رحلة كفاح تمتد لـ 30 عاما، حكاية خالتي فرنسا مع صناعة الرقاق بحي عابدين (فيديو وصور)

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تزداد حركة النشاط في أزقة حي عابدين العتيقة، حيث يختلط عبق التاريخ برائحة الخبز الطازج ونكهة الاستعدادات للعيد. هنا تجلس السيدة "فرنسا" على كرسيها المتحرك المتهالك، وابتسامتها لا تفارق محياها رغم التحديات، وهي تستعد لموسم ذروة عملها السنوي. 

امرأة في السبعين من عمرها، لكن همتها لا تقل  عن همة الشباب، تخبز الرقاق بمهارة ودقة منذ ثلاثة عقود، محولة حرفة بسيطة إلى مصدر رزق وكرامة، وجاعلة من بيتها محطة أساسية لاستعدادات العيد في الحي.

 

لقب يحمل معاني الشجاعة

"فرنسا" ليس اسمها الحقيقي، بل لقب أطلقه عليها شقيقها الراحل تيمنًا بجدعنتها وشجاعتها النادرة. في مجتمع يقدر القوة والصمود، استحقت هذا اللقب عن جدارة، فهي التي لم تستسلم يومًا للظروف، والتي حولت إعاقتها الجسدية إلى دافع لمواصلة العطاء.

وُلدت في حي عابدين، ذلك الحي الذي شهد أزهى عصور القاهرة الخديوية، وترعرعت بين أزقته الضيقة التي علمتها معنى الكفاح منذ الصغر. لم تكتف بمهنة واحدة، فعملت في بيع الملابس وامتهنت مهنًا أخرى متعددة، باحثة دائمًا عن طرق جديدة لكسب الرزق الحلال.

بداية رحلة الثلاثين عامًا

لم تكن صناعة الرقاق مجرد صدفة في حياة السيدة فرنسا، بل كانت استجابة طبيعية لحاجة المجتمع من حولها. 

تحكي قائلة: "الزبائن كانوا يسألونني: هل تعملين في صناعة الرقاق؟ ومن هنا بدأت المسيرة".

لم تتردد لحظة واحدة، فهي التي لا تحب إحراج أحد وتسعى دائمًا لمساعدة الجميع، أدركت أن هذه فرصة ذهبية لخدمة جيرانها وتوفير مصدر دخل إضافي في الوقت نفسه. تعلمت أسرار الصنعة من إحدى الجارات اللاتي سبقنها في هذا المجال، وبدأت رحلتها التي امتدت لثلاثة عقود.

فن صناعة الرقاق.. حرفة بأربعة مراحل

تتكون صناعة الرقاق من أربعة مراحل أساسية تتقنها السيدة فرنسا بمهارة فائقة: العجن، والتقطيع، والفرد، والتسوية، كل مرحلة تتطلب خبرة ودقة، وهو ما اكتسبته عبر سنوات طويلة من الممارسة.

"الكيلو بـ60 جنيه، والكيلو بيعمل 20 رقاقة"، تقول بفخر واضح، مضيفة: "أنا اللي بجيب الدقيق علشان أضمن جودته". هذا الحرص على الجودة ليس مجرد التزام مهني، بل فلسفة حياة تؤمن بها، حيث تعتبر أن رضا الزبائن هو الهدف الأسمى.

العملية تستغرق حوالي ثلاث ساعات لإنتاج صاجين من الكيلو الواحد، وهي ساعات تقضيها السيدة فرنسا وزوجات أبنائها في جو من التفاهم والمحبة، حيث تتحول المطبخ إلى ورشة عمل حقيقية تنتج أشهى أنواع الرقاق.

موسم الأعياد.. ذروة النشاط

مع اقتراب عيد الأضحى وعيد الفطر، تزداد وتيرة العمل في منزل السيدة فرنسا. النساء يتجمعن أمام المنازل، وأصوات الضحك تختلط برائحة الرقاق المحمص. إنه موسم الخير والبركة، حيث تتضاعف الطلبات ويزداد الإقبال على هذه الحرفة التراثية.

في هذه الأوقات، تظهر روح التكافل الاجتماعي في أبهى صورها، حيث تتعاون النساء فيما بينهن، وتتبادلن الخبرات والنصائح، محافظات على تراث شعبي أصيل يربط بين الأجيال.

عائلة متماسكة في بيت واحد

تعيش السيدة فرنسا مع زوجات أبنائها في منزل واحد، في جو من التفاهم والألفة النادرة في زمننا هذا. هذا التماسك الأسري ليس مجرد ترتيب معيشي، بل فلسفة حياة تؤمن بقوة الروابط العائلية وأهمية التضامن بين أفراد الأسرة الواحدة.

النساء الأصغر سنًا يتعلمن من خبرة الجدة فرنسا، بينما تستفيد هي من طاقتهن وحماسهن. إنه تبادل أجيال حقيقي، حيث تنتقل المهارات والخبرات من جيل إلى آخر، محافظة على استمرارية هذه الحرفة التراثية.

أمنية بسيطة.. كرسي متحرك جديد

رغم كل النجاح الذي حققته السيدة فرنسا في مسيرتها المهنية، تبقى أمنيتها بسيطة ومتواضعة: "أمنيتي أن أحصل على كرسي متحرك بدلًا من الحالي لأنه مكسور". 

 

هذه الأمنية البسيطة تعكس طبيعة هذه المرأة الاستثنائية، التي لا تطلب الكثير من الحياة، بل تكتفي بما يساعدها على مواصلة عطائها.

الكرسي المتهالك لم يمنعها يومًا من مواصلة عملها، لكن كرسيًا جديدًا سيمنحها راحة أكبر وقدرة أكبر على الحركة، مما يساعدها على خدمة زبائنها بشكل أفضل.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.