رئيس التحرير
عصام كامل

كلام آبي أحمد الناعم

قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في بيان له عقب محادثاته مع الرئيس السيسي، إن "إثيوبيا تحفظ الأمانة ولا تنوي الإضرار بدول حوض النيل الشقيقة"، فيما يتعلق بتخزين المياه في سد النهضة الإثيوبي، وأن العمل فى بناء سد النهضة "يقوم بصورة تأخذ فى الاعتبار التخوفات التي تثيرها دولتا المصب السودان ومصر". 

 

وهو كلام مكرر وتاريخ إثيوبيا غير مطمئن بالمرة، فمصر تريد الحفاظ على أمنها المائي، وإثيوبيا ومن وراءها تعمل على عدم تحقيق هذا الهدف المصري، والعمل على التشكيك فيه بكل الطرق المتاحة والممكنة وقد خلقت الإرادة السياسية الإثيوبية من هذا السد موقفا للتحدي وتجميع القبائل الإثيوبية حول مستهدف واحد وهو جعل مصر العدو الأساسي لإثيوبيا.

Advertisements

 

والدليل على أن سد النهضة وسيلة للضغط على مصر، هو أنه لا داعي لبناء سد بهذا الحجم من الأساس في دولة بها أمطار موسمية تصل إلى 155 مليار متر مكعب سنويا وبالتالي لا تحتاج إلى سد بحجم سد النهضة، ولكن سدودا بمعدل 5 مليارات متر مكعب من المياه أو 3 مليارات متر مكعب تكفي.. 

 

وهكذا فإن الهدف هو إرهاق مصر حيث إن نهر النيل هو شريان الحياة في مصر، وتكرار خديعتنا بحديث آبي أحمد الناعم لن يغفره التاريخ حتى لا نكون مثل الذي يلدغ من الجحر مرات خاصة وهي تعمل منذ البداية  لقتل مفاوضات سد النهضة، وتفويت محاولات مصر والسودان لتدويل القضية، والاستمرار الإثيوبي الوقح في تعلية وملء وتشغيل السد بدون ضابط أو رابط، لفرض سياسة الأمر الواقع.

اتفاق ملزم لإثيوبيا

 

ولهذا فإن  قلق الناس وغضبها وتحفزها، مشروع، ونتمنى أن يخلف الله ظنوننا جميعا، وأن نتوصل فعلا لاتفاق ملزم خلال الشهور الأربعة القادمة كما تم الاتفاق عليه  ولا يمكن أن يغفل المرء حجم الخداع والمماطلة والتغطرس الإثيوبي، واللهجة العدائية بشكل غريب تجاه مصر، وعدم الالتزام بالتعهدات سواء كانت اتفاقيات دولية تحكم النهر الدولي العابر للحدود أو اتفاق المبادئ لسد النهضة الذي كانت مصر والسودان فيه حسنتا النية ربما بصورة مبالغ فيها.

 

في حين كان من الواضح ومنذ البداية استغلال أديس أبابا لظروف ثورة يناير لمضاعفة حجم السد والإسراع بجعله أمرا واقعا، واستغلال اتفاق المبادئ أسوأ استغلال ومغادرة واشنطن دون أي مبرر معقول وضرب الحائط بمناشدات مجلس الأمن والجامعة العربية وعديد الدول والمنظمات بالتوصل لاتفاق ملزم مع دولتي المصب لن يضرها في شيء. 

 

ولكنه سيضمن تنسيقا يمنع الضرر عن دولتي المصب (قدر الامكان) ويقتدي بتجارب أنهار وسدود دولية حولتها دولها لعنصر تعاون وتنمية وازدهار مشترك بدلا مما يجري حاليا من عناد إثيوبي يهدد بجر المنطقة لحرب لن يستفيد منها أحد.

 
فالبلدان لا يتحملان صراعا مسلحا سيدمر مقدراتهما ويعوق خطط تنميتهما، وهما كانا على وشك التوصل لاتفاق نهائي تم التوصل لحوالي ٩٥٪؜ من بنوده في واشنطن برعاية أمريكية ومن خبراء البنك الدولي ذوي الخبرة العريضة في قضايا السدود والأنهار الدولية. 

 

 

وكلنا نعلم أن مصر كانت زراعية وقت سيدنا يوسف عليه السلام، وتعتمد كلية على نهر النيل، وعانت من جفافه كما تعاني إثيوبيا وبقية دول الحوض. ووقت الحضارة الرومانية، كانت مصر أحد المصادر الرئيسية للغلال لروما، فالنشاط الزراعي المروي بمصر، اعتمادا على نهر النيل، مدون تاريخيا، وفى الكتب السماوية.. لقد ضاع وقت ثمين كنا نستطيع وأد التعدى على النيل فى مهده وما كنا نستطيعه بالأمس لن نستطيع فعله اليوم أو غدا.

الجريدة الرسمية