرية، لأنه يعلم علم اليقين أن وجوده على رأس المؤسسة قد ينتهى فى أى لحظة. “فيتو” رصدت جانبًا مهمًا من هذه الظاهرة، وتتبعتها فى عدد من المؤسسات والكيانات المهمة والمؤثرة، وبدا أنها ربما تحولت إلى قاعدة شبه مستقرة فى عدد من المؤسسات المهمة، ما يعكس مشكلة هيكلية لا تقتصر على شخصيات أو تخصصات بعينها، وسوف تظهر آثارها السلبية فى قادم المواعيد، إن لم تكن ظهرت فى بعض هذه المؤسسات حتى الآن، وهو ما يمثل أحد أكبر التحديات أمام إصلاح الهياكل الإدارية الحكومية فى مصر.
منال عوض وزيرة بـ «روحين»
يقولون فى الأمثال إن صاحب “بالين كداب”، لكن يبدو أن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، لا يؤمن كثيرا بهذا المثل، ويرى فى بعض من يعملون معه “سوبر هيرو” يستطيعون القيام بأكثر من مهمة رغم أن مهامهم الرئيسية ما زالت محل نقد شعبى ورسمي.
رئيس الحكومة فاجأ الجميع بقرار غريب، حينما أسند إلى وزيرة التنمية المحلية منال عوض مهام “القائم بأعمال” وزيرة البيئة، وذلك بعد تقدم الوزيرة ياسمين فؤاد باستقالتها من منصبها استعدادا لتولى منصب دولى مرموق.
ورغم أن قرار تكليف منال عوض بمهام القائم بأعمال وزيرة البيئة كان قرارا مؤقتا، إنقاذا للموقف ولإتاحة مزيد من الوقت لاختيار خليفة لياسمين فؤاد إلا أنه مر حتى الآن ما يقرب من الشهرين، والوضع ما زال كما هو عليه، ولم يتم اختيار وزير جديد للبيئة ويبدو أن الأمور ستسير هكذا انتظارا لأقرب تعديل وزاري.
اللافت أن أنشطة الدكتورة منال عوض فى وزارة البيئة تكاد لا تذكر طوال الفترة الماضية ومعظم الأنشطة والفاعليات التى تنشر فى الصحف أو تخرج من المكتب الإعلامى للوزيرة كلها أنشطة متعلقة بمهام منصبها الأصلى وزيرة للتنمية المحلية.
لا أحد بالطبع يلقى باللوم على منال عوض، فهى تتعامل مع وزارة البيئة كمهمة مؤقتة، ولن يحاسبها أحد على أى تقصير، بالإضافة إلى مهامها الصعبة والمتعددة فى التنمية المحلية وفى التعامل مع حوالى 27 محافظة، بكل ما فيها من مشاكل وملفات ملغومة.
المؤكد أن وزارة البيئة وزارة حيوية تحتاج لوزير متفرغ، لديه خطة وبرنامج واضح، ولديه رؤية فى كافة الملفات، ولن يجدى نفعا تركها “مهمة ثانية” لوزيرة لديها من المشاكل والأزمات ما يكفى ويزيد.
حسن عبدالله.. النجاح تحت لافتة «قائم بالأعمال»
فى فترة عصيبة من عمر الوطن، وفى أحلك الظروف الاقتصادية وقع اختيار القيادة السياسية على المصرفى حسن عبدالله، لقيادة سفينة السياسة النقدية للبلاد، وفى 18 أغسطس 2022 صدر القرار الجمهورى بإسناد مهام محافظ البنك المركزى لحسن عبدالله خلفا للمحافظ السابق طارق عامر، لكن على عكس المتوقع كان قرار التكليف “قائما بالأعمال”، فى منصب ذى حساسية يحتاج إلى استقرار يتيح لمن يعمل مناخا مناسبا لرسم السياسات وتطبيق الأفكار.
لم تكن الاستعانة بحسن عبدالله فى هذا المنصب المرموق مستغربة، فالرجل ابن القطاع المصرفى وقضى معظم سنوات عمره فى دهاليز البنوك، واكتسب خبرة كبيرة تجعله خيارا مناسبا، وتجعل الرهان عليه رهانا رابحا، لذلك كان غريبا أن يكون اختياره “قائما بالأعمال” وليس محافظا.
شمَّر حسن عبدالله عن ساعديه، ولم يلتفت كثيرا إلى مسألة القائم بالأعمال، وخلال شهور قليلة قدم نفسه للقيادة السياسية وللرأى العام، ونجح فى إعادة الهدوء لسوق صرف العملات الأجنبية، وقضى على المضاربين وتجار العملة، واتخذ قرارات صعبة وجريئة أعادت للجنيه بعضا من بريقه المفقود.
وفى وقت تصور فيه كثيرون أن يتم تعيين حسن عبدالله محافظا للبنك المركزي، كان للقيادة السياسية رأى آخر وتم التجديد له “قائما بالأعمال” بدل المرة 3 مرات أخرى أولها فى 18 أغسطس 2023 والثانية فى 2024 والمرة الأخيرة كانت قبل أيام قليلة.
وفى الوقت الذى تناقلت فيه مواقع إخبارية مؤخرا أنباء عن استبعاده من منصبه على رأس المركزى جاء قرار التجديد الأخير ليعزز الثقة فيه وفى نجاحاته لعام آخر باعتباره قائمًا بالأعمال فى حين يكون منصب المحافظ لمدة ٤ سنوات قابلة للتجديد.
محمد الفيصل عامان فى «المركزى للمحاسبات»
.. بعد 7 سنوات قضاها المستشار هشام بدوى رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات، وقدم خلالها أداء مميزا فى إدارة واحدة من أهم المؤسسات الرقابية فى مصر، صدر قرار فى أغسطس 2024 بتكليف المستشار محمد الفيصل يوسف أحمد يوسف رجب بالقيام بأعمال رئيس الجهاز بدرجة وزير لمدة عـام.
لم يكن الفيصل غريبا عن الجهاز المركزى للمحاسبات، ولم يهبط بباراشوت على الجهاز، فقد كان نائبا لرئيس الجهاز لفترة طويلة، واكتسب خبرات كبيرة فى آلية عمل الجهاز وفى الملفات التى يشرف عليها، وربما هذا ما جعله يبلى بلاءً حسنا فى العام الأول له فى منصبه وهو ما رشحه هذا العام لتجديد تكليفه قائما بالأعمال لفترة جديدة تمتد إلى عام آخر ينتهى فى 7 أغسطس 2026.
ينتمى الفيصل إلى مدرسة إدارية تعشق العمل فى الصمت، وربما هذا يفسر عدم الظهور الإعلامى المكثف للرجل، حتى أن البعض ربما لا يعرف شكله حتى الآن، غير أن الجهاز تحت إدارته يقوم بالمهام الموكلة إليه وينفذها بالشكل الأمثل.
عدد كبير من الخبراء يرون أن الجهاز المركزى للمحاسبات من الأماكن الحساسة التى تحتاج إلى استقرار إدارى فى قيادتها العليا ويطالبون بأن يتم تعيين رئيس دائم للجهاز وليس شخصا يدير الجهاز مؤقتا فى منصب قائم بالأعمال.
عمرو عادل حسنى تكليف جديد على رأس أهم هيئة رقابية
فى عام 2022 صدر تكليف رئاسى بتولى عمرو عادل حسنى منصب القائم بأعمال هيئة الرقابة الإدارية خلفا لرئيس الهيئة السابق حسن عبدالشافى أحمد، لتبدأ الهيئة الرقابية ذات التاريخ الكبير مرحلة جديدة فى مسيرتها الوطنية، تحت قيادة شابة تمتلك أفكارا ورؤى جديدة. ونظرا للجهود الكبيرة التى بذلها عمرو عادل حسنى جددت القيادة السياسية تكليفه قائما بأعمال رئيس الهيئة ثلاث مرات الأولى فى أغسطس 2023 والثانية فى 2024 والأخيرة كانت منذ أيام، دون قرار رسمى حتى الآن بتكليفه برئاسة الهيئة بشكل مستمر لفترة 4 سنوات كما كان يتم فى الماضي.
ووفقا لموقع هيئة الرقابة الإدارية التحق حسنى بالعمل فى الهيئة عام 1995 وتدرج فى المناصب المختلفة حيث شغل بها كافة الوظائف التنفيذية والقيادية بالوحدات المركزية والإقليمية والتخصصية إلى أن شغل منصب رئيس جهاز الخدمة السرية عام 2015 ثم نائب رئيس الهيئة عام ٢٠١٩.
وشارك فى تعديل قانون الهيئة واستحداث تخصصات ضبط جرائم الاتجار بالبشر، الهجرة غير الشرعية، انتحال الصفة وساهم فى تعديل الهيكل التنظيمى لها واستحداث وحدات جديدة لمواكبة تطور مفهوم منع ومكافحة الفساد وتطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية والتحول إلى التحريات الإلكترونية وتوسيع قاعدة التعاون الدولى من خلال رئاسته لمؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد 2021 / 2023 وكذا رئاسة الهيئة لاتحاد هيئات مكافحة الفساد الأفريقية 2022 / 2025.
محمد فريد صالح 3 أعوام فى الرقابة المالية
هيئة الرقابة المالية، واحدة من الهيئات التى تحظى بأهمية كبرى فى أوساط المال والأعمال، فهى تعمل على حماية المستثمرين وحاملى الوثائق والمستفيدين من الخدمات المالية غير المصرفية، وتضمن الشفافية والعدالة فى التعاملات، كما تشرف الهيئة على استقرار وكفاءة الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، مثل سوق الأوراق المالية (البورصة)، والتأمين، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتمويل الاستهلاكى، لذلك يبدو منصب رئيسها من الأهمية بمكان، ويخضع اختياره لشروط ومعايير صارمة للغاية، بحيث يتم اختيار كفاءة قادرة على إدارة الأسواق وتنظيمها وأيضا حفظ حقوق المتعاملين فيها.
ومنذ أغسطس 2023 يجلس على رأس الهيئة قائما بأعمال رئيسها الدكتور محمد فريد صالح، وهو وجه يحظى بتقدير واحترام كبير فى الأوساط المالية وبين صناع القرارات فى أسواق المال، وعبر 3 سنوات قضاها قائما بالأعمال يسعى فريد صالح إلى ضبط الأوضاع وتهيئة بيئة عمل مناسبة تسمح بالتداول.
محمد فريد صدر له حتى الآن 3 قرارات قائم بالأعمال لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، 2023 و2024 و2025 على التوالي ليواصل الرجل تأدية مهام عمله بصورة مؤقتة إلى حين إشعار آخر.
خالد أبوالليل قائد مؤقت لهيئة الكتاب
فجأة ودون مقدمات قدم الدكتور أحمد بهى الدين اعتذارا عن عدم الاستمرار فى منصبه كرئيس للهيئة العامة للكتاب، مبررًا ذلك برغبته فى التفرغ للعمل الأكاديمى والبحث العلمي، وتقدم باستقالته لوزير الثقافة أحمد هنو، الذى وجد نفسه فى موقف صعب خصوصا أن الاستقالة تأتى قبل شهور قليلة من الدورة المقبلة لمعرض الكتاب أهم حدث ثقافى سنوى للوزارة.
استقالة بهى الدين فتحت الباب لتساؤلات كثيرة عن كواليس ما يجرى فى وزارة الثقافة، والسبب وراء اعتذاره عن عدم الاستمرار فى منصبه، وسر توقيت الاستقالة، وفى نفس الوقت فتحت بابا للجدل عن الشخصية التى ستخلفه، ولعدة أيام دخل بورصة الترشيحات أسماء كثيرة بعضها ما زال يعمل داخل الوزارة وبعضها من الكوادر الثقافية من الخارج.
لم يستمر الجدل طويلا فقد حسم وزير الثقافة الأمر واختار خالد أبوالليل قائما باعمال رئيس الهيئة ومُسيرا للأعمال لحين تعيين رئيس جديد، فى خطوة اعتبرها كثير من المثقفين ترحيلا للأزمة ومحاولة من زير الثقافة لإطفاء الحرائق المشتعلة، مع بدء العد التنازلى للدورة الجديدة لمعرض الكتاب.
والدكتور خالد عبد الحليم محمد أبو الليل، أستاذ اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب، جامعة القاهرة، حصل على الليسانس فى الآداب من قسم اللغة العربية بآداب القاهرة بتقدير عام “جيد جدًا مع مرتبة الشرف”، وعُيِّن معيدًا بقسم اللغة العربية وآدابها فى ديسمبر 1999، نال درجة الماجستير من القسم ذاته بتقدير ممتاز، عن رسالته المعنونة: “الحكاية الشعبية: دراسة ميدانية فى محافظة الفيوم”. عام 2003، ثم حصل على درجة الدكتوراة عن رسالته “السيرة الهلالية فى محافظة قنا: دراسة للراوى والرواية” عام 2008. حصل على درجة أستاذ مساعد فى الأدب الشعبى عام 2013، ثم نال درجة الأستاذية عام 2018.
الظاهرة امتدت إلى الجامعات ومديريات الوزارات
ولأن ظاهرة تعيين قائمين بالأعمال ليست مجرد حالات فردية أو مجرد إجراء إدارى عابر فإن القائمة طويلة وتضم عددًا كبيرًا من المسئولين فى الهيئات الحكومية، مثل: المهندس حاتم نبيل رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، والذى صدر له قرار التكليف، بتاريخ 10 أبريل 2025.
كما أصدر المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية قرارًا بتكليف الدكتورة المهندسة عبير الشربينى القائم بأعمال المكتب الفنى بوزارة البترول والثروة المعدنية لتصبح المتحدث الرسمى للوزارة.
وتضم القائمة أيضا المهندس أحمد يوسف مساعد وزير السياحة والآثار لشئون الإدارات الاستراتيجية والقائم بأعمال الرئيس التنفيذى للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي.
وتضم القائمة كلا من: الدكتورة جينا الفقى، المشرف العام على بنك المعرفة المصرى والقائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، وياسر عبد الله القائم بأعمال الرئيس التنفيذى لجهاز تنظيم إدارة المخلفات منذ مايو 2024 مع عمله مساعد وزير البيئة لشئون المخلفات.
كما أصدر المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قرارًا بتكليف الكيميائى سعد محمد هلال للقيام بأعمال العضو المنتدب التنفيذى للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، خلفًا للمحاسب عماد الدين مصطفى خالد، كما قرر الدكتور أحمد مصطفى رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي، تجديد تكليف الدكتور أحمد عطا للقيام بتسيير أعمال رئيس الإدارة المركزية للشؤون الطبية لمدة عام اعتبارًا من 13 أغسطس الجاري.
القرار الذى حمل رقم 46 لسنة 2025، على أن “يُجدد تولى الدكتور أحمد محمد مصطفى، استشارى متفرغ الأنف والأذن والحنجرة بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية؛ القيام بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى حتى 9 نوفمبر 2025،
وأصدر الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، قرارا حمل رقم 667 لسنة 2025 بتاريخ 24 أغسطس 2025، بتجديد تكليف الدكتور محمد أحمد إبراهيم أحمد شقوير للقيام بأعمال رئيس مجلس إدارة المؤسسة العلاجية، ليستمر فى منصبه حتى 13 يوليو 2026، أو لحين الانتهاء من الإجراءات القانونية لشغل الوظيفة.
كما تم تكليف الدكتور أحمد رزق محمد نسيم، مدير مستشفى السلام التخصصي، القيام بأعمال نائب رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة.
جامعات تكتوى بنار «القائم بالأعمال»
الجامعات المصرية لم تكن بعيدة عن فكرة القائم بالأعمال، وطالها ما طال مؤسسات كبيرة أخرى، ولدينا فى مصر أكثر من جامعة يديرها قائمون بالأعمال يجلسون على مقاعدهم بصفة مؤقتة، يمارسون عملهم بقرارات قائم بالأعمال.
قرار وزير التعليم العالى بتعيين رؤساء مؤقتين لـ١٣ جامعة أهلية بدلا من تعيين أساتذة متفرغين لهذه المناصب يؤكد أن هناك قصورًا إداريا واضحا.
ومن بين هذه الجامعات: جامعة بنى سويف القائم بالأعمال فيها الدكتور طارق على محمد حسن، وجامعة مطروح الدكتور عمرو أحمد المصري، وجامعة أسوان الدكتور لؤى سعد الدين نصرت، وجامعة كفر الشيخ الدكتور إسماعيل إسماعيل إبراهيم، وجامعة الأقصر الأهلية الدكتورة صابرين جابر عبد الجليل، وجامعة الغردقة الدكتور محفوظ عبد الستار إبراهيم.
وأصدر الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس والقائم بأعمال رئيس جامعة عين شمس الأهلية، قرارًا بتكليف الدكتور محمد عبد الكريم صالحين محمد – بكلية الهندسة – بالقيام بأعمال نائب رئيس جامعة عين شمس الأهلية للشئون الأكاديمية، وذلك اعتبارًا من 7 سبتمبر 2025.
خبير سياسات ونظم الحوكمة الدكتورة غادة موسى لـ”ڤيتو”: مواد شغل الوظائف القيادية والإشرافية بـ«الخدمة المدنية» لم تتحدث عن مسمى “قائم بالأعمال” وهذه هى أبرز العواقب.. وأين ذهب بنك القيادات؟
قالت الدكتورة غادة موسى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وخبير سياسات ونظم الحوكمة، إنه لوحظ فى الآونة الأخيرة تولى العديد من الشخصيات مناصب قيادية وإشرافية تحت مسمى “قائم بالأعمال”، مشيرة فى حوار خاص لـ”فيتو” إلى أن هذه التسمية امتدت إلى الوظائف المدنية / العمومية والمناصب الأكاديمية، وقد يمتد القيام بالأعمال لسنة أو سنتين، وقد يتم التجديد”القائم بالأعمال” أيضًا بعد انتهاء مدة قيامه بالأعمال، كما لاحظنا فى عديد من المسميات والمناصب مؤخرا طالت مؤسسات حكومية كبيرة..وإلى نص الحوار..
-هل يتضمن قانون الخدمة المدنية ما ينص على تعيين بعض الوظائف الكبرى تحت اسم “قائم بالأعمال”؟
-بدراسة قانون الخدمة المدنية رقم ٨١ لسنة ٢٠١٦ سنجد أن مواد شغل الوظائف القيادية والإشرافية لم تتحدث عن مسمى “قائم بالأعمال”، فقد نص قانون الخدمة المدنية ٨١/٢٠١٦ على أن يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب أو الإعارة، كما إن المادة 12 تنص على أنه من شروط شغل الوظائف أن تكون شاغرة وممولة، ويكون التعيين بعد اختبار ينفذه الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة من خلال لجنة للاختيار، وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد الإعلان عن الوظائف الشاغرة.
-وبالنسبة للمواد الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة؟
-المادة 15 تنص على أن المعين يوضع تحت الاختبار لمدة ستة أشهر من تاريخ تسلمه للعمل، تتقرر خلالها مدى صلاحيته للعمل، وحددت المادة 16 حالات الضرورة التى يجوز فيها التعاقد مع ذوى الخبرات فى التخصصات النادرة، كما إن المادة 17 من القانون تنص على أن التعيين فى الوظائف القيادية والإشرافية يكون من خلال مسابقة يعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية أو عن طريق النشر فى جريدتين واسعتَى الانتشار، لكن أشارت ذات المادة فى الفقرة الثالثة إلى أنه “استثناءً من أحكام هذا القانون يجوز للوزراء اختيار مساعدين ومعاونين لهم لمدة محددة وفقًا للنظام الذى يصدر به قرار من رئيس مجلس الوزراء وبناءً على عرض الوزير المختص”.
-هل هناك تداعيات أو آثار سلبية يمكن أن تنجم عن هذه الظاهرة؟
- إحدى أبرز الإشكاليات الناجمة عن هذه الظاهرة تتمثل فى الغياب المحتمل للرؤية طويلة الأمد، فعندما يشغل موظف منصبًا “بالنيابة”، قد يتردد فى اتخاذ قرارات كبرى أو إطلاق مشاريع استراتيجية تتطلب التزامًا لسنوات، وبدلًا من ذلك، قد يركز على “تسيير الأعمال” اليومية فقط إلى حين تعيين شخص دائم فى المنصب، وهذا قد يؤدى إلى بطء فى الأداء وتأخير فى تنفيذ الخطط التنموية والتطويرية للمؤسسة. هذا المنصب قد يكون غير مستقر، فقد يؤثر ذلك أيضًا على الروح المعنوية والإنتاجية داخل الفريق، فعدم وجود مدير أو رئيس دائم قد يخلق شعورًا بعدم اليقين بين الموظفين، وقد يؤدى إلى صعوبة فى بناء الثقة والقيادة الفعالة، خاصة إذا كان الموظف القائم بالأعمال يتمتع بصلاحيات محدودة.
-برأيك ما السبب فى تفاقم هذه الظاهرة رغم خطورتها؟
- يمكن إرجاع تكرار الاستعانة بمسمى “قائم بالأعمال” إلى عدة اعتبارات، منها: سد الفراغ الإدارى المؤقت، حيث قد يوجد منصب شاغر بشكل مفاجئ، سواء بسبب استقالة أو تقاعد أو نقل أو إجازة طويلة للمدير الأساسي، وفى هذه الحالة يتم تكليف موظف مؤهل بتسيير أعمال الإدارة لضمان استمراريتها دون انقطاع، وذلك لحين الانتهاء من إجراءات التعيين الدائم التى قد تستغرق وقتًا طويلًا، كما قد تلجأ المؤسسة إلى تكليف موظف “قائم بالأعمال” لفترة تجريبية بهدف تقييم قدرته على تحمل مسئوليات المنصب بشكل فعلي.
-هل يمكن اعتبار تعيين موظف كبير قائمًا بالأعمال فترة تدريب واختبار مثلا؟
ربما، فقد يمنح هذا الإدارة فرصة لمراقبة أدائه، وقدرته على القيادة، وكيفية تعامله مع التحديات قبل اتخاذ قرار نهائى بتعيينه بشكل دائم أو البحث عن مرشح آخر، أو لتفادى إجراءات التعيين المعقدة: ففى بعض الحالات، خاصة فى الوظائف الحكومية أو الكبيرة، قد تكون إجراءات التعيين الرسمية معقدة وتتطلب موافقات متعددة، أو قد تتضمن عمليات اختيار وتصفية طويلة، وفى هذه الأثناء يصبح تعيين قائم بالأعمال هو الحل العملى لضمان سير العمل، وأخيرًا وليس آخرًا، قد يكون تعيين قائم بالأعمال حلًا لتوفير التكاليف، حيث قد لا يتم منحه نفس الراتب أو الامتيازات التى يحصل عليها الموظف المعين بشكل دائم.
-هل هناك مبرر للإسراف فى الاستعانة بقائمين للأعمال فى مختلف المؤسسات الحكومية؟
-بالرغم من كل التفسيرات السابقة، فإنها لا تقف مبررًا للإسراف فى الاستعانة بـ”قائمى أعمال”، خاصة أن لدى مركز دعم واتخاذ القرار بنك قيادات فى كافة التخصصات يمكن الاختيار منه، كما أن هناك قاعدة بيانات لدى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة تشير إلى الوظائف القيادية والإشرافية الشاغرة والتى قاربت على أن تكون شاغرة، بما يعطى فترة كافية لاختيار القيادات المناسبة”، ولا يوجد بالقانون طريقة لشغل الوظائف وتحديد الوصف الذى ينطبق عليها من المادة ١١ من قانون الخدمة المدنية يستتبع تحديد طبيعتها. ومسمى والقائم بالأعمال مفادها القيام بأعباء وظيفة محددة لحين شغلها بالطريقة التى حددها القانون لشغلها. ويتضح من ذلك أنها ذو طبيعة مؤقتة، فينطبق عليها وصف الندب، وفى جميع الأحوال يمكن القول بأنها أصبحت التفافا على آلية التعيين المشتركة التى حددها الدستور التى قصد بها توفير ضمانة لاستقلال القيادات العليا فى اتخاذ قراراتهم.
-هل يمكن توجيه رسالة لصانع القرار بشأن تعيين قائمين بالأعمال؟
- الأخطار الحقيقية لتعميم نظام القائم بالأعمال يمثل أحد أكبر التحديات أمام إصلاح الهياكل الإدارية الحكومية فى مصر للأسباب التالية: ضعف صناعة القرار وغياب المبادرة والتردد فى اتخاذ القرار، تآكل الطموح المؤسسى وغياب الرؤية طويلة الأمد، تكريس الجمود والبيروقراطية، نشر أجواء من الاضطراب التنظيمى، الهروب من المنافسة والتعيين الشفاف، فتح الباب أمام تهميش الكفاءات الصاعدة والهروب من آليات التعيين النزيهة التى تعتمد على الكفاءة والعلم والخبرة.
حوكمة غير الرشيدة وتغييب مجلس النواب
مجلس النواب وفقا لما نص عليه الدستور له الحق فى قبول أو رفض بعض رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، بعد قرار رئيس الجمهورية بالتعيين، إلا أن صدور القرار الجمهورى بالتعيين فى منصب “قائم بالأعمال” لا يتطلب العرض على المجلس، وبالتالى فإن قرار العزل أيضا لا يحتاج العرض على المجلس.
وتتضمن الهيئات المستقلة كلا من: البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية، وهذه الهيئات جميعا لم يتم تعيين رؤسائها وفقا لمدتهم القانونية، وبذلك لم يتم العرض على مجلس النواب، وهو الأمر الذى يحرم حق السلطة التشريعية فى التصديق على القرار.
ونصت المادة 215 من الدستور على: يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية. وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفنى والمالى والإداري، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها، وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزى والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية.
كما حددت المادة 216 من الدستور طريقة تعيين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، مع الإلزام بالعرض على مجلس النواب، حيث تنص على: يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى قانون، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال.
وبحسب الدستور..يعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء.
وشهدت الأيام الماضية، صدور قرارات بالتجديد قائما بالأعمال لرؤساء البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية.
كان قد صدر قرار جمهوري بتجديد تكليف حسن عبد الله، قائما بأعمال محافظ البنك المركزى المصرى لمدة عام اعتبارا من 18 أغسطس 2025.
كما نشرت الجريدة الرسمية، فى العدد 32، الصادر فى 7 أغسطس 2025، القرار رقم 422 لسنة 2025، بشأن تجديد تكليف المستشار محمد الفيصل يوسف أحمد يوسف رجـب، بالقيام بأعمال رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، كما صدر قرار رقم 452 لسنة 2025 بتجديد تكليف عمرو عادل على حسنى إبراهيم، بالقيام بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية لمدة عام، اعتبارًا من 30/8/2025، كما صدر القرار رقم 421 لسنة 2025 بتجديد تكليف الدكتور محمد فريد محمد صالح، بالقيام بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية لمدة عام، بدرجة وزير، وذلك اعتبارا من 7/8/2025.
وجميع هذه القرارات لم يتم عرضها على مجلس النواب، لأنها صدرت فى صورة قائما بالأعمال وليس تعيينا.
وفى هذا الصدد علق النائب إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، وكيل لجنة حقوق الإنسان، أن ما يحدث فى منتهى الخطورة، ومنتهى الخطأ، معتبرا أن ذلك تعطيل لدور المجلس وحقه فى القبول أو رفض رؤساء هذه الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية والتى تستوجب العرض على المجلس، لاسيما وأن قرارات القائم بالأعمال يتم التجديد لنفس الشخص أكثر من مرة.
وأوضح النائب أن الأمر لا يتوقف عند رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وإنما يصل إلى العديد من الجهات، وخصوصا فى بعض مديريات الوزارات فى المحافظات المختلفة، مشيرا إلى أن ذلك يساهم فى اختيار المقربين وليس أصحاب الكفاءات، مشددا على على ضرورة مراجعة هذه الظاهرة والتى تتطلب الالتزام بصدور قرارات التعيين وليس قائما بأعمال، وأن يكون قرار القائم بأعمال مسببا وفى أضيق الحدود.
واختتم النائب كلامه بالتأكيد على أن اعتماد نظام القائم بالأعمال قاعدة فى الهياكل الحكومية لا يحل المشاكل، بل يعيد إنتاجها بصورة أكثر تعقيدًا، ويهدد فعالية الأداء وجودة الخدمات الحكومية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
