رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل وتحذيرات الله

الأوبئة والأمراض التي لم تكن في الأسلاف والزلازل والبراكين والخسف وسوء أحوال المعيشة وضجر الناس من الغلاء والمعيشة الضنك وأخذ الله تعالى الناس بالجدب والسنين، رسائل تحذير من الله تعالى للبشر يرسلها عز وجل عندما ينبذ الناس كتاب الله تعالى ويُترك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسنته الرشيدة وعندما يعم الفساد في الأرض ويجهر الناس بالمعاصي. 

 

وهذا للأسف الشديد هو واقع البشر المؤلم والمحزن والمخزي وحال معظمهم الآن. فعندما ننظر من حولنا إلى حال غالبية البشر نجد الفجور والمجون والعري والخلاعة والفسق والشذوذ الجنسي وزواج المثليين وإنقياد الكثير من الناس خلف الأهواء والشهوات وحظوظ الأنفس. واعتلال القلوب بحب الدنيا وهو رأس كل خطيئة والذي تملك النفوس وتحكم فيها والذي قادها إلى الحرص والطمع والجشع والبخل والشح والحقد والحسد والكراهية والبخل والأنانية والتكالب عليها والاقتتال وسفك الدماء البريئة الطاهرة التي حرمها الله إلا بالحق طمعا فيها. 

رسائل إلهية

 

وقصر النظر إلي الدنيا حتى أصبحت كأنها دار الخلد والمقام وليست دار الممر والابتلاء. والعمى عن الآخرة ودار المستقر ونسيان الموت والقبر والحساب ووعد الله تعالى ووعيده. وأكل الربا ومال اليتيم والسُحت وعدم المبالاة لمصدر الأرزاق، أهو من حلال أو حرام وتفشى الظلم والجور وغياب العدل والرحمة والتراحم بين الناس. والخيانة وترك الأمانة. والإفتراء والكذب وشهادة الزور وترك الصلاة وعدم إقامة أركان الدين والتقصير في أعمال البر والمعروف والإحسان وعدم إطعام المسكين ورحمة اليتيم والعطف على الأرملة والفقراء والأخطر والأدهى هو غياب الحب والرحمة بين الناس. 

 

وغياب الخوف والحياء من الله عز وجل. وبالجملة نبذ كتاب الله تعالى وعدم العمل بما جاء به من الهدى والرشاد وهجر سنة النبي الكريم الهادي البشير السراج المنير صلى صلى الله عليه وسلم وعلى آله.. وصدق تعالى إذ قال "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". 

 

هذا وبالرغم من كل هذه التحذيرات والرسائل الإلهية ما زال البشر في غيهم يلعبون وفي سكرتهم يعمهون ولا زالوا في إعراضهم عن ذكر ربهم وطاعته عز وجل، ولم يعتبروا وكأنهم نيام سُكارى ومغيبين وصدق الإمام علي إبن أبي طالب كرم الله وجهه إذا قال: "الناس نيام فإذا ماتوا إنتبهوا". 

 

يا سادة: كم من آيات في كتاب الله تعالى حملت معاني التذكير والتحذير من مخالفة أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأشارت إلى عقابه عز وجل عندما تجحد نعمه وتكذب أنبياءه ورسله. من ذلك قوله تعالى تذكرة لنا بعقابه عز وجل للأقوام والأمم السابقة لما جحدوا أنعم الله وكفروا به وأفسدوا في الأرض وعدم اتباعهم لأنبيائهم. مثل قوم لوط ومدين وعاد وثمود. ومثل فرعون والنمرود وهامان وقارون. 

 

يقول عز وجل "فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ".. ويقول سبحانه "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى". 

 

 

ويقول تبارك في علاه "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".. هذا وكان من رحمة الله تعالى بنا أمة الإسلام أن جعل لنا أمانان وعدم تعجيل العقوبة لنا في الدنيا أحدهما إكرام لوجود سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله والثاني لإستغفارنا إياه سبحانه وتعالى حيث يقول "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" فلنستغفر الله تعالى ونتوب إليه ولنسأله تعالى العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة..

الجريدة الرسمية