رئيس التحرير
عصام كامل

الجنرال الذهبي الذي نحتفل بذكراه!

في تاريخ مصر أيام لا تنسى.. وبطولات من نور تضيء للأجيال طريقها نحو التقدم.. ويعد يوم الشهيد الذي تحتفل به مصر اليوم تخليدًا لذكرى رحيل جنرالها الذهبي، حكيم العسكرية، نسر مصر، وفارسها النبيل الفريق عبد المنعم رياض، الذي ارتقى شهيدًا على جبهة القتال في مواجهة العدو أثناء حرب الاستنزاف التي مهدت للعبور العظيم في أكتوبر 1973.. هذا اليوم من أمجد أيامنا.


الشهيد البطل الفريق عبد المنعم رياض كرّمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ونعاه ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر.. لكن هل وفّينا هذا البطل حقه.. هل احتفت به الدراما والسينما بعمل فني يسجل تفاصيل بطولاته وشجاعته وفدائيته واستشهاده وملامح حياته للتاريخ وللأجيال التي لم تعاصره حتى تتخذه قدوة ومثلًا في حياته بدلا من محاكاة لاعبي الكرة ومطربي المهرجانات وغيرهم؟!


ما يدفعني لهذا القول هو سؤال افتراضي دار في مخيلتي: ترى لو نزلت إلى الشارع وسألت جمهور المارة: من هو عبد المنعم رياض.. ماذا ستكون الإجابة.. ربما تكون الإجابة صادمة.. وهنا نسأل مرة أخرى:ماذا تعرف أجيالنا الجديدة عن بطلنا المغوار؟ هل تعرف أنه كان عصاميًا نبيلًا ووطنيًا شريفًا حمل هموم وطنه وشواغله في قلبه منذ كان طالبًا بمدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية وممثلًا لها في اللجنة التنفيذية لطلاب المدارس مع جمال عبد الناصر، والتي نظمت المظاهرات ضد الاستعمار الإنجليزي؟!

 عظمة الشهيد عبد المنعم رياض


حين تقلب صفحات البطل الشهيد الفريق عبد المنعم رياض ينتابك شعور بالفخر والإعجاب والامتنان  لهذا الرجل الذي لم نوفّه حقه لنبقيه حيًا في الذاكرة الوطنية يستنهض الهمم ويبعثها من مراقد الخمول والكسل واللامبالاة واليأس إلى العمل والحركة والإنتاج والإبداع والتضحية والفداء وحب الوطن وبذل الغالي والرخيص في سبيله.


عظمة الشهيد عبد المنعم رياض لم تكن خبطة عشوائية ولا هي وليدة مصادفة ولا ضربة حظ وإنما نتاج شخصية فذة بذلت جهدًا منظمًا وعملًا دءوبًا، منذ شب عن الطوق وعرف معاني الوطنية والكفاح وشرف العسكرية ونبل العطاء..

 

وحين تقرأ سيرته الزكية فسوف تجد في كل سطر فيها ما يستحق عملًا روائيًا أو دراميًا يجسد أمجادنا التاريخية منذ تخرج الكلية الحربية مرورًا بمشاركته في حرب 48، ثم تمهيد الطريق لنصر أكتوبر العظيم؛ ذلك أنه صمم خطة الحرب الخطة 2000، التي انبثقت عنها خطة جرانيت لاقتحام خط بارليف والوصول إلي المضايق الإستراتيجية في سيناء، ولم تكن حرب أكتوبر إلا تنفيذا متيسرا للخطة جرانيت التي وضعها هذا الرجل العظيم.


لقد أشرف البطل الشهيد علي خطة تدمير 60% من تحصينات خط بارليف في حرب الاستنزاف وتحول من خط دفاعي إلى نقطة إنذار مبكر أشرف علي تنفيذها بنفسه، ثم انطلقت النيران على طول خط الجبهة في 8 مارس 1969 وتكبد الإسرائيليون خسائر فادحة وتدمر جزء من مواقع خط بارليف، حتى نال الشهادة وسط جنوده.


رحل البطل.. وخفق لرحيله قلب مصر.. ودّعته الجماهير في موكب مهيب، اختلطت فيه أعمق مشاعر الحزن الدامي، بالإصرار على مواصلة النضال وانتزاع النصر الذي تحقق بفضل تضحيات عظيمة لكثير من الأبطال.. 

فهل قدم صناع الدرما ومن يتهافتون على شهر رمضان لطرح مسلسلات تقدم من الرداءة والانحطاط أكثر مما تقدم من القيم النبيلة البناءة.. هل سجلوا حياة الشهيد في عمل درامي يليق بقائد عسكري عبقري قدم لمصر أغلى ما يملك؛ حياته حتى بلغ أعظم مراتب الشهادة.. وماذا ينتظر هؤلاء حتى يبادروا بذلك العمل.. لتعرف الأجيال الجديدة معنى الشهادة ومنزلة الشهيد؟ تحية لكل شهداء مصر في يوم الشهيدِ.

الجريدة الرسمية