رئيس التحرير
عصام كامل

هل وجدتم الفردوس المفقود؟!

كثيرا ما ييحث الإنسان عن السعادة  دون أن يجدها وربما يضيع أناسٌ أعمارهم في البحث عن الفردوس المفقود دون أن يعثروا عليه.. ربما يكون السبب هو اختلاف مفهوم السعادة من شخص لآخر؛ فثمة من يري سعادته في جمع المال وكنز الذهب والفضة.. وثمة من يراها في إشباع الشهوات، سواء شهوة البطن او الفرج أو الجاه والنفوذ والمناصب.. وثمة من يبحث عنها في الزواج والأولاد والاستقرار.. 

 

تُرى أين تسكن السعادة؟! هذا السؤال قديم متجدد.. سأله كثيرون قبلنا.. وحتما سيسأله كثيرون بعدنا.. وقد تعرض مفكرنا الكبير الدكتور مصطفى محمود لهذا السؤال في مقال له بمجلة صباح الخير قبل أكثر من نصف قرن قال فيه:

Advertisements

السعادة والتعاسة


"السعادة ليست في المال ولا الصحة ولا القوة ولا المعرفة ولا الجاه والسلطان.. والسعادة لا تأتى بالطلب.. السعادة حالة من الانسجام والهارمونى الذي يشيع في النفس حينما تكون كل مسارب النفس حرة ومفتوحة على الضياء.. وكل أعضاء الجسد مشغولة بأداء وظائفها على وجه كامل.. السعادة راحة يحس بها رجل بعمل عملا اختاره وأحبه".


يضيف "حينما يكون المال له وظيفة يمكن أن يكون سببا للسعادة.. وحينما تكون الصحة لها استخدام عند صاحبها تسعده، وحينما تكون المعرفة طريقا لعمل منتج تكون باعثة على اللذة.. السعادة ليست في أشياء بعينها.. ولكن في استخدام هذه الأشياء لأهداف سليمة.. السعادة معناها أن كل شئ منتظم في النفس.. كل شيء في مكانه".


وفي المقابل يضع مفكرنا الكبير يدنا على حقيقة مهمة تقود للتعاسة فيقول: "المال الذي ليس له وظيفة عند صاحبه يتحول إلى عبء.. والصحة التى لا تنصرف من صرفها الطبيعى تتحول إلى خمر وسهر وعربدة، والمعرفة التي لا تجد لها طريقا قويما تتحول إلى خبث ولؤم وخساسة.. والسلطة التي تتجاوز حدودها تتحول إلى طغيان.. 

 

وهكذا يمكن أن تتحول أدوات السعادة إلى أدوات تعاسة.. لأن السعادة لم تكن في الأدوات وإنما كانت في تنظيم هذه الأدوات تنظيما طبيعيا لبلوغ أهداف سليمة".

 


وأخيرًا يقترب من الحقيقة فيقول "السعادة في العمل.. ونصيحتى لك أن تبحث في هدف كبير توظف فيه مواهبك.. ولا تجعل من السعادة هدفك.. فمن خلال العمل المخلص سوف تصل إلى فردوسك.. إلى السعادة".. وأضيف إن السعادة في الرضا بدليل قول ربنا لنبيه الكريم "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى".. السعادة تسكن في قلب الرضا!

الجريدة الرسمية