رئيس التحرير
عصام كامل

الصحفيون وقسم السرية!

فى رحلته السرية إلى كييف التى استخدم فيها بايدن كل وسائل المواصلات (طائرة وسيارة وقطار) باستثناء النقل البحرى، قام الصحفيون الأمريكيون الذين اصطحبهم معه على طائرته الخاصة بترديد قسم أمريكى يعرف بقسم السرية، وفيه تعهدوا بألا يفصحوا عن أى شىء يتعلق بتلك الرحلة إلا بتعليمات من قبل أمن الرئاسة الامريكية، وقد التزم الصحفيون بالفعل بقسمهم.. 

 

ولذلك لم ينشروا ويذيعوا أى أخبار تتعلق بهذه الزيارة إلا بعد أن غادر الرئيس الامريكى العاصمة الاوكرانية كييف وعاد إلى بولندا، وذلك في إطار خطة تأمينه.

 
ورغم ذلك لم تخرج صحيفة أو وسيلة إعلام أمريكية تنتقد إلزام الوفد الصحفى المصاحب لبايدن بعدم نشر خبر رحلته لكيف إلا بتعليمات أمنية.. لقد اعتبر الأمر في البلد التى تتباهى بحرية الصحافة عاديا وطبيعيا بل وضروريا لحماية الرئيس الأمريكى وهو يزور عاصمة بلد تخوض حربا منذ نحو عام مضى.. 

 

ولم يخرج أيضا من بين الصحفيين الأمريكيين من ينتقد ما فعله زملاؤه الذين رافقوا الرئيس الأمريكى ويتهمهم بأنهم فرطوا في حقوقهم المهنية.. وهذا أمر يستحق التوقف أمامه وتبصره.

 
فإن حرية الصحافة في أمريكا والغرب ليست كما يتغنون بها هناك.. ولا يوجد ما يسمى بالصحافة المستقلة.. فالصحافة هناك مثل كل أنحاء العالم تعبر عمن يملكها.. وقد شاهدنا ذلك بجلاء في تعامل الصحافة الامريكية مع الرئيس الامريكى السابق ترامب حينما اعتبرته منذ لحظة دخوله البيت الابيض هدفا للهجوم عليه.. 

 

ونشاهد الآن ذلك أيضا بجلاء في تناول الصحافة الأمريكية والأوربية لمجريات الحرب الاوكرانية الخالى من المهنية.. وسبق أن شاهدناه من قبل في الغزو الامريكى للعراق وافغانستان، والذى تجاهل جرائم الحرب التى ارتكبها الأمريكيون في البلدين.

   


إن من يحكمون في امريكا والغرب يتحكمون عندما يشاءون في الصحافة والصحفيين.. وهم لم يكتفوا بالتعهدات الشفوية للصحفيين الذين رافقوا بايدن بعدم نشر شىء عن رحلته لكييف وإنما الزموهم بآن يقسموا على ذلك، وقد اقسموا، واعتبر زملاؤهم ذلك أمرا عاديا وطبيعيا.. ولذلك تمت الزيارة في سرية وإن كان هناك من يقول أن الروس عرفوا بأمرها وأن الرئيس الامريكى هرع لأحد الخنادق خلال الفترة القصيرة التى قضاها في كييف.    

الجريدة الرسمية