رئيس التحرير
عصام كامل

التأويل السياسي لانقلاب وول ستريت

وول ستريت، والذي يعرف في مدينة نيويورك على حد سواء باعتباره أقوى شارع اقتصادي والمركز المالي الرائد في العالم، وفي المدينة باعتباره موطن لأكبر اثنين من البورصات في العالم من حيث القيمة السوقية وبنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر بنوك العالم إيداعا لذا فهو أهم سوق مالي في العالم ومحور الرأسمالية.. 

 

وكل مشتقات وول ستريت هي أسلحة دمار شامل، وثبت ذلك في أثناء انهيار الإسكان في الولايات المتحدة عندما هوت الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، وكان انهيار ثلاثة بنوك خلال ساعات الأسبوع الماضي مؤشرا علي الخلل الحاد في السياسات النقدية‘ لأن إفلاس بنك يبدأ ككرة ثلج تتبعه مخاطر كثيرة، وهو ما حدث في البنوك الأمريكية.. 

 

جرت الأزمة نتيجة التهاون في معايير منح القروض من أجل مزيد من الأرباح، وهذا يؤدي إلى زيادة الخسائر وخلق المشكلات المالية. وعادة ما تفلس البنوك عندما لا تعود قادرة على الوفاء بالتزاماتها أو تصبح غير قادرة على توفير النقد عندما يطلبها المودعون. 

 

وما حدث يجب أن يوجّه الاهتمام للمخاطر التي تواجهها المحافظ الاستثمارية للبنوك حول العالم جراء رفع أسعار الفائدة، لذا فان ما جري لا يجب أن يمر مرور الكرام.. لكن ما يفسره أكثر هو معرفة كبار عملاء بنك سيليكون فالى الذين تم ضياع أموالهم خصوصا الدائنين منهم أو المودعين بالتحديد، أما العملاء المدينينن للبنك فهنيئا لهم الإفلاس وحلال عليهم ما حصلوا عليه من تمويل.. 

 

وهنا يجب الاشارة إلي أن البنك يعد أكبر ممول لكبريات شركات التكنولوجيا الفائقة في تل أبيب وكان أحد أكبر البنوك التي يتم فيه جمع أموال دعم أوكرانيا، وليست صدفة أن المدير الإداري لبنك سليكون فالي جوزيف جنتل كان مديرا لبنك ليمان برازر الذي أفلس في 2008..

 

وكانت أزمة بنك  سيلكون فالي عندما تضاعفت ودائع البنك 4 مرات خلال السنوات الأربعة الأخيرة، كما ارتفع حجم القروض من 23 مليار دولار إلى 66 مليار دولار. هذه الطفرة في الإيداعات، دفعت البنك للاستثمار في سندات الخزانة الأميركية والرهن العقاري بنحو 128 مليار دولار بعوائد ثابتة نسبتها 1.5%. 

 

إلا أنه مع اتجاه الفيدرالي الأميركي لتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة لـ ٥٪؜ نتيجة حرب أوكرانيا، اتّسع الفارق بين العوائد التي يحصل عليها البنك من السندات وأسعار الفائدة التي يجب دفعها على الإيداعات، وكان هذا ما حدث..

خطوة تدمير الصين

ولكن أخطر من هذا الإفلاس كان التحليل السياسي له، بمعني أن الغالبية لا تصدق الرواية الرسمية والفنية للإفلاس، بمعني أنه من غير المعقول أن تقع تلك البنوك الثلاث في هذا الخطأ المصرفي البديهي، كما يقول كبار المصرفيين..

 

ولهذا يفسر البعض إنها عملية استيلاء جديدة للرأسمالية، بخلق  أزمات يبدأ بها رأس المال دورة  جديدة تبدو وكأنها  من الصفر أو أنها بداية انهيار اقتصادي، وضغط أكبر علي النهايات الطرفية من اقتصاديات الدول الناشئة أو موجة جديدة في طريق تدمير الاقتصاد العالمي للحفاظ علي قرن أمريكي جديد..

 

ويقال أيضا إنها موجة موجهة لانهيار اقتصاد العالم، ثم خلق نظام اقتصادي موحد تتم فيه السيطرة الكاملة على الإنسان، كما يري البعض أنه هو صراع أمريكي داخلي بين أعلي الرتب في وول ستريت، كمقدمة لإنقلاب سياسي جلل.

 

وهو ترتيب كراسى السلطة بين الآباطرة الكبار مورجان وروكفيلر وسوروس لإعادة صياغة العالم الجديد ب نخبة صغيرة مميزة، وهناك من يعتقد أن إفلاس البنوك وبث شائعات أن أمريكا ربما تتخلف عن سداد ديونها ما هو إلا خطوة لتدمير الصين ونهب استثمارات الدول الكبرى في أمريكا كالصين واليابان ودول الخليج..

 

 

كما أن مسرحية التضخم مفتعلة لتدمير اقتصاديات الدول الناشئة ولتعظيم قيمة الدولار بعد محاولات الاستغناء عنه من بعض الدول، بسحب دولارات العالم برفع سعر الفائدة بحجة محاربة التضخم، بمعني أن الدولار قيمته ليست قيمة صناعة أو غطاء ذهبى، ولكن قيمته تأتى من اتفاقيات كثيرة تفرض التبادل التجاري بالدولار لا يكلفها سوي ثمن ورقة وحبر وطباعة.

الجريدة الرسمية