وكان كيد الشيطان ضعيفا

 اعتاد الناس على إلقاء التهم على إبليس لتبرير شرور النفس وما تأمر صاحبها به، ولتبرئة أفعالها المشينة تجاه ربها وتجاه الآخرين، فإذا كان الشيطان عدوا للإنسان فعداوته لا تزيد عن عداوة تلك النفس لصاحبها، فحين تتجبر تلك النفس خاصة النفس الأمارة بالسوء؛ تتكبر وتقسو فتأمر صاحبها بكل شر، وتصبح هي الحاكم والآمر بالشر.. 

بالطبع هي أقوى من الشيطان الرجيم، هي التي تطوِّع لصاحبها وتسوِّل له فعل المنكرات وارتكاب الجرائم والمعاصي والذنوب والآثام، في حين لو نظرنا إلى وصف القرآن لأغلب تدخلات الشيطان فنجدها رغم عداوته الشديدة للإنسان لم يتح الله له هذه القوة المتحكمة كل التحكم كقوة النفس الشريرة وطغيانها فقال تعالى:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}(النساء 76).. فأعمال الشيطان ما هي إلا إغواء وتحريض والإنسان هو الجاني الحقيقي عندما تستجيب نفسه لأغراض الشيطان.. 

وبالبحث في كتاب الله نجد أن كل دور الشيطان مع الإنسان محصورة في هذه الكلمات الهينة التي يستطيع المؤمن القوي التحكم فيها وطرد الشيطان بمجرد الاستعاذة بالله منه، فأفعال الشيطان جاءت في كلمات ضعيفة مثل زيَّن ومسَّ وطائف واستهوى ونزغ وهمز ووسوس ووعد الغرور، فلو تأملنا في كل هذه الأفعال لوجدنا أن في إمكان الإنسان الواعي؛ التحكم بها والتخلص من كل وساوس الشيطان وهمزاته.. 

فحين يقول الله تعالى{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام 43)، معروف الزينة والتزيين شيء ظاهري سرعان ما يزول، مما يعني أن في استطاعة الإنسان التخلص من كل ما زينه له الشيطان بكل سهولة، وكما زين الشيطان للإنسان سوء عمله؛ استطاع الذين اتقوا ربهم أن يتخلصوا من كل مس طائف من الشيطان:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}(الاعراف201).. 

كذلك كل تدخلات الشيطان في مسيرة الإنسان هي وعد غرور وأماني كاذبة وسراب: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} (النساء 120).. وانظر حين يحذرنا الله من مجرد نزغ من الشيطان، مجرد نزغ وما أحقره ولمجرد الاستعاذة بالله يهرب الشيطان ولا يكون له على الإنسان أدنى سلطان:{إِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الأعراف 200).. كذلك همزات الشيطان المقدور عليها بالاستعاذة:{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} (المؤمنون 97).. 

ثم نأتي للوسواس مجرد وسوسة يستجيب لها الإنسان الضعيف ويعمل ما يأمره شيطانه لمجرد أن استهواه ووعده وعد الغرور، وهمس في نفسه وخير مثال على ذلك؛ حين استجاب آدم وزوجته لهذا الملعون الذي لم يكن له سلطة التحكم الكامل بآدم، لكنه نجح في مهمته وبأضعف الأسلحة مجرد وسواس، لكنه تقاطع مع فضول آدم وحواء ورغبتهم في الخلود في الجنة!:{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ} (طه: 120).. 

وفي موضع قرآني آخر يقول رب العزة واصفا آدم بالضعف وقلة العَزم وضعف الإرادة مقابل وعد الشيطان وعد الغرور كان ذلك في سورة طه الآية 115: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا).

قرآنا عربيا لعلكم تعقلون

امرأة بضمان محضر شرطة

هذا هو الشيطان وما أحقره وما أتفهه، وهذه نفس الإنسان وجبروتها وتسلطها على صاحبها وجرجرته خلف أهوائها وانحرافاتها.. فبينما قال الله على الإنسان: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا) و(إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) و(إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) فقال عن كيد الشيطان: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).. 

لذلك كله توجب على الإنسان أن يقاوم نفسه ويقَوِّم أهواءه ورغباته وشطحاته وإذا استطاع التحكم في ذاته أصبحت كل وساوس الشيطان لا قيمة لها، حتى أن الشيطان قال بضعفة وقلة حيلته مع المخلصين المتقين حق تُقاته: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).                   Nasserkhkh69@yahoo.com

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.