رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة العيد.. أغان خاصة جدا.. "يا ليلة العيد آنستينا" طلبتها أم كلثوم وألفها بيرم التونسي وأحمد رامي.. كوكب الشرق تأخذ مطلع الأغنية من بائع حلوى


"يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد" إنها إحدى أغاني العيد النادرة والقديمة لسيدة الغناء العربي أم كلثوم، وارتبطت تلك الأغنية في أذهان المصريين بفرحة ليلة العيد، حتى أن من لم يستمع لتلك الأغنية فإنه لا يشعر بفرحة قدوم العيد، فصارت أغنية "ليلة العيد" لأم كلثوم أحد الطقوس المهمة والمميزة للعيد في مصر وامتدت للوطن العربي بأكمله، وتأتي بعدها أغنية الفنانة ياسمين الخيام" الليلة عيد" ثم أغنية صفاء أبو السعود " العيد فرحة".

وبالرغم من وجود عدد من أغاني العيد- القديمة والحديثة- المذاعة، لكن تبقى أغنية من الأغاني النادرة، البعض يرجع السبب في الشعراء الذين لم يستفزهم العيد ولا فرحه ولا طقوسه، بينما هناك العديد من الأغاني الشعبية العربية على اختلاف المناطق تتغنى بقدوم العيد وأفراحه، ولكنها ظلت تتوارثها الذاكرة الجمعية للناس، حتى وصلت إلينا، بعيدًا عن أصوات المغنين.

وإذا أردنا إحصاء أغاني العيد فسنجدها لا تشكل إلا نسبة لا تكاد تلفت الانتباه، لكن تبقى الأغنية الأكثر شهرة بين أغاني العيد والتي ننتظرها تأتينا مع أول إطلالة لليلة العيد، أو ما يعرف بالوقفة في الموروث الشعبي المصري، إنها أغنية يصل عمرها إلى أكثر من 70 عامًا، إنها أغنية ( يا ليلة العيد آنستينا) لكوكب الشرق التي غنتها عند الساعة العاشرة من ليلة عيد الأضحى من عام 1934.

لهذه الأغنية الشهيرة حكاية، فقد اشترك في كتابتها الشاعران الكبيران أحمد رامي وبيرم التونسي، إضافة إلى أم كلثوم التي قدمت عنوان الأغنية مستمدة من مناداة أحد البائعين، وحكاية الأغنية تقول: "كان على السيدة أم كلثوم أن تشترك في برنامج خاص بالعيد تحت عنوان (فرحة العيد) وذلك بتقديم أغنية (طاب النسيم العليل)، وبينما كانت أم كلثوم في طريقها إلى استوديو الإذاعة المصرية التي أعدت البرنامج بالمناسبة السعيدة، سمعت أحد البائعين ينادي على الحلوى التي يبيعها في دكانه وهو يزين باب الدكان (يا ليلة العيد آنستينا)، وحين وصلت أم كلثوم إلى مبنى الإذاعة التقت الملحن الشيخ زكريا أحمد وقالت له "هل يعقل يا شيخ زكريا ألا تكون ضمن البرنامج أغنية تتحدث عن الفرحة بقدوم العيد؟ فقال طبعًا لا، وأجابت أم كلثوم: "ما رأيك في هذا المقطع لأغنية العيد (يا ليلة العيد آنستينا؟) فقال الشيخ زكريا: (مدهش.. مدهش جدا)، وهنا دخل الشاعر بيرم التونسي فطلبت منه أم كلثوم بعد أن أسمعته المقطع أن يكمل الكلمات، فراح بيرم يكتب فورًا ما بعد المقطع الذي سمعه".

"لكن الألم الشديد الذي كان يعصر معدته بين الحين والآخر عاوده مجددًا فلم يستطع إكمال ما كتب وهو: ( يا لية العيد.. آنستينا، وجددت الأمل فينا / جمالك هو أحلامنا، هلالك فرح أيامنا)، لكن أم كلثوم لم يعجبها بعض الكلمات، فطلبت من بيرم أن يجري تعديلات عليها، غير أنه اعتذر للمطربة الكبيرة بعد أن أنجز(الكوبليه) الأول وتوجه إلى منزله ليتناول الدواء إثر اشتداد ألمه.

وفي تلك الأثناء أقبل الشاعر أحمد رامي، الذي من عادته أن يكون إلى جانب أم كلثوم عند تسجيل أغانيها، فقالت له: "لقد جئت يا رامي في الوقت المناسب"، فرد عليها: "أنا دائمًا يا ستي آتي في الوقت المناسب، وهل هناك أحلى من هذه المناسبة لأقول لك في ليلة العيد.. كل سنة وأنت طيبة؟" ثم قدم لها وردة هدية متواضعة منه في ليلة العيد، فقالت له أم كلثوم: "إن أحلى هدية تقدمها لي وتبقى على مدى الأيام هي أن تكمل ما بدأه بيرم التونسي"، وجلس رامي يكتب ويكتب ليسلم الشيخ زكريا الكلمات ليلحنها كلمة.. كلمة، ومقطعا مقطعا، حتى انتهى رامي وزكريا من إعداد الأغنية فحفظتها أم كلثوم في دقائق مع الفرقة الموسيقية وغنتها مباشرة على الهواء عند الساعة العاشرة من ليلة عيد الاضحى عام (1934)

يذكر أن أم كلثوم قد اختلفت فيما بعد مع الملحن الشيخ زكريا أحمد حول الأغنية لأسباب مادية بسيطة، وبعد عدة سنوات عادت أم كلثوم إلى الأغنية لتغنيها بأسلوب تلحيني آخر وضعه الموسيقار رياض السنباطي، وكان ذلك من خلال أحد المشاهد في فيلمها الثالث (دنانير) الذي قدمته عام (1939) كما تغنت بها أم كلثوم للملك في أحد الأعياد وأهداها وسام صاحبة العصمة.

وهناك أغان قديمة نادرة عن العيد ومنها أغنية النهاردة العيد لعبده السروجي تلحين أحمد صدقي وكلمات الشاعر الغنائي حسين طنطاوي، وأغنية يا جناين في العيد أزهارك لحورية حسن ألحان محمد الشاطبي وكلمات حسن السوهاجي، ويوم العيد ليه بهجة وفرحة لسعاد محمد تلحين عبد الرؤوف عيسى وكلمات فتحي قورة، وأفراح العيد لمحمد قنديل تلحين مرسي الحريري وكلمات محمد إسماعيل، ويا جمال العيد والكل سعيد لعائشة حسن تلحين حسين جنيد وكلمات عبد الفتاح الشرقاوي، أغنية شهيرة للثلاثي المرح (أهلا بالعيد)

وفي العراق هناك أغنية تراثية للمطرب العراقي ناظم الغزالي من قصيدة للشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي (أي شيء في العيد أهدي إليك) نسمعها حين يطل العيد وإن كانت لا تتناسب معه، وهناك أغنية المطربة عفيفة إسكندر (حبيبي عيدك مبارك) وهناك أغنية لكاظم الساهر (عيد وحب هاي الليلة الناس معيدين) لكنها ليست للعيد بشكل خاص، وأغنية الفنان محمد عبده (من العايدين) وأغنية الفنانة اللبنانية فيروز (أيام العيد)
الجريدة الرسمية