رئيس التحرير
عصام كامل

مشهد الكاوبوي الأخير!

لا أحد يريد أن يسمع سواء عن قصد أو دون قصد..  وإذا سمع لا يريد أن يستوعب أولا، ثم يفهم بعد ذلك لنفسه، ثم يصرح به إذا أراد علنا أو ضمنا.. قادة الغرب لا يريدون أن يتطرقوا إلى أصل المشكلة ليس في غزة فحسب ولكن في فلسطين ككل.. لماذا؟


لأنهم يعرفون ويدركون هدفهم الحقيقي وهو زرع هذا الكيان هنا لزعزعة الاستقرار في هذه المنطقة حتى تظل تحت القبضة الغربية، حتى لو تحررت من استعمارهم العلني، يعنى إسرائيل هي البديل الفيزيقي للاستعمار القديم والحديث والمستقبلي، وإذا لم تنشئها بريطانيا بوعد بلفور لكان البديل وعد الرئيس الأمريكي بايدن وأجداده قد أنشأها كما قالها صراحة: إذا لم توجد إسرائيل الآن لقام الأمريكان الآن بانشائها.

Advertisements


لا أحد يريد أن يفهم أن فلسطين لها أهل ولا يسقط حقهم فيها بالاحتلال أو التقادم بوجود مغتصب لحيازتها لمدة تقترب من 75 عاما.. الكل يتناسى أن لفلسطين أهلا عاشوا فيها قبل بعث إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام، إذا سلمنا بمنطق الصهاينة الجدد.


والغريبة أن العالم الغربي المتمدين والعلماني لا يريد أن يطبق نظرياته بفصل الدين عن السياسة وأنظمة الحكم وانتقاده لأي تدخل للدين في السياسة والثقافة والإبداع في أى بقعة من العالم.. ومع ذلك يعلن قادة أمريكا تعصبهم ليهوديتهم ودعمهم للكيان اليهودي.. 

 

ويصم الغرب أذنه ويغمض عينه ويغلق عقله عما يفعله مجموعة من المهووسين حين أرادوا تطبيق مفاهيم مغلوطة عن التوراة، ويكذبهم فيها كبار حاخاماتهم عندما كشفوا عن الملعوب منذ مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل عام 1897 بالدعوة لأقامه وطنا قوميا لليهود، حين قال كبار الحاخامات اليهود إن هذه الدعوة ضد التوراة وتضر بالجانب الروحي فيها، وإن والنزعة السياسية لدى البعض لإقامة كيان سياسي يخدم أغراضهم.. هو بدعه عن اليهودية كديانة!!

كوميديا سوداء


وكالعادة نجحت الصهيونية في بداية هذه الازمة في تصدير المشهد الأخير المفبرك لما قامت به حماس يوم 7 أكتوبر للعالم، وعندما أكتشف العالم الكذبة، كانوا قد أعدوا أكاذيب أخرى وصدروا للعالم معها غمامات على الأعين حتى لا يروا ما يحدث أمامهم على الهواء مباشرة من هدم للمنازل على رؤوس من فيها.. 

وقتل المواطنين العزل في الخلاء والمرضى في المستشفيات وسيارات الاسعاف، والاطفال والنساء والعجائز بالطائرات والصواريخ والقنابل العنقودية..  إلخ، وكله تحت زعم حق الدفاع عن النفس، وكأن هذا الحق معدوم عمن سرقت أرضه وقتل أهله وشرد أولاده وصار أعزل يفترش الدمار ويلتحف القنابل والصواريخ!


يعنى تركوا وما زالوا عن عمد أصل المشكلة ويتكلمون عن بعض الآثار، والغريبة أن بعض الساسة الغربيين يكملون السيناريو بأقوال من الكوميديا السوداء، حين يقولون إنهم يطالبون إسرائيل بمراعاة القانون الدولي أثناء تدميرها وقتلها لأهل غزة، يعنى اقتلوهم بالراحة! 

 

وتناسوا أن القانون الدولي نفسه يؤكد على حق الشعوب في الدفاع عن أرضها، ووللأسف نجحوا بمواقفهم هذه جعلنا نناقش بديهيات مثل أن القرارات الدولية التي أكدت أن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 أرض محتلة، ولا شرعية لمستوطنات أقيمت عليها ولا حق في ضم القدس والجولان..  إلخ من ترسانة قوانين دولية انتهكتها إسرائيل، وحولت المدافع عن أرضه إلى إرهابي بعكس القانون الدولي الذي يؤكد أن من يدافع عن أرضه المحتلة ليس بإرهابي!


المشهد الأخير


ومن رحم الأحداث في غزة تتوالد الأسئلة ومنها: هل تكون معركة غزة هي المشهد الأخير الذي يتشبث فيها الكوبوي الأمريكي بدور البطولة على خشبة المسرح العالمي لحوالي 33 عاما منذ انهيار الاتحاد السوفيتي؟ وهل بدأ إسدال الستار في المسرحية العبثية واقتربت كلمه النهاية في الفيلم الهوليودي عن الحقبة الأمريكية المنفردة؟
 

هل استعراض القوة الأمريكية بالأساطيل وحاملات الطائرات والغواصات النووية يتناسب مع المشهد الحادث في غزة من آلاف الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ.. أم لأسباب أخرى؟ 
 

وهل الهزيمة والخسائر التي سببها وما زال يسببها الدب الروسي في أوكرانيا للبيت الأبيض وحلفائه هي سبب هذا الجنون؟. فالأخبار التي تأتي من أوكرانيا تؤكد أن مخرجو هوليود قاموا بتحريك كاميرا الأخبار والأحداث إلى الشرق الأوسط حتى لا يعرف مواطنوهم في المقام الأول والعالم كله هزيمتهم أمام الدب الروسي!


يقول المستشار السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جيم ريكاردو أن روسيا انتصرت في الصراع الأوكراني، وقطعت وصول كييف إلى البحر الأسود، وأقامت اتصالا بريا مع شبه جزيرة القرم، يعنى المعركة في طريقها للحسم ومحاولة واشنطن والغرب استنزاف روسيا في أوكرانيا حول الدب الروسي بوصلتها إلى خزائن اقتصادهم هم!

 


والمتابع للمشهد الآن يتوقف أمام السبب الحقيقي الذي يجعل واشنطن تعود مرة أخرى للمنطقة بعد قرارها الانسحاب منها منذ شهور بعد أن رأت الدور الذى تلعبه الصين وروسيا في المنطقة العربية، وعندما أدرك الكاوبوي الأمريكي الخطأ جاء مستعرضا بقوته أمام سكان عزل يحتمون بوطنهم أمام جحافل من صهاينة جاءوا من مختلف دول العالم ليقيموا كيانهم على جثة ملايين الفلسطينيين وأرضهم المسلوبة!
  yousrielsaid @ yahoo.Com

الجريدة الرسمية