رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية قطار الساعة الخامسة و27 دقيقة

لا أحد يستطيع أن ينكر أن الدولة تجتهد، وفى ذلك تصرف الملايين بل المليارات من أجل إصلاح ما أفسده الدهر أو أفسد بسبب الفساد الذى كان منتشرا في مفاصل الدولة، ولكن كوني أحد الصحفيين الذين عملوا كمندوبين لصحيفته في وزارة النقل، وأركب يوميا مترو الانفاق، ووسيلتى للسفر المفضلة هى القطار، فإننى أشعر بكل لمسة تحسن، وأيضا أشعر بالعكس تماما، مقدمة طويلة ربما تكون غير مفيدة.

الثلاثاء الماضى سافرت إلى بلدى طنطا، وكان قطار العودة الساعة الخامسة وسبعة وعشرون دقيقة كما هو مكتوب في التذكرة، الرجاء ملاحظة الدقة، الخامسة و27 دقيقة، ولكن مشكورا تأخر القطار ما يقرب من نصف ساعة، قلت في نفسى مش مشكلة، الساعة سابعة تكون في محطة مصر، كان القطار يسير بشكل طبيعى في أغلب الوقت، ولكنه وقف في بركة السبع وهذا يخالف طريقه، ثم بدأت سرعته تختلف، حتى وصلنا إلى قليوب، وقف تماما!

 

أولا: وقف على قضبان أوسط بعيدا عن الرصيف، وبالتالى يمكن للقطارات أن تمر جانبنا سواء المتجهة للقاهرة أو العكس، وحدث أن مر من جانبنا القطار الروسي 24، وجاء من القاهرة ثلاث قطارات متجهة للاسكندرية.

الإشارة حمراء

ثانيا: الكمسري جلس يراجع فلوسه ودفاتره وليس عنده فكرة لماذا توقف القطار، وبعد نصف ساعة جاءت سيدة تحمل جنسية أجنبية تسأله بلغة عربية غير سليمة -مكسر-، عن السبب، فأجابها بكلام غريب، فإذا بها تسأله: هو كلامك ده عربى؟ مما جعلنا نبتسم من الموقف، برر لها الموقف بأى كلام، بعد أن إنصرفت سألته: كلامك اجتهاد ام معلومات؟ نظر لى مستنكرا وقال معلومات! والحقيقة لم تكن معلومات.

 

ثالثا: الأخ أحمد وزوجته من الصعيد، حاجزين في قطار الثامنة، والحجز 330 جنيه، ومرعوبين من ضياع الحجز عليهم، وللأسف الكمسرى لم يفيدهم بشىء، حاولا النزول، الجميع حذرهم، لإنهم سينزولون على قضبان وليس رصيف، والمشكلة الثانية أن محطة قليوب ليست على الطريق الزراعي، وصعب تجد مواصلة للزراعي، ومشكلة ثالثة أن يجد مواصلة يلحق بها القطار، المشكلة الرابعة يجيب منين 330 جنيه تانى منين؟ وجاء الخبر أن قطارات الصعيد تم فيها إلغاء قطار السابعة.

 

رابعا: أسرة من أربعة أفراد حاجزين للصعيد والسفر سيكون للخارج من مطار أعتقد الأقصر، وعدم سفرهم فى قطار الثامنة والنصف يعنى عدم سفرهم للخارج!

 

خامسا: الانتظار اكثر من ساعتين ونصف تسبب في حدوث حالة من القلق بين الركاب تسبب في حدوث مشادات كثيرة بين الركاب وبعضهم أو بين الركاب والكمسرى، حتى تطوع أحد العاملين بالسكة الحديد وكان ضمن الركاب أن يذهب إلى السائق، وكلنا رعب عليه، لأنه سيسير على القضبان وليس رصيف، وعاد بعد عشرة دقائق وقال: السائق لا يعرف شيئا وطالما الاشارة حمراء لن يتحرك! وهنا تطوع أحد العاملين فى القطار وقال: الاشارات من يوم ما أصبحت أرضية وإحنا مش عارفين نعمل معاها ايه؟ الميه بتعطلها!

 

وفى تمام الساعة التاسعة تقريبا أعلن ناظر المحطة أن القطار سيتحرك، وتحرك بعدها تقريبا بربع ساعة ولكنه سار كالسحلفاة، وكنا سعداء، وقلبنا يتوقف كلما توقف، وعندما جاءت محطة شبرا قفزت من القطار، وقفز غيرى كثيرين، لركوب مترو، وحتى تكتمل الصورة، فالمسافة من محطة القطار حتى المترو تكتظ بالباعة البائعين، والمخلفات تملأ الطريق، ومع مياه المطر تحول الطريق إلى ما  يشبه البركة ولا مفر من السير فى المياه والطين الذي يغطى حذاءك، وصلت إلى المترو وقلت أشهد أن لا اله الا الله.

 

 

السؤال الذي يحيرني: لماذا لا يخاطب المسئولين عن السكك الحديدية في أوقات الأزمات الركاب ليوضحوا لهم أسباب المشكلة؟ وفي حالة حدوث مشكلة لماذا لا يتحرك المسئولين لإيجاد حلول بديلة لأصحاب الحالات الطارئة، أليست هذه التصرفات هي ما تحدث في كل بلدان العالم المتقدم؟!

الجريدة الرسمية