رئيس التحرير
عصام كامل

نحن والسعودية!

لا يمر يوم الآن إلا ويتجدد الحديث حول علاقة مصر والسعودية، أو حول تعرض هذه العلاقات لبعض التضرر أو على الأقل الفتور.. حتى غياب السعودية عن لقاء أبوظبي الذي دعت إليه الامارات قيادات الخليج ومصر والأردن اعتبره البعض أنه شاهد على وجود شىء يعكر صفو العلاقات المصرية السعودية وليس فتور العلاقات الإماراتية السعودية!

وفى هذا الجو صار أى كلام يتحدث به كاتب سعودي عن مصر أو إعلامى مصرى عن علاقة إعلامى مصرى آخر بالسعودية مؤشرا لدى البعض لوجود شيء ما  غير إيجابي في العلاقات المصرية السعودية.

والمثير أن ذلك يحدث رغم زيارة وزير الخارجية السعودي للقاهرة مؤخرا وترحيب مجلس الوزراء السعودي بما توصل إليه مع نظيره المصرى من توافقات حول الأوضاع الإقليمية والدولية.. لكن يظل موقف السعودية تجاه أزمة الاقتصاد المصرى أمرا يثير الكثير من القيل والقال حول العلاقات المصرية السعودية..

خاصة بعد حديث وزير المالية السعودي في دافوس حول انتهاج بلاده سياسة المساعدات المشروطة وهو الحديث الذى فسره البعض بأنه يقصد به مصر والأردن.. وفي ظل هذا اللغط الذى ينفخ فيه إعلام الإخوان حول العلاقات المصريةَ السعودية يمكن لمن يراقبها بموضوعية أن يرى بعض الأمور المهمة: 
أولا، إن علاقات البلاد ببعضها البعض، حتى وإن كانت بين الأشقاء لا تشمل تطابقا كاملا في المواقف.. هناك دوما خلافات في الرؤى وبالتالي المواقف.. وهذا ينطبق على العلاقات بيننا وبين السعودية بالطبع..

 

ولعل أشهر الخلافات المبكرة بيننا والسعودية بعد الدعم السعودي الكبير لنا في يونيو 2013 كان حول الاقتراح المصري الذي يقضي بتشكيل قوات عسكرية عربية مشتركة الذي قوبل بتحفظ سعودى معلن في القمة العربية بشرم الشيخ.. وقد تلى ذلك خلاف آخر حول طلب السعودية مشاركة قوات برية مصرية في حرب اليمن..

ثم خلافات متنوعة حول التعامل مع نظام بشار الأسد في سوريا، وعودة سوريا لمقعدها في الجامعةَ العربية، وحول إدارة العلاقات مع إيران.. وهكذا رغم التوافق المصري السعودي كانت هناك دوما خلافات في الرؤى والمواقف وهذا أمر طبيعي بين الدول.

ثانيا، إننا لا يمكن أن نغفل وجود تنافس داخل الكتلة العربية، وهذا التنافس يعززه رغبة كل دولة على حدةَ على تعزيز مكانتها الإقليمية والدوليةْ مستثمرة ما في حوزتها من قدرات وإمكانيات ومن بينها بالطبع الامكانيات المالية.. ويمكننا ملاحظةَ ذلك بوضوح فيما تقوم به المملكة في مجال الفن والثقافة..

وإذا كانت المملكة تحظى الأن بقيادة شابة طموحة فإن سعيها لدعم مكانتها السياسية سيكون أكبر واستخدامها لقدراتها المالية سيكون أكبر بالطبع في شتى المجالات وليس في مجال الفن والثقافةً فقط.. ولآن مصر تحظى بمكانة خاصة في محيطها الإقليمى والعالمى أيضا لأهميتها الجيوسياسية ولأنها أكبر دولة عربية وتاريخها العريق فإنه لا يمكن لأى منافس لها، شقيق أو غير شقيق أن يتجاهل ذلك، ولعل هذا يفسر لنا أحد أسباب رغبة تركيا في إصلاح علاقتها معنا ورغبة إيران في تطبيع علاقاتها معنا أيضا.

ثالثا، إن عدم تطابق الرؤى مع السعودية بخصوص أزمتنا الاقتصادية، وطرق علاجها واضح ولا نستنتج ذلك فقط من بعض المقالات والمداخلات المبكرة للإعلاميين مصريين تربطهم علاقات خاصة مع السعودية، أو حتى من كتابات وتحليلات لكتاب سعوديين أو لطريقة تناول هذه الأزمة من قبل إعلام سعودى، وإنما الرئيس السيسي كشف بنفسه هذا الأمر حينما تحدث قبل أسابيع مضت عن عدم تأكد الاشقاء العرب في جدوى مساعداتهم المالية التى يقدمونها لنا وهو ما يجعلنا نعتمد على أنفسنا في علاج أزمتنا.
 

 

وهكذا.. ليست علاقتنا مع الأشقاء في السعودية كلها توافق، وإنما فيها معه خلافات في الرؤى والمواقف وتنافس أيضا.. وهذا أمر طبيعى، وموجود من قبل أن تندلع الأزمة الاقتصادية.. المهم أن نهتم بما نتوافق عليه ونسعى لتوسيعه وهذا يتحقق بوجود قناعة مشتركة إننا نستفيد من بَعضُنَا البعض وأن قًوة كل منا من قوة الآخر وألا تنال خلافاتنا في الرؤى والمواقف من توافقنا الاستراتيجي، وهذا يقتضى حرصا من قبل الذين يتناولون الآن هذه العلاقة بالكتابة أو القول أو التحليل لآن الكرامة الوطنية لدى المصريين قوية ومهمة جدا.   

الجريدة الرسمية