رئيس التحرير
عصام كامل

اللهم..عامًا جديدًا يعيد الابتسامة للبشرية!

ليس أغلى من نعمة الصحة في الحياة؛ فهي أحد أهم أربعة مقومات إذا ملكها الإنسان فكأنما ملك الدنيا كلها؛  الصحة هي أعظم نعم الله على خلقه؛ ولست أقول هذا من عندى بل إنك إن سألت كل من عانى آلام المرض سيقول لك بملء فيه إن الدنيا كلها لا تساوى لحظة ألم وضعف واحتياج واستنزاف الصحة هي خط فاصل بين حياة وموت..

فحين سئل الخليفة هارون الرشيد وهو من هو جاهًا وسلطانًا وملكًا دانت له الدنيا وملك أكثر من نصفها آنذاك؛ فقد دخل ابن السماك على هارون الرشيد الخليفة العباسي يومًا فاستسقى الخليفة، فأُتى بكأس بها ماء فلما أخذها قال ابن السماك: "على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها.. 

قال: بنصف ملكي، قال: اشرب هنأك الله تعالى يا أمير المؤمنين، فلما شربها، قال: أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها، قال: بجميع ملكي، قال ابن السماك: لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء، فبكى هارون الرشيد".. فاعتبروا يا أولي الأبصار!

حقيقة الدنيا


أما حين يتكلم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم  فذلك دستور ومنهاج لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه..ولقد توقفت طويلًا عند قول نبينا الكريم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا"..

تأملت هذه الكلمات فتداعت إلى خاطري أسئلة لم أجد لها إجابة قاطعة شافية.. فإذا كانت هذه هي حقيقة الدنيا فلمَ الصراع والتناحر ولمَ الخلاف والتنازع بين البشر.. ولمَ إخلاف الوعد والكذب لكسب رخيص ونعيم زائل.
الصحة تاج على رءوس الأصحاء.. حكمة توارثناها لكن قليلًا منا يدرك حقيقتها؛ فلا يقدرها إلا من حرم تلك النعمة.. ولهذا ما أحوجنا اليوم  ونحن نستقبل عامًا جديدًا لا ندري ما الله صانع به؛ أن نزيد جرعات الأمل في مواجهة غياهب وسحب الأزمات التي زادات البشرية تعاسة وشقاء..

وكأن من تسبب في تلك المشكلات لم يكفه ما صنعته يد البشر بكوكبنا من فساد أفضى لتغيرات مناخية قاسية جلبت معها شح الموارد بصورة باتت تهدد حياة الكائنات على وجه البسيطة وتنتقص من الحياة الآمنة للأجيال القادة حتى يختلقوا أزمات جديدة تضاعف مأساة الإنسان..

ليتهم أنفقوا ما بددوه من أموال على سباق التسلح والهيمنة على إسعاد البشر وإطعام ملايين الجياع والمشردين بفعل الحروب والنزاعات هنا وهناك.. ليتهم أنفقوا أموالهم على توفير الغذاء والمأوى والدواء لملايين الجائعين والمرضى والفقراء الذين لا يجدون ما يصلح شأنهم في أيام قاسية باردة تضن عليهم بحياة كريمة آدمية.

 


متى تتوقف الحروب.. متى تعود البشرية لرشدها.. متى تنصلح المنظومة الدولية لتحقق نظاما أكثر عدلًا وأمانًا.. متى ترجع البسمة لشفاه البؤساء.. متى تسترد الإنسانية صفاءها ليحيا الإنسان كريمًا آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه.. نرجو للعام الجديد أن تشرق فيه شمس الأمل ويتجدد بالخير والرخاء وحب الحياة.. اللهم..عامًا جديدًا يعيد الابتسامة للبشرية.

الجريدة الرسمية