حتى يظهر لهم البلطجي المنتظر!
مؤكد أن كل شخص بداخله شخص يتابعه، يسجل له، يؤنبه، يراجع معه ما قال صدقا أو كذبا أو نفاقا، كذلك الدول وزعماء الدول، من باب أولى فإن الإدارة الأمريكية لديها أجهزة تتابع بها تصريحات كبار وصغار مسئوليها، تتفقد التناغم وتتفقد التباين، ترصد الجدية كما ترصد الهزل.
وفى حالة رئيس مثل بايدن تجاوز الثمانين بعامين ويتطلع إلى أربع سنوات أخرى يحكم فيها أمريكا والشرق الأوسط وأوروبا وجنوب شرقي آسيا، وفى حالة وزير خارجية لا يسمع ما يقول، فيمكن أن نقول نحن أن أي عاقل لديه ذاكرة وضمير آدمى سوف يصيبه الذهول من كم التناقضات والتباينات الباعثة على الأسى والسخرية معا.
مثلا مثلا، يريد الأمريكيون في أحدث تصريح هزلي أمس أصدره بلينكن الدائخ بين تل أبيب والقاهرة والرياض والدوحة وكييف، يقول أن على روسيا أن تدفع ثمن الدمار الذي ألحقته بأوكرانيا.. ومع أن روسيا شنت حربا وقائية اجهاضية بسبب تهديد الغرب لأمنها القومي المباشر، فإنه يدعوها لدفع الثمن وتعويض كييف، فماذا عن اسرائيل يا ممثل امبراطورية الشر في الأرض؟
تعتبرون روسيا دولة غازية، كذبا، لكن إسرائيل دولة احتلال، ومن حق الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال، والاحتلال بأسلحتكم دمر غزة تقريبا، بشرا ومبان وحياة، فهل أنت أعمى البصيرة أم فاقد الذاكرة، أم تستهزئ بعقلك وبعقولنا، أم أنك، وهذه هي الصحيحة، صهيوني صميم ؟ لماذا تطلبون من خمس دول عربية دفع ما يزيد علي 40-50 مليار دولار لاعادة بناء غزة؟
أهم من دمروها أم أن عليهم بأموال شعوبهم مسح مخلفات اسرائيل وإزالة روثها الفج المقرف؟ ليست إسرائيل وحدها من دمر فأنتم شركاء في التدمير وفي قتل أكثر من 35 ألف شهيد برئ، وجرح وإصابة وتعجيز وتكسيح ما يقرب من 80 ألف إنسان برئ!
أمريكا وإسرائيل وسياسة القوة
مثل آخر.. نعم تريد أمريكا وقف إطلاق النار، لكنها لا تريد إنهاء الحرب.. تريد أمريكا القضاء على حماس، لكن جنرالاتها وجنرالات إسرائيل يعترفون أن إسرائيل لن تحقق الانتصار الكامل علي حماس.. تريد أمريكا الحفاظ علي حياة المدنيين في رفح، وتزود إسرائيل بأسلحة بمليارات الدولارات، والصفقة الجديدة قيد العرض علي الكونجرس..
تريد أمريكا الآ تحتل إسرائيل غزة، وإسرائيل لا تريد أبو مازن الثمانيني في غزة، تريد أمريكا قوة حفظ سلام عربية من خمس دول مع قوة أوروبية لحكم غزة، والعرب رافضون التورط في المستنقع. تكره أمريكا بايدن بنيامين نتنياهو، لكنها لا تجبره على أن يخضع لها ويحفظ لها كرامتها أمام بقية دول العالم، بل تبتلع له تصريحاته المهينة وهي التى تطعمه وتسلحه وتحميه!
تعرف أمريكا أن إسرائيل تكذب في ادعائها أن مصر ترفض فتح معبر رفح المصري، بعد أن رفعت إسرائيل العلم المستفز علي معبر رفح الفلسطيني، ومع ذلك لا توبخها حتى ولا تلزمها بقول الحقيقة..
تريد أمريكا دخول إسرائيل إلى رفح مع قتل عدد أقل من المدنيين، ثم تكرر طول الوقت أنها تريد الحفاظ علي حياة المدنيين!
هذه دولة تتبنى سياسات القوة والبلطجة، وإذا وجدت القوة القاهرة المفرطة في القهر، وغاب عنها العقل الانساني، وهو الجوهر الفعلى لغريزة الضمير، تحول صاحب القوة إلى بلطجي داخل بدلة وكرافتة.
السياسة الإمريكية الجارية علينا منذ عقود وحتى الغد.. سياسة البلطجة.. إلى أن يظهر لهم بلطجى يفوقهم قوة ودناءة.. نحن في شغف نترقب حلول وظهور البلطجي المنتظر..