رئيس التحرير
عصام كامل

بين برلمانين

كثيرة هي نقاط التلاقي والتشابه بين الكويت وتركيا، إن كان لجهة الحرية المتاحة دستوريًا والديمقراطية التي ينعم بها البلدان، فضلا عن تواجد تيار إسلامي قوي يتضح تأثيره في البرلمان وكثير من المواقع الحيوية، ونظرًا للعلاقات الوثيقة سياسيا واقتصاديا بين البلدين، أصبح الكويتيين الأكثر زيارة وتواجدا في تركيا وكذلك الأعلى استثمارا وشراء للعقارات فيها. 


يمتد التلاقي بين البلدين إلى انتخابات برلمانية لم يفصل بينها إلا أيام، شهدت ممارسة ديمقراطية حقيقية مشهودة للبلدين، نتج عنها تغيرات مهمة في تركيبة البرلمانين، سينعكس أثرها على سلاسة التشريع والقضايا التي يثيرها النواب وطريقة التعاطي مع حكومة البلدين.

Advertisements

الانتخابات التركية

في الانتخابات البرلمانية التركية، شمل التغيير أكثر من 50 في المائة، إذ دخل للمرة الأولى 335 نائبا من إجمالي 600 عضو، وتمكن التحالف الجمهوري الحاكم في تركيا من حسم الانتخابات النيابية بفوز خجول، حافظ فيه على أغلبية برلمانية نسبية مع تراجع تمثيل حزب العدالة والتنمية ما يعكس فقدانه ثقة الناخبين، حيث حصل على 35 في المائة من المقاعد، ما يمثل انخفاضًا مقارنة بالانتخابات السابقة بنحو 8 في المائة.


وتباينت حصص الأحزاب المتحالفة مع الحزب الحاكم، إذ حصل حزب الحركة القومية على 50 مقعدًا، ما يؤكد أن النزعة القومية لدى الشعوب لا تغيرها شعارات الحكم ولا ممارسات حكومية أيًا كانت. بينما حقق حزب الرفاه الجديد الذي أسسه فاتح أربكان، نجل السياسي التركي الراحل نجم الدين أربكان، مفاجأة انتخابية وفاز بمجموعة مقاعد رغم حداثة عهده.

 

على صعيد المعارضة، حصل تحالف الأمة الذي يضم حزبي الشعب الجمهوري، والجيد، على أكثر قليلًا من 35 في المائة من أصوات الناخبين، وكان نصيب حزب الشعب الجمهوري منفردًا 169 مقعدًا، ليصبح الحزب الأكبر تمثيلًا في البرلمان بعد العدالة والتنمية، وتوزعت بقية مقاعد البرلمان بين أحزاب عدة بنسب قليلة.
 

ورغم تحقيق التحالف الحاكم أغلبية برلمانية بـ322 مقعدًا، تظل أقل من المقاعد اللازمة لإجراء أي تعديل دستوري، خصوصا في ظل شراسة المعارضة الساعية لإيقاف سيل التغييرات التشريعية التي يجريها الرئيس أردوغان لتعزيز قبضته على السلطة وإطلاق صلاحياته بشكل غير مسبوق، وكان هدفها الأكبر إنهاء النظام الرئاسي الحالي والعودة إلى النظام البرلماني الذي يتمتع فيه البرلمان بصلاحيات أكبر.

 

اعتمدت المعارضة على أن السياسات الاقتصادية المرتبكة للحكومة، والتي أدَّت إلى ارتفاع التضخم وانخفاض الاحتياطيات وأزمة الصرف الأجنبي، ستحسم نتائج الانتخابات لصالحها، لكن الحوافز الاقتصادية التي أعلنها أردوغان، والدوافع القومية، إلى جانب الثقة في قيادة الرئيس، لعبت دورًا أكبر في التصويت للتحالف الحاكم بقيادته وإن كانت مقاعده أقل من المأمول.

الانتخابات الكويتية

أما في الكويت، فكشفت جلسة افتتاح دور الانعقاد أمس، مؤشرات ما سيكون عليه حال البرلمان الجديد، إن كان بين أعضائه أو في العلاقة مع الحكومة الوليدة أيضًا، حيث وضح تماما التكتل ضد رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، الذي عاد للمجلس نائبا، ولم يتم تمكينه من الكلام رغم طلبه مرات عدة، ما اضطره إلى إلقاء كلمته عبر بوديوم المجلس أمام الصحافة خارج القاعة.. 

 

وفيها شرح انه كان يريد تهنئة رئيس البرلمان أحمد السعدون بعد تزكيته، والأهم من ذلك رغبته في تسجيل اعتراضه وتحفظه على توزير نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، دون أن يذكر اسمه، لأن توزيره يخالف الدستور، ما يعني أن الخلاف الممتد سنوات بين الغانم ونائب رئيس المجلس، سيلقي بظلاله خلال الجلسات على العلاقة بين البرلمان والحكومة، وسيكون المجال متاحا لسجال ومناوشات بين الخصمين اللدودين.


وتعهد الغانم، في كلمته خارج الجلسة بأن يمارس حقه الدستوري كاملا ويتحمل مضايقات زملائه، ولن يتوانى عن واجبه البرلماني وفاء لمن أولوه الثقة ومنحوه أعلى أصوات انتخابية في دائرته.  

 

وقرر مجلس الأمة، مد دور الانعقاد حتى الانتهاء من القوانين المعلن عنها في الخارطة التشريعية، اضافة إلى عقد جلسة خاصة الخميس الذي يعقب كل جلسة عادية وتكميلية واستعجال اللجان المختصة لانجاز التقارير الخاصة بالقوانين التي يطالب بها غالبية الشعب، ولم ينجزها البرلمان نتيجة سوء العلاقة مع الحكومة.. 

 

وقد رأى أعضاء البرلمان من الجلسة الأولى أن التشكيل الحكومي لا يلبي تطلعات الأمة وأن الحكومة لا تحمل مشروعًا ورؤية وبرنامج عمل محددًا وواضحًا، ما يعني أن الصدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية سيستمر، لأن المعارضة التي تطالب بإصلاحات كثيرة تسيطر على البرلمان..

 

 

كذلك تمكنت كتلة التيارات الإسلامية الإخوان والسلفيين من تعزيز مقاعدها وزيادتها، بينما خسرت كتلة الشيعة مقعدين، ولم تفز في الانتخابات إلا امرأة واحدة هي الدكتورة جنان بوشهري، في برلمان شهد تغيير 24 في المائة من نوابه.

الجريدة الرسمية