رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا ينقصنا لنصبح مثل تايلاند أو سنغافورة؟!

هل درست حكومتنا وخصوصًا وزارتي الصحة والسياحة تجارب عالمية ناجحة في السياحة عموما والسياحة العلاجية على وجه الخصوص كتلك التي تحققت في تايلاند أو سنغافورة؛ أليس هذا وقت الحلول من خارج الصندوق.. أليس السياحة الأسرع ضخًا للعملات الأجنبية التي تشتد حاجتنا إليها ولاسيما الدولار الذي ألهب الأسعار وفاقم موجات التضخم بلا رحمة؟!

ماذا يمنعنا من توفير مصحات متخصصة أو مراكز طبية أو مستشفيات حديثة تتوفر فيها تجهيزات طبية متطورة وكوادر بشرية ذات كفاءة عالية كتلك التي تنتشر في جميع دول العالم ولا سيما تايلاند، ناهيك عما نملكه منتجعات سياحية وخدمة تنافسية شجعت أخير السياح الأوربيين على الهروب من برودة بلادهم إلى دفء بلادنا.. ادرسوا تجارب النجاح التي حققتها تايلاند أو سنغافورة أو حتى تركيا في السياحة العلاجية أو حتى دول عربية كالأردن وتونس!

وقد يسأل سائل: كيف صارت دولة بحجم تايلاند مثلًا هي الوجهة الأولى للسياحة العلاجية في العالم؟! والإجابة ببساطة أن تايلاند تمتاز على غيرها من البلدان بانخفاض تكاليف العلاج فيها مقارنة بالدول الغربية، حيث يكلف مبلغًا أقل يتراوح بين 50 و70% من التكلفة في الدول الأوروبية؛ ومن ثم فإن تايلاند يزورها  سنويا ما لا يقل عن 2.4 مليون شخص بهدف العلاج في مستشفياتها ومنتجعاتها الصحية.

تشجيع السياحة العلاجية

لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب تحركت أخيرًا وطالبت بوضع خطة ل تشجيع السياحة العلاجية بمشاركة القطاع الخاص؛ فمثل هذا النوع من السياحة أصبح صناعة مهمة، يتحرك العالم اليوم نحوها بقوة  لتعظيم العوائد منها؛ بحسبانها واحدة من أهم أنواع السياحة في العالم والتي يطلب روادها العلاج أو الاستجمام في المستشفيات والمنتجعات الصحية بأسعار تنافسية.

السياحة العلاجية العالمية تمثل سوقًا ضخمة بلغت في عام 2019 نحو 104.68 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 273.72 مليار دولار بحلول عام 2027، مسجلًا معدل نمو سنوي مركب قدره 12.8% خلال هذه الفترة وفقًا لمنصة "بي آر نيوز واير" (PR News Wire) ؛ وهو ما  دفع النائب خليفة رضوان، لتقديم طلب إحاطة لمجلس النواب بهذا الخصوص الذي اجتمعت في إثره  لجنة الصحة بمجلس النواب لمناقشة قضية السياحة العلاجية؛ بحثًا عن تدفقات سريعة للنقد الأجنبي في شرايين الاقتصاد في ظل ما تزخر به مصر من مواقع علاجية استشفائية يمكنها أن تحدث أثرًا إيجابيًا.

السياحة العلاجية تمثل رافدًا اقتصاديًا مهمًا.. وتنمية هذا القطاع عندنا ليست مسئولية وزارة الصحة وحدها، بل  يشاركها القطاع الخاص في تلك المسئولية، وكذلك وزارة الخارجية التي تضطلع بدور مهم  خاصة في حل مشكلة تأخر التأشيرات، أما وزارة السياحة وتنمية المنشآت السياحية فدورها رئيسي بحسبانها المعنية بجذب السياح وتعظيم عوائد السياحة.

ويبدو طبيعيًا في سياق كهذا أن يطالب الدكتور محمد الوحش وكيل لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب بضرورة تنمية وتأهيل البنية التحتية للسياحة العلاجية، وإزالة المعوقات أمامها للنهوض بها وحتى يكون لدى مصر منظومة متقدمة في هذا الميدان، مشددًا على أهمية مشاركة القطاع الخاص مع الحكومة في هذا المجال، لافتا إلى أن الموضوع يحتاج إلى تكاتف كل الوزارات والمؤسسات والقطاع الخاص ويجلس الجميع على مائدة واحدة لمناقشة كل ما يخص الملف.

وإذا كان عندنا أمهر الأطباء وأكفأ المستشفيات فثمة سؤال يثور: ماذا ينقصنا لبدء تشغيل السياحة العلاجية كمنظومة تنموية كبيرة ينتظر منها أن تحقق قيمة مضافة أكبر..وماذا يعيقها.. ومتى يتم تذليل ما يعترضها من عقبات لتحتل مكانها المنشود..

مثل هذه الأسئلة وغيرها تحاول لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب برئاسة الدكتور أشرف حاتم البحث عن إجابات لها، وبادرت بدعوة الحكومة إلى تقديم خطة بشأن السياحة الصِحية وعرضها على اللجنة التي سوف تعقد بدورها جلسة خاصة تستمع خلالها لوزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة بعد تشكيل لجنة عليا تتولى هذا الملف، وأرجو ألا يطول انتظارنا.. وألا يتعثر الموضوع داخل اللجان.. كما هي طبيعة اللجان!

الجريدة الرسمية