رئيس التحرير
عصام كامل

اليورانيوم المنضب بين لندن وموسكو

فيما يبدو أن القوات الروسية لم تستطع حتى الآن حسم معركة الاستيلاء علي مدينة باخموت الأوكرانية، ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لروسيا، فإن الغرب، وبخاصة بريطانيا تعتزم تزويد الجيش الأوكراني بقنابل اليورانيوم المنضب، فقد أعلنت نائبة وزير الدفاع البريطاني عزم لندن تزويد أوكرانيا بهذا النوع من القنابل وقالت إن هذه الذخيرة فعالة للغاية في تدمير الدبابات والمراكب المدرعة الحديثة، وهذه القذائف كانت مخصصة للاستخدام مع دبابات تشالنجر، البريطانية التى قررت لندن تسليمها أيضا لكييف.


هذا النوع من القنابل يدمر البشر والحجر والشجر، ويترك بصمات السرطان اجيالا، ولم تتورع امريكا وبريطانيا عن استخدامه وهو محرم دوليا،، فعلت ذلك في العراق في حرب الخليج الأولى، تحرير الكويت 1991، وفي غزو العراق 2003، واستخدم أيضا في النزاع بين الصرب والبوسنة والهرسك فيما بالحرب العنصرية فى يوغوسلافيا..


رد الفعل الروسي مخيف ومنذر في الوقت ذاته فقد أعلنت موسكو أن روسيا لديها مئات الألاف من الذخائر المنضبطة وسوف تستخدم اليورانيوم المنضب، ردا علي تسليم لندن قنابل اليورانيوم. مجرد التسليم سيلقى ردا بالاستخدام الفورى، ذلك كان موقف موسكو وبحسم. اليورانيوم المنضب يؤخذ من اليورانيوم الطبيعي وهو معدن ثقيل له خواص سمية، لا تقل عن السموم الكيميائية التى تنتج عن استخدام اليورانيوم الطبيعي.

حل تفاوضي

يعتبر الروس موقف لندن تصعيدا كارثيا، يقذف بكل الأطراف نحو العتبة النووية، لكن البريطانيين يعتبرون تصريحات موسكو بشأن الذخائر المنضبطة تضليلا متعمدا لأن اليورانيوم المنضب من وجهة نظر وزارة الدفاع البريطانية لا علاقة له بالأسلحة والقدرات النووية بل هو مكوّن تستخدمه الجيوش بما في ذلك الجيش الروسي نفسه.


صدر بيان لندن الاثنين الماضي، وعمليا قررت روسيا اتخاذ خطوة مزعجة للغاية فجهزت بالفعل في بيلاروسيا عشرة طائرات حربية بيلاروسية تحمل أسلحة نووية تكتيكية في اراضي الحليفة الموثوق بها وبررت ذلك بأنها تفعل ما تفعله أمريكا من نشر أسلحة نووية لها في اوروبا.


خطوة هنا تقابلها خطوة هناك، وإتفاق وحشي بالمليارات، وخراب ليس فقط في أوكرانيا، بل في الاقتصاد العالمي شرقه وغربه، ورغم الدعم غير المحدود من الغرب لكييف، ورغم استمرار صمود الروس، وعنادهم، فإن البحث عن حل تفاوضي يبدو طوق النجاة المنشود لكل من المعسكرين، فقد نال الانهاك من الجميع، الاغنياء والفقراء..

ولعل هذا يفسر أهمية الاتصال الأخير بين بوتن قيصر روسيا واردوغان التركي وفيه أكدت انقرة علي أهمية الوصول لحل بالتفاوض ينهي هذه الحرب الكارثية، وحتى رئيس اوكرانيا الذي رفض المبادرة الصينية من قبل، عاد ليغازل الرئيس الصيني بحثا عن حل تفاوضى.


لا يمكن استبعاد المكر الاستراتيجي لدي كل الأطراف، فشراء الوقت ضرورة اوكرانية حتى تصل كل الامدادات الغربية اللازمة لتطوير هجوم الربيع الوقائي، لمنع روسيا من شن هجومها الكبير المرتقب، فضلا عن الاستفادة من قدرات تسليحية وعد بها حلف الاطلنطى أمس لتمكين اوكرانيا من استعادة الاراضي التى خسرتها وليس فقط الدفاع والتصدي للهجمات الروسية.

الموقف الأن كر وفر، تتخلله نوايا غير حقيقية للبحث عن السلام، لأن الغرب يستخدم اوكرانيا لالحاق هزيمة استراتيجية بموسكو، لينفرد بالصين العدو الرسمي حاليا لواشنطن.. أما نحن فأن ذخائر هذه الحرب الملعونة قد نضبت جيوبنا وخزائن بلادنا، جنبا إلى جنب مع سياسات داخلية مالية قصيرة النظر..
ونتابع

الجريدة الرسمية