رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

جمعية محبى الفنون في عيدها المئوي.. وإهمال الحكومة!

التاريخ ليس مجرد حكايات نتسلى بها، ولكنه كما كتبت مئات المرات هو ذاكرة الأمة، هو المعلم الأول للتقدم بعد دراسته والاستفادة منه، حتى الآن نقف أمام الاهرامات وكل آثار جدودنا قدماء المصريين فخورين وأيضا نتعلم منهم، إن المصريين ليسوا عرقا أو قبليين أو عشائر، ولكنه شعب أول من أقام حدودا للوطن، بل كان المصرى القديم يقسم على أن يحافظ على هذه الحدود، ومن أجل المحافظة على حدوده أدرك أن تأمينها من أبعد نقطة في أقصى بلاد الشام، ومن الجنوب من الحبشة، لم نكن سوى شعب يقدس الحياة، ويحافظ عليها، كان يدرك أن كل مخلوقات الله تكمل منظومة الحياة والجمال على الأرض.

 

فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى اختارت الولايات المتحدة الأمريكية ثلاثة فنانين تشكيليين، من كافة دول العالم، وقع الاختيار على فنان مصر من الثلاثة، هذا الفنان كان الدكتور أحمد نوار، استضافتهم الولايات المتحدة، ولكن من المواقف التى لا أنساها، أن ذكر إنهم فى أمريكا ذهبوا بالوفد أمام مبنى محاط بالجنازير وأمامه أمن، وأخذ المرافق بكل فخر واعتزاز يشرح إن هذا المبنى عمره مائة عام!

أتوقف عند هذا الموقف الذى يؤكد أن هؤلاء الذين لا تاريخ لهم ولا حضارة يحاولون خلق تاريخ من الهواء، ولكن مشكلتهم أننا أحفاد قدماء المصريين الذين علموا العالم، وأصحاب أول حكومة وجيش نظامي، وشعب كان من التحضر والتقدم في وقت كانت الشعوب لاتزال تأكل ورق الشجر. اختلطت كل الأفكار ونحن في جمعية محبى الفنون الجميلة أثناء لقاء مع المفكر الدكتور كمال مغيث، وهو يتحدث بفخر وحب وعشق عن تاريخنا منذ قدماء المصريين.. 

جمعية محبي الفنون

 

يتحدث عن وعى المصري عندما أدرك أن الصحراء هى الموت، والنيل هو الحياة، عن يقين الإنسان المصرى بأن الموت مجرد عتبة إلى الخلود فى الجنة، والجنة التى يتخيلها هى مصر ولكن بصورة أكثر جمالا في الورد والزهور والجمال، يتحدث عن علاقة الإنسان المصرى بالحيوان والطيور، وكان الفلاح يترك أبو قردان بجواره والطير يأمن الفلاح فهم أصدقاء، لهذا أطلق عليه صديق الفلاح..

 

وتحدث عن المرأة المصرية، فلم تكن مجرد أنثى كما يتصور البعض، فقد كانت هى الأصل وهى المركز في الأسرة والحياة المصرية، كانت يدها بيد الرجل، تبنى وتزرع وتجهز الأكل وتذهب إلى الحقل لتقاسمه الطعام، وهذا كان موجود في الريف المصرى إلى سنوات قريبة وفي الصعيد أيضا، الكثير والكثير.

 

وبمناسبة جمعية محبى الفنون الجميلة، فإن هذا الصرح المهضوم حقه يكمل مائة عام على تكوينها، هذه الجمعية التى كانت بمثابة وزارة الثقافة منذ 1922 وحتى تم إنشاء وزارة الثقافة بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، وحتى بعد إنشاء الوزارة ظلت الجمعية في عطائها حتى الآن، بالاضافة إلى أن الجمعية كانت تضم كافة رموز الإبداع المصري في كل مجالات الفنون وكان من أعضائها المؤسس الأمير يوسف كمال، وكان هناك محمد محمود خليل رئيس مجلس الشيوخ وصاحب المتحف الحالى، كان الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى أحد أعضائها.. 

 

وأجيال من الفنانين التشكيليين محمود سعيد، وسعيد الصدر، صلاح طاهر، ورأس مجلس إدارات قامات منهم الدكتور بدر الدين أبوغازى، والفنان صلاح طاهر، وحاليا الدكتور أحمد نوار.. أعود إلى مئوية هذه الجمعية التى تعد الأولى في الشرق الأوسط، ماذا فعلت الحكومة من أجل المئوية التى لا يوجد في أكبر الدول جمعية شبيه لها؟ 

 

لاشىء! الحكومة لم تهتم، ووزارة الثقافة غائبة، وقطاع الفنون التشكيلية يدار بمنطق غريب وخارج نطاق العمل، وطالما الفشلة مستمرون في مواقعهم فلا أمل، جمعية محبى الفنون تعانى من الإهمال من الحكومة، ومن وزارة الثقافة، ولا يمكن إعتبار قطاع الفنون التشكيلية صاحب حيثية لعدم إدراك القائمين عليه بحقيقة دورهم تجاه الجمعية، التى تحملت دور وزارة الثقافة..

 

 

الجمعية التى قدمت صالون القاهرة، والطلائع، والأهم هى مؤسسة متحف الفن المصرى الحديث الموجود في حرم الأوبرا، قطاع الفنون لا يهمه دعم الجمعية، والترحيب بالتعاون معها، قطاع يهم القائمين عليه فقط المحافظة على كراسيهم، وإرتفاع أرصدتهم البنكية، أما مصر والعمل من أجل مصر، فهو أمر ليس في الحسبان، في الوقت الذى يحاول البعض سرقة أو الإدعاء بأن لهم تاريخ، نحن نهدم بايدينا تاريخ حقيقى ودور حقيقى لأقدم جمعية ثقافية في التاريخ وفي الشرق الأوسط!

لا غرابة في إهمال مبنى ماسبيرو الرمز التاريخى ولا غرابة فى رغبة البعض في إغلاق جمعية محبى الفنون الجميلة!

Advertisements
الجريدة الرسمية