رئيس التحرير
عصام كامل

من هو الإنسان؟!

استطاع الإنسان بما منحه الله تعالى من نعمة العقل والعلم والبيان أن يتعرف على أسرار معظم الكائنات والعوالم المحيطة به والتي تشاركه الحياة على هذا الكوكب. وبالرغم من تفوقه في شتى مناحي العلوم والمجالات إلا أنه مازال عاجزا أمام معرفة نفسه. فمن هو الإنسان؟ ومما تتكون مملكته؟ وماهي أسرار الله تعالى في مملكة الإنسان؟ 

ماذا عن الجسد وكيف تم خلقه. وماذا عن النفس. وماذا عن القلب. وماذا عن العقل. وماذا عن الروح؟ وكيف تم خلق الإنسان. وماذا عن ما يسمى بالأطباع الأربع "الترابية والمائية والنارية والهوائية" وما الأصل فيها. وما هو مراد الله في الإنسان. وماذا عن خلافة الإنسان في الأرض. وما هي الأمانة التي حملها الإنسان وكان لنفسه ظلوما جهولا؟

Advertisements

وكيف يؤدي أمانة الاستخلاف؟ وهل كان للإنسان وجود قبل وجوده في هذه الحياة. وما هي العوالم التي مر بها الإنسان؟ وماذا عن عالم الذر والعهد والميثاق المأخوذ على الإنسان؟ وماذا عن الحياة الدنيا؟ وماذا عن عالم البرزخ الذي ننتقل إليه بعد الوفاة؟ وماذا عن عالم الآخرة؟ وماذا عن قرين الإنسان؟ وأين يذهب القرين بعد وفاة الإنسان؟ وماذا عن الكفر والإيمان؟ وما هو سر كفر أهل الكفر؟ وماهي المعايشات التى عايشها الإنسان؟ 

تعريف الإنسان

كل هذه التساؤلات وغيرها سوف نجيب عنها من خلال سلسلة بعنوان من هو الإنسان، وإليك عزيزي القارئ المقال الأول منها.. ولنبدأ أولا في هذا المقال بتعريف الإنسان.. الإنسان هو أشرف الكائنات وأكرم  المخلوقات وسيد أهل الأرض. يقول عز وجل في كتابه الكريم "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا". ويقول سبحانه "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ". 

هذا ومما قد لا يعلمه البعض أن الإنسان صاحب أعظم مملكة في الكون وأعلى مظهر لإبداع الخالق سبحانه وتعالى في عالم الخلق، وهو عبارة عن صورة مصغرة جامعة لجميع عوالم الخلق. وفيه انطوى العالم الأكبر. فبعدما أظهر الحق سبحانه وتعالى طلاقة قدرته في مظاهر عوالم الخلق من سموات وأفلاك وأملاك ونجوم وكواكب، وشمس وقمر وأفلاك وأملاك، وما حوته من مخلوقات وخلق كثير لا يعلمه إلا الله تعالى جمع سبحانه بقدرته كل  هذه العوالم الكونية في مملكة الإنسان..  وصدق الإمام علي إبن أبي طالب كرم الله وجهه إذ قال "أتحسب نفسك جرم صغير وفيك إنطوى العالم الأكبر".

الروح هي السر

وهو بذلك صورة مصغرة جامعة لجميع عوالم الخلق، فهو الكون بما حوى في صورة مصغرة. ومملكة الإنسان هي المملكة الجامعة التي حوت من الأسرار الإلهية الكثير والكثير. وسيظل الإنسان عاجزا أمام معرفة حقيقة نفسه ومعرفتها. وللإنسان مملكة عظيمة جامعة للروح والجسد والنفس والقلب والعقل. الروح نفخة الرحمن في الجسد الطيني، وهي مكمن سر الحياة في الإنسان. وبها للإنسان كيان وقيمة وقدر، وبها الإنسان فعال في الأرض وسيد عليها، وهي الممدة للعقل والقلب والنفس..

والروح ليس لها أي ارتباط بالعالم المادي الشهواني، وهي خارجة عن أحكام الزمان والمكان، ولا يحدها ولا يهيمن عليها شيء، وللروح غذاء وقوت وهو ذكر الله عز وجل، فبه تسمو وتحلق إلى الملأ الأعلى حيث مصدرها، والروح سجينة الجسد ما دام له حياة على الأرض، وليس للروح هيئة ولا كيف ولا وصف، أشار العارفون إليها بكلمة لطيفة لا كثافة لها ولا وزن ولا ثقل، نفخها الله في القلب، ومنه تسري إلى العروق والأنسجة والخلايا والأعصاب والجوارح..

والروح هي سر الله فينا فهي نفخته المنسوبة إليه سبحانه يقول عز وجل: "وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي"، هذا عن الروح، أما عن القلب فهو موضع النفخة ومحل النظر من الله وموضع التجلي الرباني، وهو عقل العقل، وهو المكاشف لعالم الملكوت إذا صفا وطهر من العلائق والأغيار وحب الدنيا، وهو مكان ومحل التجليات والإفاضات الربانية..

يقول تعالى في الحديث القدسي: "ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن". هذا وإلى مقال آخر بمشيئة الله تعالى.

الجريدة الرسمية