رئيس التحرير
عصام كامل

التعهيد.. كيف كانت.. وأين وصلت؟!

ما تحتاجه مصر اليوم هو حلول من خارج الصندوق لتعظيم الموارد وتوليد الثروات ووتوفير العملات الأجنبية وتشغيل العمالة.. ولعل صناعة التعهيد "Outsourcing" أحد تلك الحلول الخلاقة والمجالات الواعدة.. أما مصطلح التعهيد فهو يعني ببساطة أن يلجأ طرف لطرف آخر لتقديم الخدمات بدلا منه مقابل مبلغ مالي يتم الاتفاق عليه.


لقد كنت شاهدًا بحكم عملى الصحفي على ما حققته مصر من نجاح مشهود في هذا المجال منذ سنوات طويلة قبل ثورة يناير 2011 حيث استطاعت توفير مليارات الدولارات وضخها في شرايين الخزانة العامة، حتى بات اسمهما محفورًا وسط كبرى الدول التي تقدم خدمات التعهيد، اعتمادا على ما تملكه من عوامل تنافسية، أهمها وفرة الكوادر البشرية المدربة وموقعها  الجغرافي المميز وانخفاض المقابل المالي مقارنة بغيرها من الدول. 


والسؤال: ما ترتيب مصر عالميًا في تلك الصناعة الواعدة الآن.. وهل لا يزال قطاع التكنولوجيا المصري محط أنظار المؤسسات الدولية والشركات الاستشارية وخبراء الصناعة ومحور اهتمام الشركات العالمية في مجال تعهيد خدمات التكنولوجيا؟!

 

وهل حافظت وزارة الاتصالات بحسبانها الوزارة المعنية بتنمية هذا القطاع على معدلات نمو هذه الصناعة، وخلق منظومة متطورة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.. وهل حافظت على ما بُذل من جهود على مدار الأعوام الماضية؟!

أهمية صناعة التعهيد


لقد حققت مصر طفرة مشهودة في صناعة التعهيد قبل أكثر من عقد من الزمان، ولم تدخر جهدا، بشهادة تقارير دولية، لتطوير بنيتها التحتية، وتحسين نظم الاتصالات، والارتقاء بمهارات العاملين في هذا القطاع ببرامج متعددة، والتدريب على تقنيات متطورة مثل علوم البيانات وتحليل البيانات الكبيرة، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبرانى، رغم وجود لاعبين كبار من الشركات متعددة الجنسيات في هذا المجال.


وكان طبيعيًا أن تغيّر مصر نظرة العالم لها من أرض التاريخ إلى دولة ذات ميزة تنافسية، حتى وصلت بعدد  العاملين القادرين على تصدير خدمات التكنولوجيا والتعهيد إلى 170 ألف موظف، يقدمون هذه الخدمات إلى 100 دولة في جميع أنحاء العالم بـ20 لغة.


ومن نافلة القول أن حجم سوق التعهيد العالمية تبلغ  أكثر من 320 مليار دولار سنويًا تستأثر أمريكا بالنصيب الأكبر منها بنحو 160 مليار دولار.. بينما تستحوذ بريطانيا على 38 مليار دولار.. أما نصيب  الشرق الأوسط فهو 5 مليارات دولار فقط، ولذلك فمصر لديها فرصة عظيمة للنمو في هذا المجال خاصة مع توافر الفرص المتاحة.


أما لماذا هذه الصناعة مهمة؛ لأنها كثيفة العمالة في ظل تزايد أعداد الخريجين سنويًا بنحو 600 ألف خريج جامعي.. ومن ثم فإن وزارة الاتصالات مطالبة بجذب الشركات العالمية لإنشاء مراكز تعهيد في مصر، لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي وتوفير فرص عمل للشباب وكذلك خفض الفجوة في الميزان التجاري.

 


مصر مؤهلة للمنافسة بقوة في مجال التعهيد؛ ذلك أنها كما قال وزير الاتصالات عمرو طلعت، تمتلك مزايا تنافسية عديدة تمكنها أن تصبح منصة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وزيادة صادرات تكنولوجيا المعلومات، وتوفير فرص عمل برواتب مرتفعة للشباب.. فهل يتحقق المنشود في صناعة التعهيد التي لا تنقصنا الإمكانات والموارد لتحقيق معدلات إنتاج عالية سبق لمصر الوصول إليها؟!

الجريدة الرسمية