رئيس التحرير
عصام كامل

وصف أهل ولاية الله تعالى

وصف الحق عز وجل أهل ولايته بالإيمان والتقوى. يقول تعالى "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". وللأولياء منازل ومقامات ومنهم من له عمل في الإدارات الباطنة.

فمن المعلوم أن ما من ظاهر إلا وله باطن يقول تعالى "هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". فكما أن هناك من أقامهم الحق عز وجل في إدارة الارض في الظاهر من ملوك ورؤساء وأمراء ووزراء. فهناك من اقامهم سبحانه وتعالى في إدارة الأرض في الباطن فمنهم الغوث الذي تغاث به العباد والبلاد ومنهم الأوتاد الذين تتزن بهم الأرض، ومنهم الأبدال وهم أهل التصريف، وهم الخضريين على قدم سيدنا الخضر عليه السلام.. 

Advertisements

ومنهم النجباء والنقباء وأقطاب الدوائر ومنهم أهل السر، وجميعهم جنود لله تعالى ولهم تكليف منه سبحانه وتعالى. يقول تعالى "وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا"، ويقول سبحانه وتعالى "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ".  

أهل ولاية الله 

وفي وصف لأهل ولاية الله تعالى للعارف بالله ذي النون المصري رضي الله  قال: هم قوم ذكروا الله عز وجل بقلوبهم تعظيما لربهم عز وجل، لمعرفتهم بجلاله، فهم حجج الله تعالى على خلقه، ألبسهم النور الساطع من محبته، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته، وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته، وطهر أبدانهم بمراقبته، وطيبهم بطيب أهل مجاملته، وكساهم حللا من نسج مودته.. 

ووضع على رءوسهم تيجان مسرته، ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب فهي معلقة بمواصلته، فهمومهم إليه ثائرة، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة.  قد أقامهم على باب النظر من قربه، وأجلسهم على كراسي أطباء أهل معرفته، ثم قال: إن أتاكم عليل من فقري فداووه، أو مريض من فراقي فعالجوه، أو خائف مني فآمنوه، أو آمن مني فحذروه، أو راغب في مواصلتي فهنئوه، أو راحل نحوي فرودوه، أو جبان في متاجرتي فشجعوه، أو آيس من فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه..

أو محب لي فواظبوه، أو معظم لقدري فعظموه، أو مستوصفكم نحوي فأرشدوه، أو مسيء بعد إحسان فعاتبوه، ومن واصلكم في فواصلوه، ومن غاب عنكم فافتقدوه، ومن ألزمكم جناية فاحتملوه، ومن قصر في واجب حقي فاتركوه، ومن أخطأ خطيئة فناصحوه، ومن مرض من أوليائي فعودوه،  ومن حزن فبشروه، وإن استجار بكم ملهوف فأجيروه.

يا أوليائي لكم عاتبت، وفي إياكم رغبت، ومنكم الوفاء طلبت، ولكم اصطفيت وانتخبت، ولكم استخدمت واختصصت، لأني لا أحب استخدام الجبارين، ولا مواصلة المتكبرين، ولا مصافاة المخلطين، ولا مجاوبة المخادعين، ولا قرب المعجبين، ولا مجالسة البطالين، ولا موالاة الشرهين.

يا أوليائي جزائي لكم أفضل الجزاء، وعطائي لكم أجزل العطاء، وبذلي لكم أفضل البذل، وفضلي عليكم أكثر الفضل، ومعاملتي لكم أوفى المعاملة، ومطالبتي لكم أشد المطالبة، أنا مجتني القلوب، وأنا علام الغيوب، وأنا مراقب الحركات، وأنا ملاحظ اللحظات، أنا المشرف على الخواطر، أنا العالم بمجال الفكر، فكونوا دعاة إلي.. 

لا يفزعكم ذو سلطان سوائي، فمن عاداكم عاديته، ومن والاكم واليته، ومن آذاكم أهلكته، ومن أحسن إليكم جازيته، ومن هجركم قليته.. وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من أهل ولايته عز وجل..

الجريدة الرسمية