رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تختار شريك الحياة؟! (1)

ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعاتنا يدق ناقوس إنذار بضرورة التدقيق في اختيار شريك الحياة على أسس متينة وعدم الانخداع بالمظهر أو غواية المال والجاه؛ وهذا ما أكد عليه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في برامجه التليفزيوني؛ ذلك أن أغلب حالات الطلاق سببها سوء الاختيار من البداية.. والجري وراء الشكليات الفارغة أو المشاعر الزائفة المتعجلة.


الزواج ميثاق غليظ ورباط مقدس وأساس بناء الأسرة التي بنيان يحتاج لقواعد صلبة تضمن البقاء والاستقرار؛ ومن ثم جاءت توجيهات رسول الله ﷺ لشباب أُمَّته «فتيانًا وفتيات» بأنْ يكون المقياس في اختيار الزوجة (الزوج) هو «الدِّين»، ولم يتوقَّف كثيرًا عند مقياس المال والجمال والنَّسَب رغم أهميتها.. والجمع بين تلك العوامل مجتمعة فضل عظيم.

حسن الخلق والتدين


والسؤال:  كيف يتحقق مقياسَ الدِّين في الاختيار.. هل كما يتصوَّره بعضُ الناس بإقامة العبادات من صلاة وصيام وقيام وزكاة وحج وكفى.. أم أن هناك جوانبُ أخرى هي من صُلْب هذا الدِّين وجوهره وحقيقته، مثل الأخلاق، التي لا تقل أهميةً ولا خطرًا عن العبادات المفروضة التي واجب على كل مسلم ومسلمة؟!


والجواب كما يقول شيخ الأزهر أن كلا الجانبين –العبادات والأخلاق- لا غنى عنه ؛ بدليل حديث رسول الله ﷺ في شأن المرأة التي كانت تصوم النهار وتقوم الليل، إلَّا أنَّها كانت تُؤذي جيرانَها بلسانِها، فكان مصيرُها إلى النَّار، وهذا دليل  أنَّ الأخلاقَ الكريمة التي تسَعُ الآخَرَ ولا تعتدي عليه ولا تُؤذيه بغيرِ حَقٍّ، هي والإسلام وَجْهان لعُمْلَةٍ واحدةٍ.


هناك صفات عديدة تدعو للزواج بالمرأة مثل الجمال والحسب والنسب لكن يبقى الدِّين المرتبط بالأخلاق أهم مواصفات الزوجة الصالحة والزوج الصالح أيضًا، وإنه متى  صَحَّت الأخلاق صَحَّت العبادات وصَحَّ التَّديُّن، وإذا مَرِضَت الأخلاق مَرِضَت العبادات ومرضَ التَّديُّن، وأنَّ حُسْن الخُلُق إذا انفصلَ عن التَّديُّن؛ فهاهنا أمارة كافية على أنَّ هذا التَّديُّن مغشوش..

 

وإذن فمقياس «الدِّين» الذي وردَ في الحديث النبوي ليس هو التَّديُّنَ الشَّكْلي، أو الالتزامَ بالدِّين في موطنٍ والتَّخَلِّيَ عنه في مَوْطِنٍ آخَر.. وإنَّما هو الدِّين الباعث على أخلاق المروءة والتسامُح وواجب الرعاية والمسئوليَّة، وغيرِ ذلك مِمَّا لا تستقرُّ أُسرة وتشعُرُ بالمودَّةِ والرحمة بدونِه..فاظفر بذات الدين تضمن زواجًا ناجحًا مستقرًا وعسى إن كرهت منها خلقًا أن ترضى بآخر..فهل ينتبه شبابنا لمثل هذا الاختيار الرشيد!

الجريدة الرسمية