رئيس التحرير
عصام كامل

صحة المصريين في خطر.. عجز فى الألبان العلاجية يهدد مرضى الـ«pku».. سعر عبوة اللبن يصل لـ1000 جنيه.. والدكتور كريم كرم: نستورد من الخارج والشركات الأجنبية تشترط الدفع بالدولار مقدما

مرضى التمثيل الغذائى،فيتو
مرضى التمثيل الغذائى،فيتو

تعيش مصر مشكلة صعبة، تعد أخطر تداعيات الأزمة الاقتصادية، وأصعب انعكاسات تدهور سعر الصرف للجنيه أمام الدولار، وهى نقص الأدوية، الأزمة التى تزايدت بشكل ملحوظ وتفاقمت بشدة خلال الأشهر الماضية، وأصبح لها تأثير سلبى كبير على رعاية المرضى وعواقب لا تحمد عقباها على صحة المصريين والمجتمع بأكمله. ورغم خطورة المشكلة إلا أنها لا تزال بدون حلول جذرية تتناسب مع مخاطرها، كما لا توجد مقترحات تساهم فى مساعدة صانع القرار بفهم أفضل للمشكلة من خلال نقل آراء كل عناصر الصناعة والمستهلك من كل الطبقات. من أجل ذلك تطرح «فيتو» آراء عناصر الصناعة فى سياق ملف خاص، يبحث فى أسباب نقص الأدوية وانعكاسات انخفاض قيمة العملة والاعتماد المفرط فى استيراد مدخلات الإنتاج، وممارسات التوزيع غير القانونية، والبيروقراطية المفرطة والإجراءات المعقدة، ومشاكل التصنيع، وسوء إدارة سلسلة التوريد، وندرة المواد الخام.

Advertisements

وتكشف “فيتو” أسباب استمرار الأزمة على الرغم من أن الحكومة بذلت العديد من الجهود لمعالجة نقص الأدوية، لكن الفجوة تزيد من آلام المرضى وتهدد بما هو أكثر خطورة للجميع ولذلك ندق ناقوس الخطر ونطرح الملف لجميع الجهات الفاعلة على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

تصاعدت فى الأيام الأخيرة الشكاوى من عجز الألبان العلاجية الخاصة بمرضى الـpku «التمثيل الغذائى» لاسيما أنها تستورد من الخارج، وتوفرها وزارة الصحة للمرضى مجانا داخل مراكز علاج مرضى التمثيل الغذائى الأمر الذى يضطر الأهالى إلى السفر من محافظة لأخرى بحثا عن عبوة اللبن التى تعد بمنزلة حياة أو موت لهؤلاء المرضى ولا بديل لها، ولا يمكن الاستغناء عنها، إذ فى حالة عدم الحصول على اللبن تتدهور حالة المريض وقد ينتهى إلى التخلف العقلى.

وكشف عدد من الأطباء عن أسباب وجود عجز فى الألبان العلاجية لمرضى الــpku وأهمية هذه الألبان لهؤلاء المرضى فضلا عن طبيعة مرض الــpku ومعدلات الإصابة به ومدى خطورته وكيف تحدث الإصابة به.

وقالت الدكتورة ناهد عبد الخالق استشارى الأمراض الوراثية والتمثيل الغذائى إن عدد المواليد بمرض الـPKU يبلغ سنويا 400 طفل من إجمالى عدد المواليد، ويتراكم العدد لأن متوسط العمر للمريض 60 أو 70 سنة إذا لم يصب بتخلف عقلى، لافتة إلى أنه يوجد أشخاص لديهم 40 عاما مصابون بالمرض ولا تكتشف إصابتهم.

وأكدت لـ”فيتو” أن إجمالى الحالات يقرب من 12 ألف حالة فى مصر، لا يسجل منهم سوى 5 آلاف فقط الذين يحصلون على العلاج والبقية لا يطلبون العلاج، ويتم تشخيصهم بتخلف عقلى أو أمراض مخ وأعصاب ونقص فى تكوين الدماغ، لافتة إلى أن عدم سرعة تشخيص المرض يكلف الدولة مبالغ كثيرة لأن المرضى يجرون هذه الفحوصات فى المستشفيات الحكومية بسبب ارتفاع تكاليف الفحوصات، ويظل المريض يبحث عن كل التخصصات إلى أن يكتشف طبيب أنه مريض تمثيل غذائى.

وتابعت حديثها: ما قبل عام 2015 كان يتم تطبيق المسح القومى للمواليد بأخذ عينة دم من كعب القدم دون تشخيص الإصابة بمرض الـpku، وبالتالى جميع المرضى ما قبل عام 2015 غير مكتشف إصابتهم.

وأشارت إلى أن هناك صعوبات فى إقناع إنسان أنه أنجب طفلا سليما تماما ظاهريا، ولديه عيب خلقى فى جيناته يؤدى إلى تراكم حمض الفينيل كيتونوريا يسبب حرق خلايا المخ فى الطفل.

وقالت استشارى أمراض التمثيل الغذائى إن هؤلاء المرضى لا يأكلون ما يأكله أفراد الأسرة ولهم نوعيات دقيق خاصة لهم يبلغ سعر الكيلو 90 جنيها للنوع المصرى، بينما المستورد منه يبلغ سعره 400 جنيه ويحتاج الطفل 10 كيلو شهريا من الدقيق على هيئة مخبوزات ومكرونة وأرز وما توفره وزارة الصحة لهم حوالى 2 كيلو فقط، وهى أقل من احتياجات الطفل بجانب صرف الألبان فى مراكز علاج التمثيل الغذائى فى وزارة الصحة البالغ عددهم 50 مركزا ما بين الجامعات ووزارة الصحة مؤكدة أن المرض نادر.

وأضافت أن سعر عبوة اللبن وصل إلى 1000 جنيه وتوفرها وزارة الصحة مجانا للمرضى المسجلين على مستوى الجمهورية وعددهم يقرب من 5 آلاف، وأوضحت أن هؤلاء المرضى يمنع عنهم تناول البروتين ويعيشون على تناول الفاكهة والخضراوات والألبان العلاجية.

وأكدت أن توفير الألبان العلاجية من ضمن أولويات الدولة، وأصبحت توفر منها عدة أنواع بدلا من نوع واحد فقط للمرحلة العمرية من يوم إلى سنة، ومن عمر سنة إلى 8 سنوات، ونوع آخر من عمر 8 سنوات حتى كبار السن، مشيرة إلى أن عبوة اللبن كانت بسعر 350 جنيها من عدة سنوات إلى أن ارتفع سعرها إلى 1000 جنيه تدفعها الدولة والشحنات التى تتوفر لصالح وزارة الصحة، لافتة إلى أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية كانت توفرها أحيانا للمرضى غير المصريين.

من جانبها، قالت الدكتورة روفيدة مجدى مدرس طب الأطفال واستشارى أمراض التمثيل الغذائى والوراثة أن pku مرض وراثى من أمراض التمثيل الغذائى يولد به الطفل ويعانى المصاب من الجرعات المرتفعة من البروتين ويحتاج إلى أن تنظيم جرعات البروتين واستكمال باقى جرعاته من الألبان العلاجية.

وتابعت حديثها لـ”فيتو”: لا يوجد شفاء من مرض pku ويظل الطفل يتبع حمية غذائية طوال حياته، لافتة إلى أن أغلب الحالات حاليا تشخص من خلال فحص عينة الدم بكعب القدم ضمن المسح القومى للكشف عن أمراض التمثيل الغذائى الإجبارى للمواليد.

وأضافت أن الطفل الذى يتم اكتشاف إصابته بالمرض يحول إلى المراكز العلاجية للمتابعة والعلاج، لافتة إلى أن المرض لا يسبب الوفاة ولكن الأعراض يمكن أن تسبب مضاعفات منها التوحد والتأخر فى النمو العقلى والحركى والإصابة بتشنجات.

وأوضحت أن هناك أدوية يحصل عليها الطفل بانتظام ليعادل نقص الإنزيم لديه لأنه ممنوع من تناول اللحوم والطيور والأسماك، ونظرا لأن كل الأطعمة تحتوى على بروتين لذا يتم حساب الطعام بنظام محدد.

وأشارت إلى أن التحديات التى تواجه المرضى هى ضبط النظام الغذائى للطفل طول الوقت موضحة أن كل أب وأم لديهم طفل مصاب بمرض pku احتمال ولادة طفل جديد مصاب بنسبة 25% واحتمال ولادة طفل سليم بنسبة 75%، مؤكدة أن زواج الأقارب يزيد احتمالية الإصابة.

بدوره قال الدكتور كريم كرم، عضو المركز المصرى للحق فى الدواء، إن جميع الألبان العلاجية مستوردة من الخارج، ولا تصنع فى مصر، ومرتبطة بسعر الدولار فى حالة ارتفاع سعره يزيد طرديا سعر المنتج.

وأشار لـ”فيتو” إلى أن أغلب الشركات الأجنبية التى تستورد منها مصر أصبحت تحصل على أموالها بالدولار مقدما قبل إرسال الشحنة مطالبا بأهمية توطين صناعة الألبان فى مصر وتوفير فاتورة دولارية بمليارات الدولارات.

الجريدة الرسمية